محطات نيوز- كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : تتجّه الأنظار الى القصر الجمهوري بعد ظهر اليوم، حيث سيشهد لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، تناقضت المعلومات حول ما سيؤدي اليه بالنسبة الى مصير الحكومة العتيدة المتعثرة الولادة منذ اسابيع، خصوصاً في ضوء زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المقرّرة للبنان قبيل عيد الميلاد، وانطلاق حراك للاتحاد الاوروبي اليوم، يستهدف تزخيم المبادرة الفرنسية ودعمها، وربما تحويلها مبادرة أوروبية اذا دعت الحاجة. فيما تحدثت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” عن “خرق إيجابي محتمل” في ملف التأليف الحكومي قبيل زيارة ماكرون او بالتزامن معها.
تأكّد المراقبون من الاعلان عن زيارة الحريري لعون اليوم، نضوج الإتصالات الجارية في الكواليس المحلية والدولية، بحيث سيترجم اعادة تحريك لملف تشكيل الحكومة في اتجاه ايجابي.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّ الحريري اتصل بعون بعد ظهر السبت، طالباً لقاء معه، فتحدّد موعده الرابعة والنصف بعد ظهر اليوم، على ان يُستأنف خلاله البحث في تأليف الحكومة. وقد اكّدت مصادر بعبدا لـالجمهورية” هذه المعلومات، لافتة الى انّ رئيس الجمهورية ينتظر ما سيحمله الحريري من صيغ حكومية، استكمالاً للمشاورات السابقة التي جُمّدت منذ ثلاثة اسابيع تقريباً. وقالت المصادر، انّها لم تطّلع بعد على مضمون زيارة الحريري، بما فيها التوليفة الحكومية التي تحدث عنها كثيرون، قبل ان يتبلّغ رئيس الجمهورية ما يدلّ الى شكلها ومضمونها بالأسماء والحقائب. وإستغربت المصادر حديث البعض عن رفض رئيس الجمهورية المسبق للصيغة الحريرية. ورأت في مثل هذه التوقعات الجازمة ”استباقاً لما لم يحصل بعد، وما يمكن ان يحمله الرئيس المكلّف الى القصر الجمهوري”.
صيغة الحريري
وفي ظلّ الصمت الذي يلتزمه “بيت الوسط”، كشفت المصادر العاملة على خط الوساطات لـ”الجمهورية”، انّ الحريري سيحمل اليوم صيغة حكومية تلتزم ما قالت به المبادرة الفرنسية، وتأخذ في الإعتبار ملاحظات رئيس الجمهورية، وحصيلة المشاورات السابقة التي تحدثت عن حكومة خالية من الحزبيين، وتعتمد اختصاصيين يشكّلون فريق عمل متضامناً، يتمكن من صياغة الحلول للمرحلة المقبلة وفق خريطة الطريق الفرنسية، التي تقود الى الاصلاحات التي تعهّد بها لبنان، تمهيداً للتوجّه الى مصادر التمويل والدول والحكومات المانحة، وخصوصاً صندوق النقد الدولي الذي ينتظر موقفاً لبنانياً ًموحّداً من بعض العناوين المالية المعروفة، وابرزها توحيد الخسائر في القطاع المصرفي ومصرف لبنان، لإطلاق مفاوضات تؤدي الى دعم لبنان وفق المعايير التي علينا توفيرها، لملاقاة الحراك الدولي القائم على اكثر من مستوى فرنسي واوروبي واممي.
الحريري ورؤساء الحكومات
وكشفت المصادر لـ”الجمهورية”، انّ تحرك الحريري في اتجاه بعبدا، كان موضوع نقاش في لقاء جمعه ليل الجمعة الماضي مع رئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وغاب عنه الرئيس نجيب ميقاتي لوجوده في لندن منذ ايام، حيث اطلعهما على مبادرته تجاه بعبدا، في محاولة لكسر الجمود القائم والسعي الى تحريك العملية السياسية التي تحتاجها البلاد، في مرحلة اقترب فيها الإنفجار الاجتماعي وربما الأمني من محطته القريبة.
لا تفاؤل بخرق واسع
وفي سياق متصل، وفيما ترصد الرادارات السياسية حركة الحريري في الساعات المقبلة، على وقع توقعات بأن يزور عون حاملاً مشروع تشكيلة من 18 وزيراً، او اقتراحات لمعالجة العِقد التي لا تزال تعرقل ولادة الحكومة، أبلغت مصادر مطلعة الى “الجمهورية”، عدم تفاؤلها كثيراً بإمكان إحداث خرق واسع وردم الهوة بين عون والحريري، الّا اذا حسم الرئيس المكلّف أمره، وقرّر ان يُحدث انعطافة إيجابية في طريقة مقاربته لمعايير التأليف.
ولفتت المصادر، إلى “أنّ مشكلة الحريري تكمن في المعادلة الآتية: لا حكومة من دون “حزب الله” ربطاً بالتوازنات الداخلية، ولا حكومة معه خوفاً من العقوبات الأميركية”. واشارت إلى “أنّ الأسابيع التي تفصل عن التسليم والتسلّم بين دونالد ترامب وجو بايدن هي في غاية الخطورة، خصوصاً وانّ ترامب يحاول ان يترك خلفه منطقة ملتهبة، حتى يعقّد الأمور أمام بايدن ولا يترك له مجالاً للعودة الى الاتفاق النووي مع ايران.
ونبّهت المصادر، إلى أنّ هذا الوضع المعقّد ينعكس سلباً على لبنان، كونه يشكّل جزءًا لا يتجزأ من الواقع الإقليمي، وإحدى ساحات الضغط على طهران، عبر محاولة تضييق الخناق على “حزب الله”.
لماذا تضييع الوقت؟
والى ذلك، قالت اوساط متابعة لمسار تأليف الحكومة لـ”الجمهورية”، انّه “إذا كان تأليف حكومة من اختصاصيين مستقلّين متعذراً، فلماذا تضييع الوقت والفرص والانتظار، بدلاً من الاتفاق على أسماء توحي الثقة وتكون متجانسة وقادرة على الإنتاج، خصوصاً وانّها ستكون بالتأكيد أفضل من الفراغ، فتضع الخطط اللازمة لمواجهة الأزمة المالية، إن بإقرار رزمة الإصلاحات المطلوبة، أو بفتح قنوات التواصل مع المجتمع الدولي”.
وقالت هذه الأوساط باللغة العامية، “لو بدّا تشتي كانت غيّمت”، وذلك في إشارة إلى الانتظار غير المجدي وغير المفهوم، حيث انّ ”المكتوب يُقرأ من عنوانه”، فلو كانت الأكثرية في وارد التراجع عن شروطها في تسمية الوزراء لتراجعت، وأما وانّها لم تتراجع، فلم يبق أمام الرئيس المكلّف سوى الاعتذار او التأليف بالاتفاق مع الأكثرية على تشكيلة توحي بالقدر المطلوب من الثقة للداخل والخارج، وأي حكومة ستكون أفضل من الفراغ، كما أنّ أي حكومة سيشكّل تأليفها ارتياحاً، وستمنح الفرصة اللازمة ليتبيّن خيرها من شرّها”.
ورفضت الأوساط نفسها مقولة انتظار دخول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض “لأنّ اي ربط للتأليف بالعوامل الخارجية سيُبقي الوضع الداخلي معلّقاً على تطورات الخارج المعقّدة. ومن قال أساساً انّ الإدارة الأميركية الجديدة ستتفرّغ لملف المنطقة ومن ضمنها لبنان أوّل دخولها الى البيت الأبيض، فيما الوضع اللبناني لا يتحمّل الانتظار ويستدعي الإسراع في تأليف الحكومة؟”.
ورأت الأوساط، “انّ ميزان القوى القائم لا يسمح للرئيس المكلّف أن يشكّل حكومة من دون الأخذ بوجهة نظر العهد و”الثنائي الشيعي”، وأنّ الاتكاء على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من دون التفاهم مع الفريق الحاكم لا ينفع، والدليل، انّ المبادرة الفرنسية في حلّتها الأولى أُجهضت بسبب عدم أخذها ميزان القوى في الاعتبار”. ودعت الأوساط الرئيس المكلّف إلى “التمييز بين تشكيل الحكومة، التي لا يمكن ان يؤلفها من دون التفاهم مع الأكثرية، وبين قدرة الحكومة على العمل والإنجاز، الأمر الذي يتوقف على انتزاع التعهدات من الأكثرية بأنّ الحكومة لن تكون حلبة للنزاعات، إنما ورشة للإنقاذ، وانّ هذه الحكومة ستكون الفرصة الأخيرة للجميع، ومن الخطيئة تفويت هذه الفرصة”. وكذلك دعت هذه الأوساط الحريري إلى “الإقدام وتقديم تشكيلته لرئيس الجمهورية، وان يُصار إلى تأليف الحكومة قبل الزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي اواخر الشهر الحالي، فتكون هدية للبنانيين من جهة، وتأتي تتويجاً لزيارة ماكرون للبنان من جهة ثانية، فيأخذها الرئيس الفرنسي على عاتقه مثلما يأخذ لبنان على عاتقه”.
وفد البرلمان الاوروبي
وعلى وقع المبادرة الفرنسية التي تتعثر بين محطة وأخرى، كشفت مصادر ديبلوماسية اوروبية مطلعة لـ “الجمهورية”، عن وصول وفد من النواب الفرنسيين في البرلمان الأوروبي الى بيروت خلال الساعات الماضية، بغية إستطلاع التطورات وما آلت اليه المبادرة الفرنسية وما يمكن القيام به في المرحلة المقبلة، خصوصاً انّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سيزور لبنان قبل عيد الميلاد بأيام.
وعلمت “الجمهورية”، انّ الوفد النيابي الاوروبي الذي يضمّ النائبين الفرنسيين تييري مارياني وجان لين لاكابيل، سيستهلان جولتهما على المسؤولين اللبنانيين الكبار بلقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ظهر اليوم، للاطلاع على الظروف التي تعيشها البلاد، بعد التردّد في تطبيق المبادرة الفرنسية والخطوات التي لم تُنفذ منذ اطلاقها في الاول من ايلول الماضي.
وفي معلومات لـ”الجمهورية”، انّ هذه الزيارة تأتي في وقت اطلق الاتحاد الاوروبي آلية عمل خاصة بالأزمة اللبنانية، لتزخيم المبادرة الفرنسية وربما دعمها وتحويلها مبادرة أوروبية اذا دعت الحاجة الى ذلك. ففرنسا سترأس مجموعة الاتحاد قريباً، ولا بدّ من التحضير لمبادرة ما، يمكن التوصل اليها في وقت قريب، لإطلاق العملية السياسية في لبنان وفق خريطة الطريق التي رُسمت سابقاً.
لودريان ونظراؤه الاوروبيون
واستعداداً لهذه المحطة التي يجري التحضير لها، قالت المصادر، انّ بروكسل ستشهد اليوم بحثاً معمقاً في الازمة اللبنانية، خلال الاجتماع المقرّر على مستوى وزراء خارجية الدول الاوروبية، بدعوة من وزير الخارجية الفرنسية جان لوي لودريان، الذي سيطلع نظراءه الاوروبيين على ما آلت اليه المبادرة الفرنسية في لبنان، والمعوقات التي حالت دون انطلاقها في المراحل الاولى التي قالت بها، بعد مرور ثلاثة اشهر على زيارة ماكرون الاولى للبنان.