محطات نيوز- على هامش سجالات الملف الحكومي بين فريقي رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، يقف “حزب الله”، وهو الفريق الأبرز في الساحة السياسية، على الحياد.
“حزب الله”، إما من خلال تصريحات مسؤولة أو عبر التسريبات، يُشدد على موقفين، الأول هو الدعوة للإسراع في تشكيل الحكومة لإنقاذ البلاد من الانهيار. وهذا الموقف بات ثابتاً ومُكرراً، لا بل يزداد حدة مع الوقت. عضو المجلس السياسي للحزب محمود قماطي أكد يوم أمس “موقف حزب الله الثابت والدائم بضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة”. وفقاً لقماطي، “حزب الله يريد تشكيل هذه الحكومة بأسرع وقت ممكن، وهو من أكثر القوى المسهلة لتشكيل هذه الحكومة، بما يخصه والآخرين، ويُحاول أن يذلل العقبات بقدر الامكان لأن وضع الشعب اللبناني في حالة يُرثى لها في ظل الجوع والوجع والاقتصاد”. وبما أن “الانهيار أصبح قاب قوسين أو أدنى”، يُمثل “وجود حكومة انقاذاً للبلد، ولا بد من ذلك بأسرع وقت”.
بالنسبة إلى التنظيم، الانهيار وشيك في حال لم تُشكل الحكومة في اطار المبادرة الفرنسية. لا يريد الحزب الوصول الى هذه المرحلة، بغض النظر عن أي حسابات أخرى، ذاك أن الانهيار يؤسس لمسارات أمنية وشعبية وسياسية من الصعب التنبؤ بمآلاتها.
الموقف الثاني للتنظيم هو عدم التدخل في مشاورات التأليف، وتحديداً في الخلاف الدائر بين الحريري وباسيل حول حصته الحكومية. لن يُساند الحزب حليفه التيار الوطني الحر، بل الأرجح أن يُواصل التعبير عن امتعاضه حيال التأخر في التشكيل، لما يحمل ذلك من مخاطر على البلد، في ظل ارتفاع سعر الدولار وانهيار منظومة الدعم. هذا الموقف، بحسب التسريبات، كان محور الاتصال بين الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله وجبران باسيل أخيراً، إذ أن التنظيم لا يخرج الى العلن في انتقاد عون وصهره، لكنه واضح في طلبه الإسراع في التشكيل.
ومن الضروري هنا الإشارة الى مسألتين، الأولى تتعلق بأهمية هذا النزاع لباسيل، والثانية بموقف الحزب منه. في الأولى، في حال تنازل باسيل لمصلحة الحريري، وقَبِلَ بالقليل المعروض عليه نسبة لحصته، ووافق على التخلي عن وزارة الطاقة (بلا مقابل يُذكر)، سيُمثل ذلك صفعة على مستويين. أولاً، سيخسر باسيل أوراق المساومة في الانتخابات الرئاسية. بماذا سيُساوم باسيل إن لم يكن لديه الثلث المعطل ووزارات مثل الداخلية والعدل، تُتيح له فتح ملفات لخصومه في السياسة أو لمن يُعرقل وصوله للرئاسة؟ ذاك أننا أمام فريق سياسي يمتهن العرقلة لتحقيق أهدافه وطموحاته.
وأمام باسيل مُفاضلة صعبة بين أن يكون مسؤولاً عن الانهيار نتيجة العرقلة، مقابل الحفاظ على مكتسباته في النظام، وبين القبول بالهزيمة مبكراً. والخيار الأول مقامرة بالوقت الضيق، وبردات الفعل في الشارع.
المسألة الثانية هي أن خسارة “التيار الوطني الحر” لحقيبة الطاقة، وفي ظل الاهتمام الخارجي بالاستثمار في هذا القطاع بعيداً عن الهيمنة العونية، ستُؤدي حتماً الى كشف الفشل في أداء باسيل ووزرائه في هذه الحقيبة على مدى 12 عاماً. الانتقال في قطاع الطاقة الى الفاعلية وتوفير الكهرباء، لن ينعكس الا سلباً على رئيس التيار.
في نهاية المطاف، لا يرى باسيل في تشكيل الحكومة مجرد محطة وزارية أخرى، بل هي معركة وجودية له. في مواجهته، يبرز تكتل من الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير السابق وليد جنبلاط، يريد سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. و”حزب الله” قد لا يكون بعيداً عن ذلك. والأرجح أن الحزب ليس بعيداً كذلك عن معارك الحريري مع الصهر الرئاسي. وكلما يزداد الضغط ويتعمق الخلاف، ستتضح هذه الصورة أكثر فأكثر.