محطات نيوز – شهدت المختارة يوما وطنيا واسلاميا جامعا، أقامه رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، بمناسبة افتتاح مسجد الامير شكيب ارسلان، تزامنا مع الذكرى الثالثة لغياب الاميرة مي ارسلان جنبلاط والدة النائب جنبلاط وكريمة “امير البيان”، وذلك برعاية مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وحضوره.
وبينما رأى جنبلاط أن “بناء المسجد إنما يؤكد الإنتماء الإسلامي للموحدين الدروز، وأن الإسلام هو اعتدال وتسامح وتعايش، ومحطة جديدة على طريق الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية، التي تقع علينا جميعا مسؤولية حمايتها”، توقف دريان عند “اكتشاف التخطيط لمحاولة اغتيال جنبلاط”، فتوجه إليه بالقول: “وليد بيك…سلامتك من سلامة الوطن، ومحاولة اغتيالك، عمل إجرامي صرف، يراد به النيل من وحدة اللبنانيين وسلمهم الأهلي، وزعزعة الاستقرار والأمان في لبنان، ويأتي ضمن المؤامرة التي تحاك ضد لبنان وشعبه”، مشددا على أن “الوقوف معا، وإلى خطورة الصورة القاتمة، التي تبدو في الأفق في وطننا لبنان”.
وكان دريان قد وصل ظهرا على رأس وفد كبير ضم: مفتي المناطق وقضاة الشرع وعلماء ومدراء المرافق في مؤسسات دار الفتوى، وسط استقبال حاشد اقيم امام باحة المسجد على الطريق الرئيسي، حيث رفعت اللافتات المرحبة بحضوره، ليستقبله عند المدخل النائب جنبلاط يحيط به نجلاه تيمور واصلان وخالته الاميرة ناظمة ارسلان والنائب طلال ارسلان ورجال دين وأعضاء المجلسين البلدي والاختياري وابناء بلدة المختارة، وصولا الى مكان الاحتفال.
وشارك في الاحتفال النائب علي بزي ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري على رأس وفد، رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة، النائبة بهية الحريري ممثلة الرئيس سعد الحريري، عبد الاله ميقاتي ممثلا الرئيس نجيب ميقاتي، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الاباتي سعد نمر، ممثل نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، وزيرا الزراعة اكرم شهيب والصحة العامة وائل ابو فاعور، النواب: دوري شمعون، جورج عدوان، محمد الحجار، نعمة طعمة، ايلي عون، علاء ترو، مروان حمادة، هنري حلو، غازي العريضي، فؤاد السعد وانطوان سعد، الوزراء والنواب السابقون: ايمن شقير، فيصل الصايغ، صلاح الحركة، غطاس خوري، زاهر الخطيب، خالد قباني وممثل عن ناجي البستاني.
كما حضر المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، توفيق سلطان، النائب العام للرهبانية المخلصية رئيس دير المخلص الارشمندريت نبيل واكيم ممثلا الرئيس العام للرهبانية الارشمندريت انطوان ذيب، الشيخ حسين شحاذة ممثلا السيد علي فضل الله، رئيس المحاكم الدرزية القاضي فيصل ناصر الدين وقضاة المذهب الدرزي ورؤساء لجان واعضاء المجلس المذهبي، رئيس مؤسسة “العرفان” الشيخ علي زين الدين على رأس وفد من المشايخ والمدير العام للمؤسسة الشيخ نزيه رافع.
وحضر أيضا امين السر العام للحزب “التقدمي الاشتراكي” ظافر ناصر وأعضاء مجلس القيادة والمفوضين ووكلاء الداخلية والكشاف التقدمي، الذي تولى التنظيم، وحشد من الشخصيات الامنية والعسكرية والفاعليات النقابية والاجتماعية ورؤساء اتحادات البلديات والمخاتير ورؤساء البلديات في اقليم الخروب والشوف الاعلى.
جنبلاط
بداية، آيات من الذكر الحكيم، تلاها الدكتور محمد البيلي ابراهيم، فالنشيد الوطني استهلالا، ثم القى النائب جنبلاط كلمة، فقال: “ثلاث سنوات مرت على رحيل صاحبة الدار، دار المختارة، الذي عادت إليه بعد استشهاد المعلم كمال جنبلاط سنة 1977، فكانت الحارس المؤتمن على التاريخ والتراث والمصير”.
اضاف “لقد تمتعت بالرأي الثاقب والصريح، فحمت المختارة في أقسى الظروف السياسية والعسكرية، وقفت إلى جانبي ولم تتوان عن تقديم النصيحة السديدة وتصحيحِ هفواتي عند اقتضاء الأمر. من خلالها، صمدت المختارة في مواجهة الأعاصير”.
وتابع “آمنت بحرية الشعوب، رافضة الاستعمار بأي شكل، وفي طليعتها شعب الجزائر وشعب فلسطين، فسارت على خطى الأمير شكيب، أذكر غضبها واستنكارها لخطف واغتيال المناضل العربي الكبير المهدي بن بركة. وآمنت بتحريرِ المرأة من القيود الإجتماعية والفكرية التي تكبلها، ورفضت سجنها في إطار من الموروثات القديمة التي تعيق قدرتها على تأدية دورها في المجتمع بعيدا عن التقوقع والإنغلاق”.
وقال: “في لحظة من لحظات الصفاء النادرة بعيدا عن موجات الألم في المستشفى، قالت لي: لا أريد أن أسمع عن هذا العالم العربي، الذي بات مليئا بالمجرمين والقتلة، محذرة من مخاطر استغلال الدين، مدركة درجة التخلف الفكري الذي وصلنا اليه”.
أضاف “وإنني أرى أن نظرة مي جنبلاط إلى الحداثة، مبينة على الأسس التي وضعها في منظومته الفكرية والدها الراحل الأمير شكيب أرسلان، وهو أحد كبارِ المفكرين في الحداثة الإسلامية، وصاحب نهج انفتاحي إذ دعا بصراحة للاستفادة من تجارب الغرب إنطلاقا من فهمه العميق للتحديات، التي تواجه الإسلام، وقد عبر عنها بصراحة ومسؤولية، وعلى طريقته، في كتابه الشهير: “لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟. ولهذه العوامل مجتمعة، قررت إعادة بناء مسجد المختارة تكريما لذكراها ولسيرة الأمير شكيب أرسلان”.
وأكد أن “التطورات التي شهدها ويشهدها العالم، من خلال تخطي الإرهاب لحدود الدول والقارات تجعل من مسألة تجديد الفهم الديني للوقائع المتسارعة مسألة حتمية لا تحتمل النقاش والتأويل. وهذه مسؤولية جماعية سيولد تأخيرها مفاعيل سلبية على كل المستويات”، معتبرا أن “بناء هذا المسجد في الجبل، في الشوف، في المختارة إنما يؤكد الإنتماء الإسلامي للموحدين الدروز”، متوجها إلى دريان بالقول: “لذلك أقدر عاليا رعايتكم واحتضانكم لهذا الحدث يا سماحة المفتي. إن مشاركتكم معنا في هذا اللقاء الوطني والإسلامي الجامع بمناسبة افتتاح مسجد الأمير شكيب أرسلان، أتت للتأكيد أن الإسلام هو اعتدال وتسامح وتعايش. وزيارتكم إلى المختارة اليوم، محطة جديدة على طريق الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية، التي تقع علينا جميعا مسؤولية حمايتها”.
وشكر بإسمه وبإسم “نسيبي الأمير طلال أرسلان وإسم خالتي الأميرة ناظمة أرسلان جميع المشاركين في هذا اللقاء التاريخي المميز”، متوجها بالتحية إلى “جميع الأطباء والفريق التمريضي، الذين أشرفوا على علاج والدتي الراحلة بكفاءة مشهودة، وبذلوا كل الجهود الممكنة والمستطاعة، وواكبوها حتى اللحظة الأخيرة، فلهم التحية والتقدير”.
وختم منوها ب”جهود المهندسين: مكرم القاضي وزياد جمال الدين، اللذين وضعا تصاميم هذا الجامع وميزاه بكلمة الإنسانِ، فالإنسان هو محور هذا الكونِ، وجميعنا أخوة في الإنسانية، مهما تنوعت معتقداتنا ومفاهيمنا الدينية أو السياسية أو الإجتماعية”.
دريان
ثم تحدث دريان، فقال: “نلتقي وإياكم اليوم في رحاب بلدة المختارة وفي رحاب قصرها، عرين المعلم كمال جنبلاط بدعوة كريمة من الزعيم الوطني وليد بك جنبلاط في ذكرى رحيل والدته (الأميرة مي ابنة الأمير شكيب أرسلان)، تكريما لها، واحتفاء بإعادة بناء وافتتاح مسجد المختارة عن روحها الطاهرة، والذي أطلق عليه اسم: مسجد الأمير شكيب أرسلان”.
أضاف: “منذ العقدين الأولين للقرن العشرين، كان لقب أمير البيان قد صار ملازما للأمير شكيب أرسلان. والبيان، يتناول الشعر والنثر، كما يتناول القدرة على التصرف في الفنون الأدبية والتاريخية، خطابة وكتابة وترسلا وتأليفا، ولكن منذ عشرينيات القرن العشرين وثلاثينياته، كان أمير البيان قد صار علما كبيرا في مجالات النضال، من أجل الاستقلال العربي، والنهوض والإصلاح الإسلامي. وعندما توفاه الله عام 1946 بعد شهور على عودته من المنفى الذي استمر حوالى الثلاثة عقود، كان يساوره ارتياح عميق للاستقلالات التي توالت في لبنان وسوريا، ومصر والعراق والمغرب، ويسايره في الوقت نفسه قلق عميق، لأن الوحدة العربية لم تتحقق، ولأن المشهد في فلسطين ما كان يبعث على الاطمئنان”.
وتابع: “في العام 1916 ذهب الأمير شكيب للقتال في ليبيا ضد الغزو الإيطالي. وفي العام 1925 ناضل بالكتابة والتوعية، والدعم السياسي والمادي، إلى جانب الثورة السورية، وفي ما بين العامين 1926 و1929 ثابر على دعم ثورة الريف المغربي، بقيادة الأمير عبد الكريم الخطابي. وفي العام 1936 ناصر الثورة الفلسطينية على الاستعمار البريطاني، والاجتياح الصهيوني. ولعل أحدا في تاريخ العرب الحديث، ما استعمل الصحافة والتأليف والعلاقات السياسية، بقدر ما استعملها الأمير شكيب أرسلان، من أجل استقلال العرب وحرياتهم، ومن أجل اجتراح مشهد آخر للإسلام، في معركة النهوض الحضاري والثقافي”.
وقال: “إن هذين الملفين، ملف الاستقلال العربي، وملف النهوض العربي والإسلامي، لا يزالان يمتلكان أولوية في الوعي والواقع، وسط هذا المخاض الهائل، الذي تشهده المنطقة والأمة في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين. وهذان الأمران، كانا في وعي الأمير شكيب أرسلان وعمله، منذ طروحاته الواسعة في (حاضر العالم الإسلامي)، (ولماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟)، وإلى سائر مؤلفاته وكتاباته طوال أربعين عاما. ومن أجل ذلك، استحق أمير البيان، هذا التقدير الكبير، الذي توارثته أربعة أجيال من مثقفي العرب، وأهل الرأي فيهم. ومن أجل ذلك كله، لم يكن الأمير شكيب أرسلان مجرد زائد واحد، إلى الأمراء الأرسلانيين، أو إلى الأمراء العرب. بل كان أميرا من أمراء الإسلام أيضا وقبل كل شيء وكان اسمه أنشودة يرددها مسلمو الشرق والغرب”.
أضاف: “تعرفه شعوب المغرب العربي صوتا عاليا، دفاعا عن حرياتها ضد الاستعمار الذي كانت تعانيه. ويعده إخواننا في دول المغرب العربي ملهما لثوراتهم التحررية ضد الاحتلالين الإسباني والفرنسي. فكان من خلال كتاباته الصحافية في أوروبا، وفي سويسرا تحديدا، ومن خلال اتصالاته السياسية الوثيقة والواسعة، يدافع عن حقوق المسلمين وعن حرياتهم، حتى أصبح قدوة ومثلا أعلى للقيادات الوطنية العربية، التي حملت مشعل تحرير أوطانها. ولا يزال اسمه حتى اليوم، محفورا في ذاكرة الأجيال الجديدة، مرجعا إسلاميا، وبطلا قوميا، وقدوة في الإخلاص والتفاني. ومنذ أن أجاب سيد البيان، رحمه الله تعالى، عن سؤال لقارئ إندونيسي من قراء مجلة المنار، فإن جوابه لا يزال حتى اليوم، موضع اهتمام العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه. فقد سأل القارئ الإندونيسي: لماذا تقدم الغرب وتأخر المسلمون؟ وأجاب الأمير شكيب أرسلان عن السؤال، في دراسة موسعة، نشرت أولا في المجلة، ثم في كتيب خاص. ولا يزال الجواب صالحا اليوم كما كان بالأمس. ذلك أن الأمير شكيب أرسلان، كان مؤمنا صادقا، ومثقفا واعيا، ومناضلا مخلصا، وقف حياته للدفاع عن القضايا الإسلامية والعربية، في المحافل الدولية، وكان بثقافته الواسعة، على معرفة بخفايا لعبة الأمم، والعلاقات بين الدول. وقد أقام صداقات مع العديد من كبار المفكرين، وأصحاب الرؤى في المجتمعات الغربية، ووظف تلك العلاقات في خدمة المسلمين والعرب”.
وأردف: “ونظرا لترفعه عن الطموحات والمصالح الشخصية، فقد كان يتمتع بجرأة في تحليل أوضاع العالم الإسلامي، كما كان يتمتع برؤيا نورانية، تجسدت في التحليل العلمي الذي تضمنه جوابه، حول كيفية الخروج من نفق التأخر إلى رحابة التقدم والرقي. وهو ما تحتاج إليه اليوم مجتمعاتنا التي تعاني الانغلاق والتعصب، والجهل والتطرف. وعندما انتقل الأمير شكيب أرسلان إلى رحمة الله، نعاه مسلمو الشرق والغرب. وفقدت الأمة الإسلامية بوفاته مؤمنا صادقا، ومناضلا مخلصا، وقياديا مترفعا عن مكاسب الدنيا الفانية، وركنا من أركان نهضتها. وقد صلي عليه في المسجد العمري الكبير في بيروت، كما تليت صلوات الغائب عن روحه في مساجد المسلمين، في العديد من دول آسيا، وشمال إفريقيا، وكأنه واحد من كبار رجالاتها”.
قال: “كم نفتقد الأمير شكيب اليوم، رحمه الله، في فكره ونهجه وإخلاصه. لقد حمل لواء الإسلام في الغرب، الذي يشوه صورته اليوم متطرفون، يمارسون تطرفهم بالعنف والإرهاب، وحمل لواء الحرية والسيادة الوطنية في الشرق، الذي يعاني اليوم خطر الاستبداد والتشرذم والتفتيت. كما حمل لواء العروبة هوية قومية، وهي الهوية الجامعة التي تحاول سيوف الإرهابيين اليوم نحرها أو إحراقها في قفص حديدي من الجهل والعصبية العمياء”.
أضاف: “لقد أتينا اليوم إلى الحاضرة المختارة إذا لثلاثة أسباب: أولها: تجديد ذكرى عمل شكيب أرسلان ونضاله، في سبيل النهوض العربي والإسلامي، من خلال المسجد الجميل، الذي أقامه الأستاذ وليد جنبلاط، لذكرى جده لأمه، تعبيرا عن التقدير، وعن الإيمان برسالة النهوض والتقدم العربي. وثانيها: الاحتفاء باللقاء بين فرعي هذه الدوحة الباسقة من آل جنبلاط، من خلال اقتران كمال فؤاد جنبلاط، بالسيدة مي شكيب أرسلان، لتستمر وتزدهر دوحة مجد بني معروف، بوليد بك جنبلاط وأنجاله، وبالأمير طلال أرسلان، وليظل عبق العراقة ممتزجا بعبق المهمة والرسالة، رسالة النهوض العربي، ورسالة الإسلام الشاسع والمستنيرة. أما السبب الثالث لهذا الحضور الكبير اليوم، فهو تجديد العهد وتجديد الأمل، وتجديد النضال من أجل المهمة الكبرى التي عاش من أجلها شكيب أرسلان، واستشهد من أجلها المعلم كمال جنبلاط، ونتشارك نحن جميعا، إلى جانب وليد بك جنبلاط في استمرار الإيمان بها، وهي مهمة العرب والعروبة والحرية. فلا حرية بدون انتماء، ولا انتماء بدون حرية. لقد ربانا عليهما- أعني العروبة والحرية- آباؤنا، ونربي عليهما أبناءنا، وليس باعتبارهما عبئا يثقل الكواهل، بل باعتبارهما شرطي وجود، وشرطي دخول إلى إنسانية الإنسان”.
وتابع: “إننا نشهد تغولا على ديارنا وأدياننا وانتمائنا العربي، وإنساننا الذي يحمل هذه القيم والمعاني جميعا. مرة نهجر ونقتل لأننا إرهابيون. ومرة نهجر ونقتل لأننا عرب. ومرة نهجر ونقتل لأننا مسلمون. ومرة يهجر ويقتل المسيحيون لأنهم مسيحيون. ونحن كنا وسنبقى عربا مسلمين ومسيحيين، ما بقيت كنيسة المختارة، وما بقي مسجدها. سمعت الشهيد المعلم كمال جنبلاط عام 1977، وقبل مقتله بثلاثة شهور أو أربعة، يقول للمفتي الشهيد حسن خالد، كان خالد بن الوليد يقول: اطلبوا الموت توهب لكم الحياة، وأنا أقول، (يعني المعلم كمال جنبلاط): نبقى معا فتكون وحدتنا قيامتنا”.
أضاف: “سنبقى معا يا وليد بك كما كنا دائما، لأن وطننا واحد، ولأن انتماءنا واحد، ولأن أمتنا واحدة، وقبل ذلك وبعده، لأن حريتنا واحدة، والحرية نسب بين أهلها. من هنا، ننبه إلى خطورة الصورة القاتمة التي تبدو في الأفق في وطننا لبنان. فلغة الحوار معلقة، والمجلس النيابي معطل، والحكومة مشلولة، وجلسات انتخاب رئيس للجمهورية، من تأجيل إلى تأجيل، ورغم كل هذه السوداوية، لن نتخلى عن إيماننا بالله القادر على تغيير مسار الأمور، وان الظلام بلا جدال سينبلج عنه صبح منير، وان العسر يعقبه اليسر، وان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. من منبر المختارة، نعول على حكمة القيادات السياسية، ومساعي المخلصين، ودعاء رؤساء الطوائف اللبنانية، أن تنفرج أزمتنا السياسية، بانتخاب رئيس للجمهورية، فالتأخير بعد اليوم انتحار، والى متى الانتظار، حتى انهيار الدولة ومؤسساتها بالكامل؟ أما الحوار الوطني المعلق، فنأمل من القادة السياسيين التفاهم لتنطلق عجلته من جديد، لأن هذا مطلب اللبنانيين جميعا. وحكومتنا ينبغي أن تبقى صامدة صابرة، وأن تعمل جاهدة لاستئناف جلساتها بحضور جميع وزرائها رأفة بلبنان واللبنانيين”.
وتابع: “وليد بك، سلامتك من سلامة الوطن. ومحاولة اغتيالك عمل إجرامي صرف، يراد به النيل من وحدة اللبنانيين وسلمهم الأهلي، وزعزعة الاستقرار والأمان في لبنان، ويأتي ضمن المؤامرة التي تحاك ضد لبنان وشعبه. حبيبك يا وليد بك، وحبيبنا الرئيس سعد الحريري، وصف بالأمس خبر استهدافك بالمخطط الإجرامي، ونحن معه، نعد استهدافك استهدافا للوطن. والرئيس الحريري يخاف عليك كما يخاف على الوطن، فأنت رفيق المسيرة، ورفيق رفيق الشهيد، الرئيس رفيق الحريري رحمه الله تعالى، وستبقى بإذن الله، وسيبقى لبنان سيدا حرا عربيا مستقلا”.
وختم دريان: “إننا بافتتاح مسجد الأمير شكيب أرسلان في المختارة، الذي أسس على التقوى إن شاء الله، نرفع راية الإسلام السمح المعتدل، التي رفعها الأمير شكيب أرسلان رحمه الله، ونرفع راية العروبة الجامعة، التي كان الأمير شكيب رائدا من روادها، وركنا من أركانها. وبذلك نأمل في أن تتعزز وحدة المسلمين ووحدة اللبنانيين، ليكون لبنان، نموذجا يحتذى في العيش الأخوي والوطني المشترك، وليكون قدوة صالحة، تبدد غيوم التفرقة والعصبية التي تخيم فوق ربوع بعض أقطارنا العربية الشقيقة. رحم الله الأمير شكيب أرسلان، على كل ما أعطى وقدم؛ وأجزى الله وليد جنبلاط كل خير لبناء هذا المسجد، الذي يحمل اسم أحد كبار رواد النهضة الإسلامية والقومية، التزاما منه بمواصلة المسيرة الجنبلاطية الأرسلانية، في الدفاع عن قيم الإسلام السمح، والعروبة الصافية. تحية لأهل المختارة الكرام، أهل هذه القلعة الوطنية التاريخية، الوفية لقوميتها ولوطنها”.
وأقام جنبلاط غداء على شرف دريان.