محطات نيوز – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، بمناسبة عيد الجيش، قداسا على مذبح الكنيسة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي (كابيلا القيامة)، عاونه فيه المطرانان سمير مظلوم وبولس صياح والاب ايلي خوري ولفيف من الكهنة.
حضر القداس النائب نعمت الله أبي نصر، سامي خويري ممثلا رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، قائد الجيش العماد جان قهوجي، رئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح جوان حبيش، ممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص العميد مروان سليلاتي، ممثل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم العميد نبيل حنون، وحشد من الفاعليات العسكرية والنقابية ورؤساء بلديات ومخاتير والمؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان: “للثعالب أوجار، ولطيور السماء أوكار، أما ابن الإنسان فليس له موضع يسند إليه رأسه” (متى 8: 19-20)، وقال: “أتباع المسيح في رسالة الفداء والخلاص تقتضي خروجا من الذات والراحة الشخصية، وانطلاقة دائمة إلى حقول الرسالة التي تتسع، وجهوزية مستمرة للخدمة في كل مرة تطلب. فالرسالة والخدمة لا ينفصلان، ويشكلان وجهين لأيقونة واحدة. ولذا، عندما طلب عالم الشريعة من يسوع أن يتبعه حيثما يذهب، قال له الرب: “للثعالب أوجار، ولطيور السماء أوكار، أما ابن الإنسان فليس له موضع يسند إليه رأسه” (متى 8: 19-20). هذا الكلام ينطبق أيضا على الجيش ورسالته وخدمته وعلى قادته وأفراده، وهو يقوم بها بروح شعاره: “شرف وتضحية ووفاء”. ويعبر الجيش اللبناني عن جهوزيته الدائمة للقيام بالرسالة والخدمة بالتزامه بشعار عيده لهذه السنة، المستوحى من الأوضاع الأمنية الراهنة في الداخل وعلى الحدود، وهو: “عين ساهرة 24/24 ساعة على مدى 10452 كيلومترا مربعا”.
أضاف: “يسعدنا أن نحتفل مع الجيش المحبوب، قائدا وأركانا وألوية وجنودا، بعيده السنوي الحادي والسبعين، سائلين الله في هذه الليتورجيا الإلهية أن يحميه وينميه ويشد أواصر وحدته وتضامنه، وأن يقويه كي تتمكن عينه الساهرة من حماية لبنان أرضا وجوا وبحرا. ونشكر جميع الذين نظموا هذا الاحتفال في الصرح البطريركي كعلامة محبة وتقدير للجيش، ولكننا نحتفل معه بغصة في النفس والقلب، فيما يلغى احتفال تقليد السيوف للضباط الجدد المتخرجين هذه السنة، وهي المرة الثالثة على التوالي، بسبب شغور سدة الرئاسة منذ سنتين وثلاثة أشهر، فالرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة (المادة 49 من الدستور)، فهل تشعر الكتل السياسية والنيابية، والذين يعطلون انتخاب الرئيس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بهذه المرارة، وبخطورة هذا الانتهاك السافر والفادح لواجب المجلس النيابي في انتخاب رئيس للبلاد بحكم الدستور؟ نذكر بصلاتنا شهداءه الذين رووا بدمائهم أرض الوطن، ونعزي عائلاتهم. وإننا على يقين من أن دماء الشهداء هي زرع الوطن: فمن أجله ومن أجل شعبه ومن أجلنا ومن أجل الكرامة ضحوا بنفوسهم، على مثال المسيح الرب الذي أخلى ذاته وارتضى الموت على الصليب، خشبة العار، من أجل خلاص الجنس البشري. ونصلي من أجل الذين يحملون في أجسادهم جروحا وإعاقات، راجين لهم الشفاء والشجاعة في قبول حالتهم، وهي بمثابة استشهاد دائم في سبيل لبنان. كما نصلي من أجل العسكريين الأسرى وعودتهم إلى عائلاتهم التي يشتد ألمها يوما بعد يوم. ونطالب بتكثيف الجهود لدى القريب والبعيد من أجل تحريرهم”.
وتابع: “أما ابن الإنسان فليس له موضع يسند إليه رأسه” (متى 8: 20)، فهذه هي الحال الحسية والمعنوية التي يعيشها الذين انضووا في سلك جيشنا الباسل، ويرتضون ذلك حبا بالخير الأكبر الذي هو لبنان وشعبه. نحن نجلهم اليوم ودائما، ونقدر تضحياتهم، ونمحضهم كامل التقدير والثقة. ونشكرهم على ما يبذلون من جهود، وما يقدمون من عطاءات، ولا سيما في ظروفنا الراهنة الصعبة، وعلى الأخص في مواجهة الإرهاب ومنظماته. إنهم حاضرون بعينهم الساهرة ونشاطهم ووعيهم وبسالتهم واقتحامهم المصاعب والأخطار: دفاعا عن لبنان ونظامه الديموقراطي وعيشه المشترك وشعبه، وحفاظا على الإستقرار الداخلي والأمن، ووقوفا في وجه التهديدات ضد مصالح البلاد، وقياما بأنشطة تنموية إجتماعية وبعمليات إغاثة، بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات العامة والإنسانية. إننا نحيي بالإكرام قوات الجيش البرية والجوية والبحرية، والمسؤولين في الكليات العسكرية والمدارس. أجل، كلهم في جهوزية دائمة للخدمة والرسالة، غير آبهين بمكان يسندون إليه رأسهم”.
وأردف: “لم يكن للمسيح الإله بيت خاص، بل كان يبيت حسيا في بيوت تلاميذه، ذلك أنه يبغي أن يكون كيان كل إنسان بيته الحقيقي الروحي الذي يرتاح فيه “ويسند إليه رأسه”. فيريد أن يتخذ مسكنا في عقل الإنسان لأنه هو فيه الحقيقة، وفي إرادة الإنسان لأنه الخير، وفي قلب الإنسان لأنه المحبة والحياة. هذا ما أراد أن يرمز إليه المسيح الرب في جوابه إلى ذاك “العالم بالشريعة”. ولكن، لكي يتم ذلك، ينبغي على كل إنسان أن يهيئ نفسه ليكون سكنى الإله، محررا عقله وإرادته وقلبه من كل القيود. وقياسا، لا يجد العسكر البيت الحقيقي الذي يسندون إليه الرأس، إلا في كيان الوطن، السيد، الحر، المستقل على كامل ترابه، وفي كيان الشعب اللبناني، عندما ينعم بالطمأنينة والإستقرار، ويطمئن لمستقبله ومستقبل أجياله الطالعة”.
وختم: “إننا في مناسبة عيد الجيش، نوجه النداء إلى الشباب اللبناني، إلى ذوي النفوس الأبية، والمعنيين بكرامة الوطن وعزة شعبه وجمال ميزته وتراثه، كي ينخرطوا في مؤسسة الجيش من أجل لبنان. فرغم كل المخاطر والتهديدات، يبقى لبنان صاحب مستقبل زاهر، مما يقتضي حمايته وتولي شؤونه والتضحية في سبيله. فالشباب هم حراس فجر الوطن. وأذكر الشباب أن عمرهم هو عمر التضحية والعنفوان والعطاء، فليكن ذلك في سلك الجيش من أجل لبنان المفدى. وليرتفع من هذا الوطن العابق بأريج القديسين، والمطهرة أرضه بدم الشهداء والجرحى، نشيد المجد والتسبيح للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.