محطات نيوز – أصدر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص يوم الأثنين الواقع في 8/6/2015، أمرا عاما لمناسبة العيد الرابع والخمسين بعد المئة لتأسيس قوى الأمن الداخلي، هذا نصه:
“نستقبل اليوم الذكرى الرابعة والخمسين بعد المئة لتأسيس قوى الأمن الداخلي، ومنطقة الشرق الأوسط أشبه ببركان ثائر، تتفجر فوهاته في أكثر من بلد عربي، تتمثل حممه الجارفة بصراعات فئوية ومذهبية مقيتة، تفتك بالبشر وتدمر الحجر. حروب عبثية، لم تردعها القيم الأخلاقية، ولا المفاهيم الدينية، لأن الضالعين فيها اتخذوا من تلك المفاهيم والقيم غطاء لتبرير ممارساتهم اللانسانية، والتي لا يقبلها لا عقل ولا دين ولا منطق، أو لتبرير تلك الإنتهاكات التي لم تألفها أمتنا العربية منذ آلاف السنين، حيث حافظت شعوبها بمختلف انتماءاتها على التآلف والتعايش في ما بينها. صراعات لم تكن بمنأى عن التدخلات الخارجية، استعملت فيها ولا تزال أفتك الأسلحة، وتمارس فيها أبشع صور القتل الممنهج وغير الممنهج، الذي يستهدف الأبرياء بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو السياسية.
ولبنان في ظل هذه التحولات التي تجري من حوله ليس على ما يرام، بل يعاني من انقسامات سياسية حادة، وخلل في بنيانه السياسي، إذ ثمة شغور في بعض المراكز الهامة، وتعثر في عمل بعض المؤسسات الدستورية، كل ذلك في ظل أخطار خارجية محدقة بنا، ما دفع بمعظم المسؤولين السياسيين للسعي بحنكتهم المعهودة وبعد تبصرهم إلى تمرير هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة، لإدراكهم خطورة التصدعات التي أحدثتها وتحدثها حالة الغليان التي تعيشها المنطقة بأسرها. هذه الظروف البالغة الحساسية، تملي على المؤسسات العسكرية والأمنية البقاء على أهبة الإستعداد لمواجهة المخاطر التي تتربص بلبنان، خارجية كانت أم داخلية.
وإذ نستذكر ككل عام في التاسع من حزيران “عيد قوى الأمن الداخلي”، فهو بالنسبة إلينا محطة للتأمل ولنقد الذات، نحتكم فيها إلى أنفسنا وضمائرنا لتقييم أدائنا في المرحلة السابقة، من خلال تبيان النجاحات التي حققناها، والإخفاقات التي منينا بها إن وجدت، ودراستها في ظل الظروف والمعطيات التي تزامنت مع كل منها، لاستثمار عوامل النجاح، والتحري عن أسباب الفشل للاستفادة منها وتلافيها مستقبلا. وإذا كانت الظروف السائدة قد أملت تأجيل تسريحي لمدة سنتين، فهذا يعني بالنسبة لي استمراري في تحمل المسؤولية إلى جانبكم، والعمل معكم، وتسخير كل ما أتاني الله من قوة وإمكانات في سبيل خدمة الوطن، وحماية مواطنيه وصون حقوقهم.
أيها الأمنيون، ضباطا ورتباء وأفرادا، أستغل هذه المناسبة، لأؤكد لكم من منظار الوعي لخطورة وحساسية المرحلة التي نمر بها، وحجم المسؤوليات الجسام التي تقع على عاتقنا كقوى أمن داخلي، لأخاطبكم، وألح عليكم موصيا إياكم بأن تتحلوا بالمسؤولية، وتترفعوا عن المهاترات التي تدور من حولكم، وانأوا بأنفسكم عن الإصطفافات الفئوية والطائفية والمذهبية الرخيصة، وتجاهلوا الإفتراءات التي تطاولكم، وتحيزوا للوطن الواحد الموحد، وابذلوا الغالي والرخيص في سبيله.
وإذ دفعتنا مرارة الظروف القاهرة التي أشرنا إليها للتخلي عن أدبيات الإحتفال بالعيد هذا العام، وخاصة في ظل غياب زملاء لنا اختطفوا في معرض أدائهم لواجب وطني، تمثل في حماية أهل بلدة عرسال، ومساعدة أخوان لنا من النازحين السوريين الذين لجؤوا إليها، من بين أعداد كبيرة احتضنهم لبنان ككل، ومد لهم يد العون، على الرغم من عدم قدرته على التعامل مع هذا الكم من النازحين، لضعف إمكاناته المادية واللوجستية. وكان لحادثة الإختطاف هذه انعكاسات سلبية على المخطوفين والمؤسسات التي ينتمون إليها، كما على ذويهم وأهالي عرسال والنازحين”.
ولا يسعنا في ذكرى عيد قوى الأمن الداخلي، إلا أن نستذكر شهداءنا الأبرار الذين لم يبخلوا على الوطن بدمائهم، إذ أعطوا حيث يعز العطاء، فمنهم نستمد العزيمة، ومنهم نستلهم مفهوم التفاني، ومنهم نتعلم معنى التضحية، فلهم نقول: نعاهدكم وأنتم الخالدون في عليائكم أننا على العهد باقون، ولن نخلي الساحات للمخلين بالأمن أو الخارجين على القانون، من عصابات أو مجرمين، ممن يمتهنون الإرهاب أو تجارة المخدرات أو أعمال القتل والسلب والسرقة وغيرها من ضروب الإجرام، وأننا مستمرون في قهر الظلم وردع الظالمين وإحقاق الحق مهما غلت التضحيات.
وإذ نتطلع إلى الغد الآتي، بروح المسؤولية والتبصر، آخذين بعين الإعتبار التحديات الجسام التي نواجهها، نؤكد لكم أنه لن يكون بيننا مكان للمتخاذلين، ولا لضعاف الأنفس، ولا للمتملقين، بل ستكون الآفاق متاحة أمام كل كفؤ ونزيه جدير بتحمل المسؤولية، وكل متفان معطاء، ومخلص للوطن، وأن مبدأ الثواب والعقاب سيبقى عنوانا للمرحلة القادمة، والمعيار في تولي المراكز. فاسعوا واحرصوا على تطوير أنفسكم، ورفع مستوى مهاراتكم وخبراتكم، وقدراتكم الجسدية، وتزودوا بالعلم وسخروا كل ما تتلقونه لتحسين جودة أدائكم، وتحلوا بالأخلاق جاعلينها فوق كل اعتبار”.