باسيل في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري: الشرعية الشعبية ممر وحيد للبنان للخروج من أزماته شكري: لا تفضيل لأي مرشح على آخر

محطات نيوز _ استقبل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل نظيره المصري سامح شكري في حضور السفير المصري الدكتور محمد بدر الدين زايد، والأمين العام لوزارة الخارجية السفير وفيق رحيمي.

بعد اللقاء عقد الوزيران مؤتمرا صحافيا استهله باسيل بالقول: “أرحب بالضيف العزيز على لبنان الأخ الصديق معالي وزير الخارجية السيد سامح شكري، ومصادفة هذه الزيارة مع الذكرى السنوية العاشرة لانتصار لبنان في حرب تموز على العدو الإسرائيلي. نحن أمام فرصة جديدة للتعاون الدائم والممتاز بين لبنان ومصر ولإبراز دور مصر الساهر على المصالح العربية. للبنان مصلحة استراتيجية وحاجة استراتيجية في أن تستعيد مصر دورها القيادي والرائد في المنطقة العربية، لأنها تبقى تمثل لنا واحة اعتدال في المنطقة، وهي ولبنان يتبادلان الدور الإيجابي الذي يمثل الامتداد العربي الذي نفخر به في اتجاه ثقافات وحضارات وأديان العالم كله. هذا الدور وهذه الصورة نحتاج اليهما لمكافحة الإرهاب وإعطاء الصورة الحقيقية عن شعوبنا وبلداننا”.

أضاف: “تناولنا أيضا التحديات التي تواجه منطقتنا وعرضت للوزير شكري ثلاثة مواضيع أساسية يواجهها لبنان، وهو في حاجة الى دعم مصر السياسي في ما يخصها، أولا: الموضوع الإسرائيلي، إذ تصر إسرائيل على الاعتداء على لبنان برا وبحرا وجوا، وعلى عدم التزامها الشرعية الدولية. في المقابل يصر لبنان على حقوقه وعدم التنازل عنها، وعلى تحقيق صموده بفضل مقاومته ومقاومة شعبه ومؤسساته وكل بنيان الدولة اللبنانية، ورفضه هذه الممارسات الاسرائيلية وإصراره على رفض التوطين الفلسطيني في لبنان والطلب الدائم لحق الشعب الفلسطيني في العودة الى دياره.

ثانيا: موضوع النزوح السوري، وقد أعربنا مجددا عن أن النزوح واللجوء أمر مرفوض في الدستور اللبناني، وأن الحل الوحيد الممكن للنازحين السوريين هو عودتهم الى بلدهم لأن في بقائهم في لبنان خطرا عليهم وعلى التركيبة اللبنانية القائمة على التوازن والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وعلى عدم قدرة لبنان على استيعاب أي شعب على أرضه بسبب قلة مواردنا وطبيعة اقتصادنا. ومن باب الحفاظ على أمننا القومي طلبنا أيضا مساعدة مصر لتفهم أكبر عربي ودولي لموقف لبنان وضرورة مشاركته في تحمل الأعباء الاقتصادية وتقاسم الأعداد، لأن ما سجله لبنان حتى اليوم من وجود 200 نازح في الكيلومتر المربع الواحد هو أمر لا يمكن أن يحتمله أي بلد آخر في العالم، ولكان انهار منذ زمن طويل. وبالتالي فإن أي رهان لاستعمال النازحين السوريين كورقة سياسية من الخارج في ظل المرمى السياسي والوصول الى أهداف سياسية في سوريا، هو أمر يرفضه لبنان وسيقاومه حتى النهاية.

ثالثا: موضوع التحدي الأمني المتمثل في الإرهاب، وطبعا فإن مصر خير من عانى هذا الموضوع وواجهه بعسكره وجيشه المصري الباسل، ولكنها واجهته أكثر من خلال المجتمع المصري الرافض للارهاب. وهذا ما نتشابه به مع مصر. إن المجتمع اللبناني يرفض الإرهاب، وليس هناك بيئة حاضنة له، ولدينا جيش مقدام وبطل يواجه في الصفوف الأمامية الإرهابيين على حدودنا، ويمنعهم من التوغل أكثر في الداخل اللبناني. إن حاجتنا هنا الى مصر هي بالتشديد على أهمية دور الجيوش الوطنية في محاربة الإرهاب، وحدها الجيوش الوطنية على الأرض هي التي تستطيع قهر الإرهاب وتتغلب الشعوب العربية على الفكر التكفيري الذي يحاول التغلغل. إن التسميات الإرهابية لا تتغير، فالإرهاب لا أسباب تخفيفية له ولا أسماء متغيرة له، أو مخففة، ولا قبول للإرهاب بأي شكل من الأشكال، ولا تخفيف ولا تفسير له. وهنا قوتنا بأننا لا نجد اعتدالا ضمن الإرهاب، فالإرهاب إرهاب، والصوت العربي يجب أن يرتفع بصوت أعلى من قرقعة السلاح ومن القتل الذي يعتمده الإرهابيون. يجب أن يرتفع صوتنا الى درجة يعلو فيها أيضا على الأصوات المتطرفة التي تأتي من الغرب، وبهذا نستطيع التغلب على الإرهاب ونشعر بأننا نتحمل مسؤوليتنا لمواجهته، لأن المسؤولية الأولى تقع علينا وليس على أحد غيرنا، وإن لم نقم بهذا الأمر فيجب أن نتوقع أن يأتينا تطرف مقابل التطرف الذي يخرج من منطقتنا”.

وتابع باسيل: “كانت أيضا مناسبة تطرقنا خلالها الى العلاقات الثنائية، وشددنا على أهمية التبادل التجاري بين مصر ولبنان والمصلحة الكبرى لبلدينا في أن يكون هناك أولوية لمصر بالنسبة الى لبنان، ولبنان بالنسبة الى مصر في التبادل التجاري، ولا سيما في ما يتعلق بالمنتجات الزراعية، كالتفاح من لبنان في اتجاه مصر، والبطاطا من لبنان في اتجاه مصر وغيرها من المنتجات الغذائية التي لدينا مصلحة كبرى في المحافظة على التبادل التجاري في ما بيننا، ونأمل أن يتطور الى تبادل على صعيد الطاقة في ظل اكتشاف حقول الغاز في مصر، والاستعداد اللبناني للدخول في مجال استكشاف الغاز والنفط في مياهنا وصولا الى التبادل الثقافي الذي هو أغنى ما لدينا”.

وختم: “سمعنا من الأخوة المصريين حاجتهم الى لبنان مستقر وقوي، ونحن ندرك أن هذا اللبنان القوي يكون بالحفاظ على استقلاله وسيادته واستمداد قوته الشرعية من قوة شعبه. إن الشرعية الشعبية هي الأمر الذي مرت به مصر لتخرج من أزمتها، إنها الممر الوحيد للبنان للخروج من أزماته الداخلية السياسية. إن الممر الوحيد هو الشرعية الشعبية المعطاة للسلطات الدستورية في لبنان، هذا ما يؤمن الاستقرار وديمومة الحل السياسي، وهذا ما يجعل من لبنان قويا هو حاجة لشعبه وللمنطقة وبلدانها واستقرارها”.

شكري
بدوره، قال وزير شكري: “أشكر معالي الوزير باسيل على استقبالي وعلى حسن ضيافته والمشاورات المثمرة التي عقدناها، وكنت التقيت صباح اليوم دولة رئيس الوزراء تمام سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري واتفقنا خلال زيارتي على مواصلة اللقاءات مع الرموز السياسية اللبنانية كافة لتكثيف التواصل المصري على المستوى الرسمي والسياسي مع الأشقاء في لبنان. لقد أتيح لنا الآن عرض العلاقات الثنائية بين البلدين، ونحن نتطلع الى تعزيزها وتوثيقها في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وهذا هو الإرث التاريخي الذي يربط بين البلدين والشعبين، وتحرص مصر على مواصلته. تحدثنا عن تفعيل الأطر المرتبطة بالعلاقات الثنائية سواء كانت اللجنة الاقتصادية واللجنة القنصلية أو إعادة تفعيل وتنشيط اللجنة العليا المشتركة باعتبارها الإطار الجامع لاستكشاف مواضع التعاون والتضامن في ما بيننا، ونأمل أن يكون هناك تفعيل لكل هذه الأطر بما يعود بالمصلحة المباشرة على علاقاتنا وشعبينا”.

أضاف: “تحدثنا بإسهاب عن ثلاثة مواضيع ذات اهتمام بالنسبة الى سياسة لبنان الخارجية والتحديات التي تواجهه، ونحن نتفق معكم، ولدينا رؤية مشتركة إزاءها، وسوف نكثف التنسيق بيننا على المستوى الثنائي وعلى المستوى المتعدد وفي اطار المنظمات الدولية لمراعاة هذه المشاغل والمعاونة في مواجهتها، لأننا نرى أن التحديات التي تواجه الامة العربية والدول العربية ممثلة في كثير من المواضع، ولا بد أن يتم التعامل معها ومواجهتها من خلال تكثيف التواصل والتفاهم والعمل المشترك في ما بيننا حتى نستطيع ان نبذل كل ما في وسعنا لدرء هذه المخاطر والقضاء عليها”.

وقال: “إن الوضع الملتبس المليء بالمخاطر الذي تشهده الساحة العربية من صراعات وانتشار لظاهرة الإرهاب ومن شقاق وانقسام، كل هذا يحتم، حتى نستطيع ان نلبي طموحات شعوبنا، أن نتجاوزها ونتصدى لها ونرتقي الى المسؤولية التي يفترض أن نضطلع بها لتحقيق الاستقرار وإطلاق القدرات لشعوبنا. إن إرادة الشعوب العربية هي ارادة قوية، وهي طبعا اساس أي عمل واي جهد تضطلع به السلطات المسؤولة، وهي كما ارتكزنا عليها في مصر، نحن نثق في قدرة الارادة الشعبية في كل الدول العربية ان تكون هي المحرك والمرشد لتحقيق هذه المصالح. بالتأكيد نحن نشعر بقلق مما يعانيه لبنان الشقيق من أزمة سياسية مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي، وهذا الامر مرتبط باستقرار لبنان، وكما تفضل الوزير باسيل، إن هذا الامر مقرون بالتوصل الى توافق وتفاهم بين الأطياف السياسية وعناصر المجتمع اللبناني، وللبنان خصوصيته وضرورة احترامها”.

وأكد شكري أن مصر “دائما على استعداد ولا توفر أي جهد ودعم يسهم في التوصل الى هذه التفاهمات، ونتطلع الى أن يكون هناك خلال هذه الزيارة المزيد من تبادل الرأي والتواصل من أجل تحقيق هذه المصلحة المشتركة، ليس في إطار علاقاتنا الثنائية، ولكن في إطار استعادة الاستقرار في المنطقة العربية والشرق الاوسط، بما يعود بالنفع على الشعوب العربية والحفاظ على الامن القومي والهوية العربية التي يتم الضغط عليها من خارجها، سواء على المستوى الاقليمي او الدولي. ويجب ان نتنبه جيدا أننا نحن من يحدد إطار مصلحتنا ومسارنا، وهذا هو الضمان لتحقيق الارادة الشعبية التي تحدثنا عنها”.

وختم: “نحن نتطلع الى أن تستمر ثقافة التواصل في ما بيننا، والى زيارتكم القاهرة قريبا”.

أسئلة
سئل: هل من مبادرات أو أفكار مصرية طرحتها على المسؤولين حول الملف الرئاسي؟
أجاب: “نحن هنا نبذل كل جهد في تقريب وجهات النظر والعمل معا وبذل كل جهد وفقا للتفاهم من خلال الرموز والقيادات السياسية، وفقا لإرادة مكونات الشعب اللبناني الشقيق. فدورنا هو دور ميسر ويتوقف على الإرادة المتوافرة لدى الاطراف”.

سئل: هل تؤيدون المرشح الاكثر ميثاقية وشعبية، أم أن لديكم مرشحا جديدا؟
أجاب: “ليس لدينا أي نوع من التفضيل او التوجيه او تزكية لطرف على حساب آخر. فنحن نتعامل مع كل الاطراف بالتطلع نفسه، وان يكون هناك تواصل وتفاهم، ونوفر ما لدينا لتقريب وجهات النظر وفقا لما ترتضيه الاطراف. فليس لدينا أي نوع من التدخل أو الأثقال، إنما نهتم بهذا الأمر نظرا الى اهتمامنا باستقرار لبنان”.

سئل: هل من متابعة لزيارتك للبنان والسعودية وإيران؟
أجاب: “نحن هنا في إطار اهتمامنا الثنائي وعلاقتنا بلبنان الشقيق، والحوار القائم بيننا هو حوار مصري-لبناني، وهذه هي الحدود”.

سئل: هل تفضل مصر أن يكون للرئيس الجديد أبعاد أمنية أو وجه أمني نظرا الى المرحلة الأمنية المقبلة في المنطقة؟
أجاب: “أحب ان اؤكد ان مصر ليس لديها اي تفضيل في اي اتجاه، وانما تفضيلها هو ان ينعم لبنان بالاستقرار وان يتجاوز هذه العقبة، وان يؤدي استكمال مؤسسات الدولة الى ترسيخها والمحافظ على سلامة الاراضي اللبنانية واستقرارها. إننا نعيش في اجواء تستهدف فيها قدرة الدولة ومؤسساتها، بحيث يتم العمل على شرذمة الدول العربية وتفتيتها. من هنا تأتي أهمية قيام الدولة المركزية القادرة وتثبيت كل مؤسساتها”.

سئل باسيل: هل من خطة لدمج مشكلة النازحين السوريين في المجتمعات المضيفة؟ وهل سنبقى ندور في الحلقة المفرغة ونطلب الدعم من هنا وهناك، أم أن هناك استراتيجية عربية لمعالجة مشكلة النزوح السوري وبالتالي تحويل لبنان الى مخيم للجوء؟
أجاب: “هناك توجه دولي واضح يجب ألا يختبئ أحد وراءه ويقول انه في انتظار الحل السياسي في سوريا. على الدول المضيفة للنازحين السوريين وكل حركة النزوح القائمة في العالم ان تستوعب هذه الحركة، وتدمجها وصولا الى توطينها او إعطائها الجنسية.
إن الحل الوحيد هو عودة أهل سوريا الى أرضها، فإذا كان لبنان غير قادر سياسيا على تحقيق هذا الامر فإنه يأمل بمساعدة أصدقائه وأشقائه، وتحديدا جمهورية مصر العربية، وان يتم التعامل مع لبنان من خلال خصوصيته، بمعنى ان يتم استبعاده عن هذا التوجه لأن له خصوصية في تركيبته ودستوره وميثاقه ومساحة أرضه، وقدرته الاستيعابية غير المتوافرة، وعلى هذا الاساس يجب أن يكون للبنان حيز خاص في موضوع النزوح. لقد نجحنا في مسعانا الديبلوماسي أخيرا في أن يكون لنا فقرات خاصة في التقارير الدولية، ونأمل الاستمرار في هذا التوجه لتحقيق مصلحة لبنان ودول المنطقة”.

اترك تعليقاً