محطات نيوز _ أقام الرئيس سعد الحريري مأدبة إفطار رمضانية، غروب اليوم الجمعة، في معرض رشيد كرامي الدولي على شرف عائلات من طرابلس والكورة، في حضور الرئيس نجيب ميقاتي، نائب رئيس مجلس النواب النائب فريد مكاري، وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، وزيرة المهجرين اليس شبطيني ممثلة بجورج شبطيني، النواب: سمير الجسر، بدر ونوس، فادي كرم، محمد كبارة، أحمد كرامي، سامر سعادة، محمد الصفدي ممثلاً بأحمد الصفدي، روبير فاضل ممثلا بسعد الدين فاخوري، الوزراء السابقين فيصل كرامي، ريا الحسن، عمر مسيكة وعمر مسقاوي، النائبين السابقين، غطاس خوري ومصطفى علوش.
كما حضر مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج أبو جودة، متروبوليت طرابلس والشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوارد ضاهر، الرئيس السابق للمحاكم الشرعية السنية العليا الشيخ ناصر الصالح، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري، مستشار الرئيس الحريري لشؤون الشمال عبد الغني كبارة، الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري وأعضاء من المكتبين السياسي والتنفيذي، والد الشهيد وسام الحسن عدنان الحسن، رئيس بلدية طرابلس احمد قمر الدين، رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، رئيس بلدية القلمون طلال دنكر، قادة الأجهزة الأمنية في الشمال، شخصيات حزبية ونقابية واجتماعية وتربوية واقتصادية، وحشد من جمهور “تيار المستقبل” في طرابلس والكورة.
بعد تقديم من منسق عام طرابلس ناصر عدرة، ألقى الرئيس سعد الحريري الكلمة الآتية: ” أيها الأحبة، أيها الرفاق والأصدقاء، من طرابلس والكورة، أول الكلام، السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته. السلام على طرابلس الغالية على قلبي، السلام على طرابلس التي واجهت الفتنة، وطردت من صفوفها أدوات الشر وسرايا التخريب والتهجير. سلام على شهداء طرابلس، على شبابها وأبطالها والصابرين في أحيائها، ممن واجهوا حملات التجني والغدر، والملاحقات التعسفية وتمسكوا بإيمانهم تحت وطأة تعذيب السجون والأحكام الظالمة. السلام على بيوت وساحات الطيبين التي نفضت عنها غبار الحروب والمعارك لتبقى عنوانا مضيئا لكرامة المدينة وهويتها الوطنية والعربية.
أيها الإخوة والأخوات، ونحن نجتمع في معرض رشيد كرامي الدولي، ننحني للرئيس الشهيد رشيد كرامي، قائدا وطنيا عروبيا من طرابلس، ونموذجا لرجل الدولة الذي دفع بحياته دفاعه عن قيم العيش المشترك والوحدة الوطنية، وهي القيم التي تحملونها، بتنوعكم الثابت والراسخ في التاريخ وفي الحاضر والمستقبل، في كنائسكم ومساجدكم وأسماء شوارعكم وعاداتكم وتقاليدكم.
دعوني أبدأ مباشرة بالموضوع، الذي هو الانتخابات البلدية. أنا لست آت لكي أعاتبكم، أنا آت لكي أحترمكم، وأحترم صوتكم وإرادتكم. نحن من مدرسة الديمقراطية، وعندما تنتخب طرابلس مجلسها البلدي نحن نتعاون مع هذا المجلس، لمصلحة طرابلس. ودعوني أقول لكم من الآخر: أعضاء مجلسكم البلدي الجديد جميعهم إخواني وأصدقائي وأحبابي. ونحن نرى مصلحة طرابلس فوق كل اعتبار، ووفاء طرابلس لتيار المستقبل ولخط الرئيس الشهيد رفيق الحريري ممنوع أن يكون محل تشكيك أو مراجعة أو إعادة تقييم. طرابلس لا تخرج من جلدها! وطرابلس قدمت لرفيق الحريري، عندما كان ممنوعا على رفيق الحريري أن يقدم أي شيء لطرابلس. ولكل واحد يحاول تسخيف العلاقة بين طرابلس وبيننا لعلاقة منفعية أقول بوضوح: نحن “ما إلنا عليكن، إنتو إلكن علينا!”. وأنا آت لأقول: لكل شخص صوت لهذه اللائحة، أو تلك، لهذا المرشح أو ذاك، وكل شخص جلس في البيت وحجب صوته: جميعكم…. وصلني صوتكم، ووصلتني رسالتكم، وأنا مسؤول عنها. لأن مفهومنا للسياسة، هو خدمة الناس، وتطلعات الناس وطموحات الناس، وقضايا الناس. نحن لم ندخل إلى السياسة من أجل مناصب، ولا من أجل مكاسب وأموال. نحن اسمنا حريري: مناصبنا الشهادة، وأموالنا نخسرها في السياسة. ونحن لا نرى من السياسة إلا وسيلة لخدمتكم، لخدمة أهلنا، بالكورة وبطرابلس وبكل لبنان. هذا ما يحمـلنا المسؤولية، أنتم الذين تحملوننا المسؤولية، وهذه المسؤولية لا نتهرب منها، لو مهما حدث. نحن مسؤولون عن ناسنا، هذا أساس الحريرية الوطنية.
وبما أنه في هذه الأيام هناك موضة، كل الناس تشرح لنا ما هي الحريرية الوطنية وما هو فكر رفيق الحريري، وخط رفيق الحريري، ووصلت المواصيل إلى حد دعوة بيت الحريري لكي يعودوا للحريرية، ودعوة سعد ليعود حريري، ودعوة سعد ليعود لرفيق، دعوني أقول لكم ماذا قال رفيق الحريري هو بنفسه. في نهاية العام 2004، بعد محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، سأل الصحافي غسان شربل الرئيس رفيق الحريري سؤالا واضحا ومباشرا. قال له: ماذا تتوقع في المرحلة المقبلة؟ وسأقول لكم جواب رفيق الحريري: “إنها مرحلة تستلزم من الجميع الحكمة والصبر والتبصر. مرحلة صعبة. دعني أختصر لك موضوع التنازلات في تشبيه لا أعرف إن كان دقيقا. أنت أمام طائرة مدنية مخطوفة، ولا تستطيع تحرير الركاب بالقوة فماذا تفعل؟ جوابي (جواب رفيق الحريري) هو أن الأولوية لسلامة الركاب وإنقاذهم، فمجرد إنقاذ بيروت ولبنان يشكل عقابا للخاطفين”. انتهى جواب رفيق الحريري. أليس هذا لسان حالنا ولسان حال بلدنا اليوم؟ نعم. ما زالت الطائرة مخطوفة، وواجباتي، ومسؤولياتي، أن أعمل بروح رفيق الحريري على إنقاذ الركاب وتأمين سلامتهم. ومن الآن أقول لكم: الخاطف لن يتمكن أن يكمل والطائرة، قريبا بإذن الله، ستهبط بالسلامة في مطار رفيق الحريري الدولي وتعطي الأمان والكرامة للركاب ولكل لبنان! والخاطف … سينال نصيبه! هذه مدرستنا، وهذه مسؤولياتنا.
إذا كان لديك رأي مختلف، بأنه يجب أن نكسر شباك الطائرة، أو نفجر عبوة بقمرة القيادة، أو تريد أن تقتل القائد، أو تريد أن تقفز من الطائرة من علو 30 ألف قدم؟ يا أخي أنت حر برأيك، ولكن أرجوك، “حل عن رفيق الحريري وعن المزايدات والعنتريات على بيت الحريري باسم رفيق الحريري”.
وبالمناسبة، لكل من أصبحوا فجأة خبراء محلفين برفيق الحريري والحريرية ومبادئها، فقط تذكير صغير: في كل مرة سئل رفيق الحريري ما هو أهم شيء في هذه الدنيا؟ ما كان جوابه؟ الصدق! نعم: الصدق. وما هو أساس الصدق؟ الوفاء! … نعم: الوفاء… فقط للتذكير. وأنا أكيد أنكم لم تنسوا.
أيها الأحبة والرفاق، عندما تهمل طرابلس، فنحن مسؤولون. وعندما تظلم طرابلس، فنحن مسؤولون. وعندما تكون طرابلس على حق، فنحن مسؤولون أيضا عن إحقاق هذا الحق. نحن، في خدمة طرابلس، وليس العكس. وعندما نضع أنفسنا في خدمة طرابلس، نقدم أعظم خدمة للاعتدال والإستقرار في كل لبنان. وهذه مناسبة لكي أتحدث عن الاعتدال. هناك محاولة قائمة منذ سنين طويلة، ووصلت إلى درجات مسعورة مؤخرا، لإلصاق صورة التطرف بكل أهل السنة عموما وبطرابلس بشكل خاص. جزء من هذه المحاولة، مع الأسف، هو خرق، داخل البيت الواحد، يحاول إظهار الاعتدال وكأنه ضعف. والحقيقة، أن الاعتدال ليس ضعفا، بل الاعتدال قوة. وقوة حقيقية. الاعتدال الواقف في وجه الإرهاب وفي وجه الفتنة والضلال والهمجية، قوة. الاعتدال الذي أنقذ طرابلس وكل لبنان من المصير الأسود الذي يواجهه إخوتنا في سوريا، قوة… وليس ضعفا. الاعتدال الصامد على مشروع الدولة، المتمسك بمواقفه، حتى عندما يحاور، قوة، وليس ضعفا. عندما أكون معتدلا، أنا واحد من مليار و500 مليون مسلم في العالم، مؤمنين أن دينهم دين اعتدال، هذه قوة، وليست ضعفا.
الاعتدال في لبنان سمح للجيش اللبناني أن يضرب فتنة فتح الإسلام التي أرسلها إلينا المجرم بشار الأسد. الاعتدال في لبنان، هو الذي أعاد المجرم ميشال سماحة إلى السجن، هذا الذي كان قد أرسله معلمه المجرم في سوريا لكي يفجر فتنة مذهبية وطائفية في لبنان والذي أنقذنا منه وسجنه بطل الكورة وبطل كل لبنان اللواء الشهيد وسام الحسن. من يقتل، هو الضعيف ومن يطالب بالعدالة وبالحق، هو القوي، هو المعتدل.
الاعتدال في لبنان هو الذي أتى بالمحكمة الدولية، وقبلها، هو الذي أخرج النظام السوري من لبنان بعدما نزل كل المعتدلين من كل المناطق والطوائف، وأنتم على رأسهم، إلى الساحات في 14 آذار 2005. هذه هي القوة الحقيقية، هذا هو الاعتدال. فلا يأتين أحد لـ”يبيعنا” أن الاعتدال ضعف ولا يحاولن أحد أن يصوركم إنكم أهل تطرف وغوغائية.
أيها الأحبة والأصدقاء والرفاق، طرابلس لم تكن يوما ولن تكون بؤرة للتطرف والإرهاب، لكنكم لن تقبلوا، ونحن لن نقبل أن تكون هذه المدينة الحبيبة مستنقعا إقتصاديا. هذه مدينة تقيم على خط اليأس منذ عقود طويلة. وقد آن الأوان لحشد كل الجهود في سبيل رفع الظلم عنها ووضعها في الموقع المتقدم، على خارطة النهوض الوطني. لطرابلس، نجدد العهد في هذا الشهر المبارك ونؤكد أمام هذه النخبة من الأهل والأصدقاء أن النهوض بطرابلس أمانة في رقابنا جميعا. وأنا على رأس تيار المستقبل ومع كل الأوفياء من أبناء المدينة وفعالياتها سأكون في مقدمة حملة النهوض بطرابلس وإعادتها منارة مضيئة، بإذن الله على ساحل المتوسط.
إنني أطلق أمامكم عهدا، ولا أتوجه بأي وعود. العهد، في أن نبذل أقصى الجهد، ونوفر كل الإمكانات، من خلال الدولة ومؤسساتها، ومن خلال القطاع الخاص واستثماراته لإطلاق ورشة وطنية في طرابلس تشمل المعرض والمرفأ والأسواق القديمة والشواطئ، والجزر، والدفع في كل اتجاه يضع المدينة على خريطة الإقتصاد الوطني والعربي. شبعت طرابلس وعودا من هنا ومن هناك وهي تطلب منا قرارا يضع مشاريع تطويرها موضع التنفيذ.
والآن دعونا ننظر قليلا أبعد من يومياتنا وقضايانا المباشرة. أنتم تعرفون أننا دعمنا وندعم أكبر مشروع بتاريخ طرابلس بدأ تنفيذه والحمد لله: مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة. هذا المشروع ليس معزولا، فمعه خط سكة الحديد التي خصصت لها المبالغ اللازمة، وشبكة الطرقات التي تربط طرابلس بالعمق السوري شمالا وشرقا، ومرفأ طرابلس. وهذا كله سيتحقق. هذا المشروع سيجعل من طرابلس ومرفأ طرابلس وتجار طرابلس وعمال طرابلس وشباب طرابلس وشابات طرابلس، منصة إعادة الإعمار وتوفير الاحتياجات لسوريا والعراق، عندما يتم الحل السياسي في سوريا والعراق. وأنا أقول لكم: الحل السياسي في المنطقة آت، بإذن الله. أي أن سوريا ستتخلص من كابوس بشار الاسد! وطرابلس يجب أن تستعد لتلعب دورها التاريخي. هذا الكلام ليس أنا من يقوله: بان كي مون يقوله، والبنك الدولي يقوله وكل من ينظر إلى الخريطة الجغرافية وخريطة الطاقات البشرية الممتازة التي يمتلكها شباب وشابات مدينتكم، يقوله! جل ما هو المطلوب أن نصمد، ونحفظ الاستقرار، ونحفظ أهلنا وبلدنا، ونعمل ونخطط للمستقبل، والمستقبل قريب، والمستقبل واعد بإذن الله.
والله كريم، ورمضان كريم وكل عام وإنتو بخير”.