رحمة ممثلا الراعي في ذكرى استشهاد صبحي ونديمة الفخري: لا يظنن أحد أن دماء الأبرياء ستبقى صامتة ما دامت عين الله ساهرة

محطات نيوز _ ترأس راعي أبرشية بعلبك – دير الأحمر المارونية المطران حنا رحمة، ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداسا على نية راحة نفسي الشهيدين صبحي ونديمة الفخري في الذكرى الثانية لاستشهادهما، في كنيسة مار نهرا في بلدة بتدعي البقاعية، بمعاونة راعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، راعي أبرشية بعلبك للروم الكاثوليك المطران الياس رحال، المطران سمعان عطاالله، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي نعمة الله الهاشم ولفيف من الكهنة، وفي حضور المدير العام للأمانة العامة لرئاسة الجمهورية عدنان نصار ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال تمام سلام، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” السيدة لور سليمان ممثلة وزير الاعلام رمزي جريج، جرجس معلوف ممثلا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، العميد عطية اسحاق ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، النائب السابق حسن يعقوب، منسق حزب القوات اللبنانية في البقاع الشمالي المهندس مسعود رحمة ممثلا الدكتور سمير جعجع، الرائد غياث زعيتر ممثلا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، العقيد جوزيف النداف ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، النقيب إيلي كيروز ممثلا مدير المخابرات العميد كميل ضاهر، النقيب جوزيف سلمو ممثلا قائد الدرك العميد جوزيف الحلو، الدكتور روجيه سكاف ممثلا رئيسة الكتلة الشعبية السيدة ميريام سكاف، النائب الاول لمدير المخابرات العميد الركن مالك شمص، مدعي عام بعلبك الهرمل القاضي كمال المقداد، المفتي السابق لبعلبك الشيخ بكر الرفاعي، رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر جان الفخري ورؤساء بلديات ومخاتير، إمام مسجد التوبة في بعلبك الشيخ علي حسن، رئيس رابطة آل طوق انطوان طوق، أفراد عائلة الشهيدين صبحي ونديمة الفخري وفاعليات سياسية وإعلامية وأمنية واجتماعية.

رحمة

بعد الانجيل المقدس، ألقى رحمة عظة قال فيها: “لقد شرفني صاحب الغبطة والنيافة، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق، الذي تشرفتم بدوركم بدعوته للاحتفال معكم بالذبيحة الإلهية لراحة نفسي والديكم صبحي ونديمة الحبيبين، بمناسبة الذكرى الثانية لانتقالهما إلى الرحمة الإلهية، فكلفني أن أنقل إليكم تحياته ومحبته والصلوات، سائلا الآب السماوي أن يغمركم ببركاته الروحية الوافرة. مع بشارة الملاك لزكريا بمولد يوحنا، ينتهي عهد قديم ويفتتح عهد جديد. تنتهي مرحلة الوعد لتبدأ مرحلة الاعداد المباشر لعهد الخلاص والقيامة”.

وتابع: “دامت التهيئة لمجيء مخلص العالم أجيالا ودهورا، توالت فيها طقوس وذبائح، وجوه ورموز، موجهة كلها إلى شخص المسيح، الذي أعلنه الآب بفم الأنبياء، بدءا بإيليا ووصولا إلى يوحنا السابق، خاتمة العهد القديم وآخر أنبيائه. كل هذه المسيرة عبر الأجيال تشكل القسم الأول من تصميم الخلاص الذي هو عمل الله الواحد والثالوث. إلا أن هذه المسيرة لم تخل من شخصيات معارضة لهذا التدبير الإلهي وشخصيات أخرى موالية له، وبين الموالاة والمعارضة يشتد دوما عزم الله، مدفوعا بالمحبة والرحمة، لتحقيق عهد السلام، عهد الخلاص بالفداء”.

أضاف: “أستغل فرصة الحديث عن توالي العهود وتتاليها، لأهنىء لبنان واللبنانيين بالعهد الجديد، الذي افتتح بانتخاب رئيس جديد للبلاد، فخامة الرئيس العماد ميشال عون، بعد انتظار دام أكثر من سنتين ونصف السنة، ولأعبر عن الفرح والارتياح والأمل باسم شعب منطقتنا في هذا البقاع الشمالي، هذا الشعب الذي عانى ما عاناه، ولا يزال يعاني، بسبب الفوضى الأمنية العارمة، بسبب غياب الدولة وتغييبها عن ساحاته، وبسبب الإهمال القاسي الذي طال جميع المجالات والصعد. وها هو هذا الشعب نفسه يصرخ اليوم “كفى”. كفى للبنان الإنقسامات والإصطفافات والفساد والمحسوبيات والتجارة بكل القيم. نعم للبنان الرجاء والعيش المشترك، نعم للبنان المؤسسات والأمن والسلام، نعم للبنان القديس شربل والطوباوي يعقوب الكبوشي. نعم للبنان الحلم، لبنان الجمهورية الواحدة والقوية، الذي يولد اليوم من جديد مع حلول فجر هذا العهد الجديد”.

وقال: “في الأمس القريب، وتحديدا بتاريخ العشرين من شهر آب الفائت، ومن منبر هذه البلدة البقاعية بالذات، بتدعي، وبينما كنا نحتفل بذكرى الشهداء الأبطال، سمحت لنفسي بالابتهال والمديح بمبادرة المصالحة المسيحية-المسيحية التي إنما تكللت بترشيح قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لمرشح التيار الوطني الحر لرئاسة الجمهورية، مبادرة رأيت فيها يومذاك تكريما لشهداء المقاومة المسيحية ورغبة صافية في مد الجسور الوطنية وإنقاذ الجمهورية. وصليت يومها لتكتمل فرحتنا بانتخاب رئيس جديد للبلاد، وها هي فرحتنا اليوم قد تمت، والشكر والحمد لله”.

وأردف: “لذلك أدعوكم اليوم، متدرعا بمنبر كلمة الله هذا، لا إلى التلهي بنشوة الإنتصار بعد طول الإنتظار، بل إلى الصلاة الحارة والعنيدة على نية ترسيخ الوحدة بين المسيحيين، كل المسيحيين، عسى روح الله يلهم القابعين خارج سرب التلاقي والحوار، فيضعون جانبا خلافات السياسة الحاقدة والمصالح الحزبية أو الفئوية مهما علا شأنها وسما، فتتكرس المصالحة بين كافة الأحزاب المسيحية دون أي استثناء وكم نرغب بأن تصيب عدوى المصالحة جميع الأفرقاء اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والطائفية والحزبية والمذهبية، فيتربع عندئذ لبنان وحده على عرش السيادة والإستقلال والحرية”.

وقال: “في هذه الأجواء الوطنية، يبدأ زمن الميلاد هذه السنة، فيطل علينا إنجيل الرب بحسب لوقا البشير ليحكي لنا بشارة الملاك لزكريا بمولد يوحنا المعمدان، ونص البشارة هذا إنما هو بمثابة جسر العبور من القديم إلى الجديد، من آدم إلى عمانوئيل، وفيه تبرز شخصيات كل من زكريا وإليصابات وابنهما يوحنا، إنما لتهيئنا لبشرى ثانية فيه يبدأ زمن الخلاص والبهجة، أعني بها بشرى ميلاد الرب يسوع من مريم العذراء”.

أضاف: “لا يسعني في هذه الذكرى الثانية لعودة ابنينا صبحي ونديمة إلى رحم الآب السماوي إلا أن أستنجد بخاتمة الأنبياء طالبا شفاعته لتتحقق في عالمنا اليوم علة دعوته النبوية فيرتد الكثيرون إلى الرب إلههم، والعصاة إلى حكمة الأبرار، فنهيء للرب شعبا معدا خير إعداد (لو 1: 16-17). وما أكثر الضالين والعصاة في مجتمعنا. في هذه الذكرى الثانية، وبعد أن انفطرت قلوب الأبناء والبنات لغياب والديهم في جريمة هي الأبشع في أيامنا هذه، وبعد أن صمت القتلة وتواروا عن أنظار الدولة والقضاء، لا يظنن أحد أن دماء الأبرياء ستبقى صامتة طالما أن عين الله ساهرة أبدا. نعم أيها الأحبة، سيظل صدى صوت إله قايين وهابيل، إله الحق والحقيقة مدويا: يا قايين أين هابيل أخيك؟ ومهما تخاذل قايين هاربا ومتهربا مجيبا: “لا أعلم، أحارس أنا لأخي؟‍” إلا أن عدالة الله لا تنعس ولا تنام، بل ستظل تردد على مسامع القاتل وفي ضميره نداء الحق مكررة: “ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك صارخ إلي من الأرض” (تك 4: 8 – 16). وما إلحاح الله في عدالته هذه سوى دعوة موجهة إلى الخاطىء، أكان قاتلا أم سارقا أم زانيا أم مرتكبا أيا من الآثام، لكي يتوب عن خطاياه ويرجع إلى ربه طالبا الصفح والغفران. إن عدالة الله هي أن يخلص جميع البشر بدون أي استثناء، ورحمة الله لا يمكن أن تتحقق ما لم يرد الإنسان أن يعترف بخطئه ملتمسا الغفران والصفح”.

وتابع رحمة: “أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إن رحمة الرب ليست مجرد مسامحة لبعض الخطايا التي يرتكبها المرء، بل هي إنقاذ من موت يعيشه الخاطىء كل يوم وقد يعيشه إلى الأبد إن فوت فرصة التوبة. نعم يا إخوتي، إن الهارب والمتهرب من مواجهة الخطيئة بالتوبة والاستغفار هو رجل تعيس رافض للحياة والسعادة، بل هو رجل بائس وميت. نعم أيها الأحبة، خير لنا أن نتشبه بالله الرحوم، غافر الخطايا والزلات، لا بالمجرم الهارب والباحث أبدا عن موته اليومي في ظلال الحياة. فطوبى لمن يغفر، فله السعادة وسلام القلب، والويل لمجرم رافض رحمة الرب والتوبة وطلب الغفران”.

أضاف: “منذ تولينا بالنعمة سدتنا الأسقفية هذه وشغلنا الشاغل أن ينعم بقاعنا الشمالي بالسلام والأمن والأمان. هي أمنية ما وفر الوعظ بها والصلاة من أجل تحقيقها أي من أسلافي الذين توالوا على هذا الكرسي الأبرشي. وكم يفرحني اليوم أن أسمع الجميع مبشرا وواعظا بها، بل داعيا إلى تحقيقها، وكم يسعدني أن يكون في طليعتهم من له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على بعض من الفوضويين العابثين بأمننا وسلامنا. وأعني بهذا التلاقي تلك المبادرة التي توجهت أخيرا إلى زعماء العشائر ووجهاء العائلات في هذا البقاع الشمالي – وقد وصلكم بالتأكيد صداها – للتصدي للفلتان الأمني الذي أتعبنا جميعا بلا شك، وبخاصة أن عدد المطلوبين تخطى الخمسة آلاف شخص بموجب مذكرات توقيف وجلب تتخطى 30 ألفا”.

وختم: “مع هذا، هناك مؤشرات كثيرة تبشر بالخير وبمستقبل أفضل. لذلك تعالوا نصلي على هذه النوايا جميعها، مصلين لراحة نفسي صبحي ونديمة، هذان البريئان اللذان لا ينفكا عن الصلاة لأجلنا نحن أبناء الكنيسة المجاهدة، لكي نعبر مثلهما ومثل زكريا وإليصابات ويوحنا من زمن قديم مشوه بالتعب والشقاء، إلى عهد جديد يسوده الخير وتحكمه المحبة، يملؤه السلام وتغنيه الرحمة. رحمهما الله وأعطى أولادهما الأيام الطويلة لكي يكونوا رحمة لوالديهما بالقول والعمل والشهادة المسيحية الصادقة”.

الفخري

وألقى نجل الشهيدين الفخري باتريك كلمة العائلة وقال فيها: “لا تفاجأوا اذا اعلنت الشهادة معمودية فكما ان المعمدين يغسلون بالماء كذلك الشهداء قد غسلوا بدمائهم. هذه العبارة من كلام القديس يوحنا فم الذهب اخترناها لتكون شعار السنة الثانية لاستشهاد صبحي ونديمة الفخري. فنحن ابناء صبحي ونديمة الفخري قد اغتسلنا بمعمودية الدم بعدما غسل والدانا بدمائهما فشهادتهما معمودية لنا لكي نبقى ونتمسك بأرضنا ونحافظ على وجودنا. 727 يوما على استشهاد والدنا صبحي الفخري. و729 يوما على استشهاد والدتنا نديمة الفخري فنحن لم نحسب الفراق بالسنوات بل حسبناه بالايام والساعات لان معاناتنا منذ استشهادهما لم تكن عادية فكل دقيقة تمر علينا بعد غيابهما لم تبلسم جراحنا، بل زادت معاناتنا ودعتنا الى مساءلة انفسنا هل نحن اخطأنا لاننا لم نأخذ حقنا بيدنا، وتركنا العدالة تأخذ مجراها؟”

أضاف: “الأيام تمر والمجرمون على بعد اميال من بلدتنا. لقد وضعنا الجريمة منذ اللحظة الاولى لوقوعها في عهدة الدولة والقضاء والقانون وضبطنا انفسنا لكي لا نورط شبابنا وشيبنا، ليس تقصيرا منا او خوفا من حمل السلاح بل حقنا للدماء وحفاظا على العيش المشترك والسلم الاهلي في منطقتنا وعملا بتوجيهات صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى. لقد اعطينا المساعي السياسية والحزبية الفرصة لتسليم المجرمين لكن من دون جدوى. دماء شهدائنا لن تذهب هدرا ولن يغمض لنا جفن او يستريح لنا بال قبل تحقيق العدالة والقبض على القتلة المجرمين وسوقهم الى السجن وانزال اشد العقوبات بحقهم”.

وتابع: “يا صبحي ونديمة الفخري اعاهدكما باسمي وباسم اخوتي بان دماءكما لن تذهب هدرا ولن نسمح بان يكون المجرمون القتلة اقوى من الدولة ومؤسساتها”.

وختم شاكرا للحضور تعزيتهم ومشاركتهم في هذا القداس، متمنيا للجميع ألا يصيبهم مكروه.

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات