محطات نيوز – عقد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مؤتمرا صحافيا في مبنى الوزارة في قصر بسترس، تناول فيه “إعلان بعبدا” ومحادثات جنيف والوضع في اليمن.
وقال: “أردنا عقد هذا المؤتمر الصحافي لانه تبين لنا انه في جلسة مجلس الوزراء بالأمس لم تكن هناك قراءة او متابعة واحدة للأحداث التي حصلت، في مواضيع اليمن ومؤتمر حقوق الانسان الذي عقد في جنيف، وبيان بعبدا، وعلى هذا الاساس أردنا ان نوضح بعض الأمور. اولا نحن نعتمد في سياستنا الخارجية معيارا واحدا، هو مصلحة لبنان واللبنانيين. ثانيا، هناك أمور كثيرة مبدئية تتعلق بالقانون الدولي، أو بمصالح لبنان، إنما الشيء الأساسي الذي يتعلق باستقلالية سياستنا الخارجية، وهو التعبير الأعز على قلبنا، لا الحياد ولا التحييد، الأهم ان يكون هناك إستقلالية كي نستطيع ان نتخذ المواقف التي تتناسب مع مصلحتنا. وعلى هذا الاساس هناك أمور كثيرة تهمنا على رأسها الإجماع والتضامن العربي، والوحدة العربية – العربية، إنما الوحدة الوطنية هي أهم بكثير من التضامن العربي. وعندما نحفظ وحدتنا الوطنية كل الأمور تصبح أسهل، وعلى هذا الأساس نحن نسوق مواقفنا وسياستنا الخارجية”.
وأضاف: “هناك مثلان على هذا الأمر، أولا قضية البحرين، فنحن فورا بادرنا وقلنا إن ما صدر عن حزب الله لا يعبر عن الحكومة اللبنانية، كنا واضحين في هذا الامر، انه ليس موقف لبنان إنما موقف فريق من اللبنانيين. وعندما ذهبنا الى القاهرة وكان هناك محاولة لإصدار بيان يدين هذا الفريق، كان من الطبيعي حفاظا على وحدتنا الوطنية، ان نتصدى لهذا الموقف، وقلنا إننا لسنا معه، مع أننا لم نتبن ما صدر عن ذاك الفريق، لكننا ضد إدانة فريق من اللبنانيين من قبل الجامعة العربية”.
وتابع: “النقطة الثانية تتعلق بمؤتمر جنيف حول حقوق الإنسان، صحيح أننا امتنعنا عن التصويت سابقا عن القرارات التي صدرت عن الامم المتحدة في شأن سوريا، إنما العنصر الإضافي الذي دخل هذه السنة هو موضوع حزب الله وتسميته وربطه بطريقة مباشرة أو أخرى بموضوع الإرهاب. نعم كنا نمتنع سابقا تحييدا للبنان وحفاظا على مصلحته عن التصويت، إنما عندما يتعلق الأمر بفريق لبناني لا يمكننا الوقوف متفرجين، وعلى هذا الأساس نجحنا في حذف عبارة تربط مباشرة حزب الله بموضوع الارهاب، وسقطت نتيجة العمل الديبلوماسي الذي تم، وبقيت عبارة فيها وصل بين مجموعات ارهابية داعمة للنظام ومنظمات، وهناك تسمية لميليشيات حزب الله فيها، لذلك لم نوافق عليها رغم كل المداخلات التي حصلت، لم نوافق على هذه العبارة وتمسكنا بموقفنا، وربما انها من المرات القليلة جدا التي يجري فيها التصويت في مجلس حقوق الانسان نتيجة إصرار لبنان وإرساله لمذكرة تعديل ورفض لهذه العبارة بمجرد ذكرها لميليشيات حزب الله. وأتت نتيجة التصويت جيدة ومفاجئة إذ ايدتنا 10 دول، وامتنعت 14 دولة عن التصويت و23 صوتت ضد. وهذه مناسبة لشكر كل الدول التي امتنعت أو صوتت معنا. وأعتقد هنا أننا نقوم بواجباتنا في سياق وحدتنا الوطنية والبيان الوزاري”.
وقال: “نحن مستعدون لوضع صدورنا أمام المقاومة للحفاظ على لبنان، إذ إن هناك أشخاصا يقدمون دماءهم وشهادتهم، وعملنا الديبلوماسي وبعض الاتصالات التي نقوم بها، قليلة جدا مقارنة بهذه التضحيات، إنما هذا كله يأتي ضمن سياق واحد، هو مصلحتنا ووحدتنا الداخلية. وموضوع اليمن أتى في السياق نفسه”.
وعرض ما حصل في مجلس الوزراء العرب، فأشار الى أنه كان “اقتراح لبيان أو لقرار عربي في موضوع اليمن، وقبله صدر بيان في القاهرة يدعم الشرعية في اليمن، ونحن وكل الدول العربية وافقنا عليه، أما المستجد في الأمر فهو التدخل العسكري الذي كان واضحا أنه لم يحظ بالإجماع العربي عليه، فبعض الدول اعترضت بشكل واضح، وأخرى تحفظت عنه، ونحن من حرصنا على التضامن العربي-العربي (ونقول العربي-العربي لأن اليمنيين عرب ويختلفون بين بعضهم البعض داخل البلاد) والدول المختلفة في ما بينها في قضية اليمن هي عربية أيضا، ولأننا ملتزمون سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات العربية-العربية، فمن الطبيعي أن نتخذ هذا الموقف، وسجلنا موقفا للجمهورية اللبنانية بالتنسيق مع رئيس الحكومة، وهو مسجل على متن القرار وينص على الآتي: “إن لبنان تأكيدا منه على الموقف العربي الجامع والقائم على دعم الشرعية الدستورية في اي بلد عربي وعلى اعتماد الحلول السياسية السلمية للأزمات العربية، وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، يشدد على السير في أي موقف يقوم على الإجماع العربي، وينأى عن أي خطوة لا تحظى بالإجماع أو التوافق العربي. ويؤكد على ضرورة الإسراع بإنشاء قوة عربية مشتركة لصون الامن القومي ومكافحة الارهاب”.
وأكد أن “هذا الموقف هو الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية، وقد كنا واعين أن هذا الأمر يمكن ان يخلق صداما وخلافا داخليين، وهكذا نحيد لبنان عن هذه الصدامات، إنما ما استجد لاحقا من كلمة، وهي موقف سياسي لرئيس الحكومة، هذه هي الإضافة الجديدة التي خلقت هذا الجدل، لكن صلب موقف رئيس الحكومة هو الإجماع العربي على كل ما يحصل في اليمن. هذا موقف لبنان مع بعض التمايزات التي تحصل، ويجب أن نفهم بعضنا البعض فيها، فالحرية أو الهامش الذي يتمتع به كل منا، والذي يسمح لنا، ولو حساب زعل، إنما تفهم بعض الدول أن لبنان معني بالحفاظ على وحدته الداخلية. كما أنه في بعض المواقف التي نتخذها، كما في جنيف، كان هناك بعض الدول العربية لم تكن راضية عن موقفنا، إنما نحن مضطرون أن نرضي بعضنا البعض قبل إرضاء الدول الاخرى، مع إدراكنا وحرصنا على أن لدينا مصالح مشتركة، لهذه الدول في لبنان، للرعايا اللبنانيين فيها، يجب الحفاظ عليها من ضمن تضامننا العربي”.
وتابع باسيل: “الموضوع الآخر الذي أثار اللغط في غير مكانه، هو موضوع إنشاء قوة عربية مشتركة، وهو لا يدخل في سياق موضوع اليمن، بل إنه مطروح منذ فترة، ولبنان يؤيده لأنه مع ان يكون هناك نهضة عربية، وانتفاضة على الذات عربية، وتثبيت للذات بأي عمل، ولا سيما في موضوع الارهاب الذي كنا نشكو أن لا مواكبة عربية فعلية للجهد العسكري الذي تقوم به الطائرات الأجنبية على الارض العربية، وبالتالي من الطبيعي أن نؤيد قوة عربية لمحاربة الارهاب، وللتغطية على بعض التقاعس من بعض الدول، وتساندها عندما تكون بحاجة اليها. وجاء هذا الأمر في سياق مختلف عن قضية اليمن، والقرار في شأنه صدر سابقا، وينص على أن الدخول فيه هو اختياري من الدول، والطلب يجب أن يأتي من الدول المعنية، وهو مبدئي يستلزم تشاورا على مستوى رؤساء الأركان، ثم تشاورا سياسيا، وان تمت الموافقة عليه، فيبقى اختياريا اي لا يلزم اي دولة بالموافقة عليه، وسيحول الى النقاش في الأطر الدستورية في لبنان”.
وأكد أن “لا داعي للخوف أو الهلع منه، فالدولة التي تقدمت به هي مصر، والكثير من الدول العربية والخليجية لديها تحفظ وتردد واضح بشأنه، في انتظار جلاء هذه الملابسات حوله. من هنا، عندما أكدنا هذا الموقف وربطناه بالجمهورية اللبنانية، أردنا القول انه بوجود هذه القوة العربية المشتركة، فإن الآليات ومعايير تدخلها، وآليات عملها ونظمها واستراتيجيتها يكون متفقا عليها بمفاهيم ومعايير واحدة، لذلك ربطناها مع الشريعة بأي بلد عربي، اي في ليبيا وسوريا واليمن ولبنان، هذا كل لا يتجزأ ولا يمكن تفصيله على مقياس ما. كما أن عدم التدخل في الشؤون الدول العربية هو واحد ولا يتجزأ، اذ لا نستعمله في دولة وننتفض عليه في دولة إخرى. كذلك فإن الحلول السياسية التي نطالب بها، ونبهنا انه من دونها يذهب كل الجهد العربي المادي والبشري، هباء ولا مكان له للصرف”.
وأضاف: “يبقى موضوع آخر هو إعلان بعبدا، الذي أثير مرات عدة، وللتوضيح، نحن نتقيد ببيان وزاري صدر عن الحكومة، يتطلب جهدا لفترة شهر واستنفدناه بالكامل، وإعتمدنا في هذا البيان بدلا من عبارة “بيان بعبدا”، عبارة مقررات الحوار الوطني التي هي قد تكون الشيء نفسه، وهذا ما اعتمد. فمنذ ذلك الوقت، أي في آذار 2014، عندما ذهبنا الى الجامعة العربية اعتمدنا في بند التضامن (مع الجمهورية اللبنانية) مقررات الحوار الوطني، وحصل هذا الامر بالتشاور مع رئيس الجمهورية آنذاك ميشال سليمان، ورئيس الحكومة تمام سلام، ثم تكرر هذا الامر في ايلول 2014 في البند نفسه، وتكرر ايضا إعتماده بعد ستة أشهر في اذار 2015، في القمة العربية. فهذه الصيغة ليس من جديد فيها، وتدخل في سياق البيان الوزاري، ونحن ملتزمون بها، بل اكثر من هذا، لا يمكننا ان نقوم بسياسة خارجية وفق مزاج البعض، فليس كل من لديه “مقتنيات” سياسية يعتقد انه يمكنه الحفاظ عليها او حذفها بعبارة، المهم المفهوم الذي هو تحييد لبنان، وهذا ما نؤمن به ونسعى اليه، والمهم كما سبق أن قلت في إطار هذا التحييد، الحفاظ على وحدتنا الوطنية”.
وقال: “لهذا، حرام أن نضع جهدنا وعباراتنا من قبل كل الأطراف بهدف إزاحة المواضيع عن هدفها الأساسي في محاولة من كل طرف لتسجيل نقطة معينة على الآخر”.
وختم باسيل: “لدينا أيضا أزمة كبيرة متمثلة بالنازحين السوريين، وقد وافقنا على كل الجهود المبذولة من أجلها، ومنها تشكيل الصندوق الائتماني بشأنها مع معرفتنا منذ اليوم لتشكيله وقد كنت وزيرا للطاقة، ان هذا الجهد لا أمل منه، وهذا ما يتأكد حاليا ويثبت، ولهذا علينا المتابعة والاستمرار في بذل الجهود، ولكن ليست المساعدات فقط طريق الخلاص، علما أننا لا ندري من يعوق وصولها في الفترة السابقة واليوم. إن كل جهد دولي يمكن أن يصل منه حتى القليل، إنما علينا ان ندرك ان ازماتنا الداخلية، ومنها أزمة النازحين السوريين، لا يمكن أن تحل الا بإرادة داخلية سياسية وقرار صلب وواضح بخفض عددهم في لبنان، لأن قسما كبيرا منهم هو قوة عاملة في لبنان تستطيع كسب لقمة عيشها عن طريق عملها الذي في اوقات كثيرة تأخذه من طريق اللبنانيين كما من أمام النازحين الفعليين المحتاجين الى مساعدات. المشكلة لا تحل الا بنزع صفة النزوح عن هؤلاء. وهذا الجهد عندما تقوم به الادارة اللبنانية بكل مكوناتها يكون مفيدا اكثر بكثير من حصولنا على الأموال من الخارج”.
سئل: كيف هو وضع الرعايا اللبنانيين اليوم في اليمين وفي بعض الدول العربية، ولا سيما بعد مواقف بعض القيادات الاخيرة المتناقضة لموقف الحكومة؟
اجاب: “لدينا مسؤوليات مع الإمكانات المتوافرة لدينا لمساعدة أي لبناني أينما كان، كيف اذا كان في بلد يتعرض لازمة كما في اليمن. حصلت عمليتان حتى الآن لإجلاء الرعايا من اليمن، من ضمن إمكانات الدولة اللبنانية المحدودة، نظرا الى عدم امتلاكها طائرات، ولهذا نحن نستعين بالأمم المتحدة والدول الكبرى للقيام بعمليات الإجلاء. وهذه مناسبة أتوجه فيها اليهم، ونقول لهم إننا نتفهم كل المصاعب التي يعانونها، إنما علينا أن نتعاون لكي نتمكن من الوصول اليهم ونعيدهم سالمين الى لبنان”.
سئل: قيل إنكم لم تتخذوا موقفا متضامنا مع حليفكم “حزب الله” في جلسة مجلس الوزراء التي جرى فيها الرد على كلام رئيس الحكومة، الذي لا يعبر عن موقف الحكومة الرسمي للبنان؟
أجاب: “نحن في سياستنا الخارجية مضطرون من ضمن عملنا الوزاري أن نتخذ الموقف الذي ينسجم مع البيان الوزاري، ومع ما يجمع اللبنانيين ولا يفرقهم، كما في السياق الطبيعي، لذلك عندما يكون هناك ما يمس اللبنانيين، الى اي جهة انتموا، نحن سنقف الى جانبهم دائما، وعندما يكون هناك ما يخلف بين اللبنانيين وهو خارج عن لبنان، حينها سنتخذ الموقف الموحد في ما بينهم وليس إرضاء طرف على حساب الطرف الآخر، وذلك بمعزل عن رأينا الخاص او اقتناعاتنا أو تفكيرنا الداخلي، والذي يؤكده اتجاه الأحداث الذي يتلاءم مع نظرتنا. إنما في سياستنا الخارجية المستقلة، يقضي عملنا بالحفاظ على وحدة اللبنانيين”.
سئل: هل أعلمتم بأن الدول المانحة في مؤتمر الكويت ستعطي الحكومة اللبنانية جزءا من المساعدات المالية، أو ستذهب بشكل مباشر الى النازحين من خلال المنظمات المعنية بشؤونهم؟
أجاب: “كان موقفنا حازما وصلبا وواضحا في التعامل مع كل هذا العمل الدولي الذي ينسجم مع موقفنا. فلبنان قدم اكثر بكثير من طاقته، ورسم مفهوما لكيفية استقبال النازحين والكرم وحسن الضيافة، ورغم عدم توقيعه على معاهدة جنيف المعنية بالموضوع، إنما ليس لأحد أن يعطينا دروسا في هذا الموضوع. يكفينا دروسا من أحد كيف نكون إنسانيين وكيف نستقبل الشعوب المظلومة والمقهورة، الآن لسنا في حاجة الى الكلام، إنما الى الفعل والمساعدة الفعلية للدولة اللبنانية لكي تستمر بالقيام بواجباتها التي تقوم بها أصلا، وللمجتمعات اللبنانية المضيفة، وهذا المسار لن يتغير إلا بتصرف لبناني مختلف”.
سئل: ما هي تبريرات الدول المانحة للتلكؤ في دفع المبالغ المستحقة وما وعدت به؟
أجاب: “إن ما تحصل عليه افضل من لاشي، واعتقد انه اصبح هناك إدراك وإقرار بأن الدول المانحة أصبحت منهكة ومتعبة، إذ لا يمكنها منح المساعدات الى ما لا نهاية، وأكبر برهان على ذلك منظمة الاونروا. ليس هناك من يستطيع أن يعيل شعبا على مدى الحياة. ففي النهاية المصيبة تقع علينا وعلى السوريين، لذا علينا أن نسعى الى إيجاد الحل الذي يعيد السوريين الى بلادهم. هذا الحل هو الوحيد، وليس من حلول أخرى سواه، كل حلول أخرى مجتزأة هي مرحلية، وعلى هذا الاساس، إن الضعف الدولي في هذا الموضوع هو طاغ ومستمر وسيتزايد. ومهما تكن المساعدات التي ستحصل عليها، سنأخذها، ان كانت للدولة او لغيرها، المهم ألا تأتي في سياق تشجيع النازحين السوريين على البقاء في لبنان، على عكس ما نطالب به، من عودتهم الى بلادهم. وهذه المساعدات يجب أن تعطى لهم في سوريا لتشجيعهم على العودة اليها، وليس في تركيزهم وتثبيتهم في الاراضي اللبنانية”.
وكان باسيل استقبل رئيس دائرة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وحقوق الانسان والفركوفونية – NUOI جان بيار لاكروا والسفير الفرنسي باتريس باولي.
كما التقى الأمينة العامة للجمعية الدولية للمحافظة على مدينة صور مهى الشلبي.