الأنباء : بعد طول مخاطرة بصحة الناس البلد إلى إقفالٍ “رهن التنفيذ”.. وغياب ترشيد الدعم يفاقم الضغط المعيشي

محطات نيوز- كتبت صحيفة ” الأنباء ” الالكترونية تقول : كم يبدو صعباً الإتفاق على قرار واحد وموحّد يتعلق بحياة المواطنين في ظل هذه الحكومة، وهذه السلطة المستقيلة من ‏وظيفتها الوطنية، بالرغم من أنها حكومة اللون الواحد والسلطة المتسلّطة على رقاب البلاد والعباد. فتراهم لا يتفقون ‏إلا على مصالحهم العابرة فوق مصلحة اللبنانيين، فيتفقون على عدم ترشيد الدعم وترك الأمور سائبة لكي تستفيد ‏مافيات التجار والتهريب، فيما يختلفون على قرار اقفال وكيفية تنفيذه لكي يأتي بنتيجة ناجعة‎. ‎

يتفقون على طي ملفات الكهرباء، وتحريك القضاء غب الطلب، ثم يختلفون في معالجة الأزمة الإقتصادية والأزمة ‏المالية، والأزمة المعيشية، ويترنحون في معالجة أزمة كورونا‎.‎

وقرار الإقفال الذي كان يمكن أن يصدر بأقل من 10 دقائق بالنظر لخطورة المرحلة، لم يظهر الا بعد يومين من ‏الإجتماعات. والإجتماع الصباحي أمس الذي كان مقرراً أن تحضره مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية بترا ‏خوري لم تشارك فيه إحتجاجاً على الطريقة التي تُدار فيها الأزمة، وإجتماع بعد ظهر أمس الذي كان مخصصاً لإتخاذ ‏قرار الإقفال، تأخر عنه وزير الصحة حمد حسن ساعة وربع الساعة، وعندما سُئل عن سبب تأخره أجاب: “الآن بدأ ‏البحث في الملف الصحي‎”.‎

غريب عجيب أمر هذا الملف الصحي الذي تحوّل بفضل هذه الحكومة وتلك السلطة إلى قضية أصعب من قضية ‏تشكيل الحكومة التي ما زالت عالقة بين بعبدا وبيت الوسط، وتحقيقات المرفأ التي تتأرجح بين إستمرار القاضي العدلي ‏فادي صوان في متابعة ملف التحقيق، وبين طلب تنحيته‎.‎

ولكن أخيراً، وبعد نهار ماراثوني شهدته السراي الحكومي، أمني وصحي وإداري، تم الإتفاق على إقفال البلد ثلاثة ‏أسابيع، تبدأ صباح الخميس في السابع من الجاري وتنتهي صباح الإثنين في الأول من شباط المقبل، مع إعادة تطبيق ‏قرار “المفرد والمزدوج”، ومنع التجوّل من الساعة السادسة مساءاً حتى الخامسة صباحاً، وطيلة أيام الآحاد، وتخفيف ‏الرحلات الجوية بنسبة 20% بالإضافة إلى الإستثناءات التي كانت معتمدة في الإقفال الأول وما تلاها من قرارات في ‏فترات الإقفال الأخرى‎.‎

رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي أشار في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “لجنة الصحة ‏النيابية كانت أول من طالب بالإقفال العام بعد وصول الإصابات بكورنا إلى أرقام مخيفة”، معتبراً أن الإجراءات التي ‏إتُخذت جيدة و”لكن تبقى العبرة في التفيذ، وخاصة لجهة تخفيض رحلات الملاحة الجوية بنسبة 20‏‎%”.‎

ورأى عراجي أن “الأهم من كل ذلك ألّا تصدر تعاميم اليوم مخالفة لما إتُفق عليه مساء أمس، وألّا يكون هناك ‏إستثناءات غير التي تمت الإشارة إليها، ولكن يبقى التطبيق على الأرض هو المعيار الأهم، لأن الوضع صعب جداً ‏أكثر مما يتصوره أي عقل، فأقسام العناية الفائقة في كل المستشفيات الحكومية والخاصة التي تستقبل مرضى الكورونا ‏لم يعد بإستطاعتها إستقبال أي حالة”، مستغرباً “وجود 67 مستشفى خاص ليس فيها سوى 63 سرير للحالات الطارئة”، ‏قائلا: “بأي حق لا تفتح هذه المستشفيات أجنحة خاصة لكورونا أسوةً بغيرها، مع العلم أنها في أيام العز والبحبوحة ‏كانت المستفيدة الوحيدة من الدولة، بينما البعض الآخر، منهم قام بواجبه على أكمل وجه‎”.‎

عراجي تحدث عن “إنذار أخير صدر بحق المستشفيات المتوقفة عن إستقبال مرضى كورونا، قد يُستتبع اليوم بإجتماع ‏طارئ للمؤسسات الضامنة مع الوزارات المعنية ومن بينها وزارتي العمل والصحة لتأمين أقله 200 سرير للعناية ‏الفائقة، فنحن في مرحلة وباء وقد نحتاج إلى مئة سرير أو أكثر، وعندها يكون هناك نوع من الأمان الصحي. وإن ‏وزارة الصحة تعهدت بدعم هذه المستشفيات من قبل البنك الدولي‎”.‎

وعن دور المستشفيات الميدانية، لفت عراجي إلى أنها “خُصصت للحالات المتوسطة على أمل شفائهم وعدم السماح ‏لأن تسوء حالتهم أكثر خاصةً إذا كانوا بحاجة للأوكسيجين بنسبة لا تتجاوز الخمسة ليتر، لأن النقص بالأوكسجين إلى ‏ما دون 96 درجة مئوية، تبدأ حالة المريض تسوء، فالنقص في الأوكسجين يؤدي إلى ضيق النقس، لكن هذه الأمور لا ‏تظهر عوارضها قبل 7 أيام من تاريخ الإصابة‎”.‎

عراجي رأى أن “المطلوب من الإقفال بالدرجة الأولى تخفيض عدد الإصابات، فإذا ما توصّلنا إلى هذه النتيجة، يمكننا ‏السيطرة على الوباء، بعد أن تكون المستشفيات أعادت تجهيز نفسها ويكون القطاع الصحي أخذ قسطا من الراحة‎”.‎

عراجي أسف لوجود خلافات بين أعضاء اللجنة أخّرت الإتفاق على قرار الإقفال حتى المساء، إذ كان مفترضا أن يُتخذ ‏القرار بغضون نصف ساعة على أبعد تقدير، فالمشكلة تكمن بأن كل فريق يريد تحميل الفريق الآخر مسؤولية ما ‏وصلت إليه الأمور‎.‎

وعن الأسباب التي أدت إلى تأخير توقيع عقد إستيراد اللقاح من شركة “فايزر”، كشف عراجي أن الشركة طلبت من ‏الحكومة توقيع عقد لا يُحمّل الشركة أي مسؤولية، لأن هناك نوعين من اللقاح، ‏‎”A – E” ‎وهذا الإجراء طُبّق في ‏الولايات المتحدة، وشركة “فايزر” لا تتحمل مسؤولية ما قد ينتج، وبما أن الحكومة هي حكومة تصريف أعمال، ولا ‏يوجد أي قانون يلحظ هذا الأمر، تم الإتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لقوننة هذه النقطة، وبحسب ما أبلغه ‏وزير الصحة أن الأمور تسير وفق ما هو مرسوم لها‎.‎

بدوره، نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون رفض في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية التعليق على قرار ‏الإقفال بإنتظار الإجراءات التي سيعلن عنها وزير الداخلية اليوم، ومعرفة الحيثيات والإستثناءات. وقال: “إذا كانت ‏مشابهة للمرة الماضية، معنى ذلك أنه لم يتغير شيئا، وإذا كان صحيح ما جرى تسريبه في الإعلام عن السماح بالعمل ‏لنسبة 25% من القطاع العام، و20% من قطاع المصارف، فلن ننتظر من الإقفال أي نتيجة لأننا ما زلنا ندور في ‏الحلقة المفرغة”، مطالبا “بالإقفال التام من دون إستثناءات، ولكن تبقى هناك مشكلة الطبقات الفقيرة والمياومين، الذين ‏تجاوز عددهم الـ40% من سكان لبنان، فهؤلاء يلزمهم مساعدة، لتأمين قوتهم اليومي على البيوت، فهل الحكومة ‏لاحظت هذا الأمر؟ وهل هي قادرة على ذلك؟ فإذا لم يترافق قرار الإقفال مع إجراءات تضمن نجاحه نكون ننتقل من ‏فشل إلى فشل‎”.‎

وفي موضوع المستشفيات الخاصة التي لم تستقبل لغاية الآن مرضى كورونا، برر هارون الأمر “بصعوبة هذه ‏الخطوة لأن المستشفيات الخاصة لكي تستقبل مرضى كورونا يلزمها أسرّة للعناية الفائقة، وكلفة السرير الواحد بين ‏شراء الأجهزة، ومعدات المراقبة، تصل إلى 50 ألف دولار، وإذا إفتتحنا أجنحة لكورونا، وزدنا عدد الأسرة، ولا تكون ‏مستوفيةً الشروط اللازمة، يُصبع هناك خطر على المريض‎”.‎

هارون ادّعى أن “المستشفيات الخاصة هذه الأيام تقع تحت عجز مالي، وهناك صعوبة لتزيد عدد الأسرّة فيها، ‏بإستثناء، المستشفيات الخاصة التي جهّزت نفسها منذ بداية الأزمة وهي تستقبل المصابين كالمعتاد‎”.‎

من جهته اعتبر رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في تعليقه على قرار الإقفال أننا “وصلنا إلى مرحلة سيئة ‏جدا، ومن الضروري أن يكون هناك قرار بالإقفال، لكن علينا أولا معرفة حيثياته، والقطاعات المعفاة منه، لكي نعلق ‏عليه بشكل موضوعي‎”.‎

الأسمر كشف في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية أنه تحدث في هذا الشأن مع مستشارة الرئيس دياب للشؤون الصحية ‏بترا خوري، ومع اللواء محمود الأسمر، مقترحا فترات إقفال ليس طويلة، لمدة 15 يوما، قابلة للتجديد أكثر من مرة إذا ‏لزم الأمر، خاصة إذا ذهبت الأمور إلى ما هو أسوأ، شرط ألا تكون لقرارات الإقفال إنعكاسات سلبية “وأهم شيء ‏بالنسبة للمياومين الموزعين على كل القطاعات الكهرباء، المياه، والنقل والمرفأ والإهراءات وكل المصالح المستقلة‎”.‎

وقال الأسمر: “في أوجيرو وحدها أكثر من 2500 مياوم، عدا عن عمال المصالح الخاصة والجارية، الذين يتوجّب ‏مساعدتهم”، لافتا إلى ان عملية توزيع المساعدات في المرحلة الأولى، رافقها إلتباس كبير، متمنيا على المعنيين عدم ‏الوقوع بنفس الأخطاء التي وقعوا فيها في المرحلة الماضية، مشيرا إلى أنه كان مع إقتراح البطاقة التموينية لسلامة ‏وصول المساعدات إلى أصحابها، ولكن بعد تأجيل عملية رفع الدعم، يجب الإستفادة من هذا الأمر لوضع دراسة دقيقة ‏في هذا الخصوص‎.‎

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات