محطات نيوز – القى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام كلمة في حفل افطار دار الايتام الاسلامية، الذي اقيم غروب اليوم في البيال، جاء فيها: “إنها لمناسبة عزيزة أن أكون بينكم في هذا اليوم الفضيل من الشهر المبارك، الذي تحرص فيه دار الايتام الاسلامية مشكورة، منذ عقود، على جمع وجوه طيبة من نخبة مجتمعنا وبلدنا، تحت شعار الخير، وفي أجواء من الود والتلاقي والوحدة الوطنية.
على الرغم من كل أزماتنا وتعقيدات حياتنا السياسية، وعلى الرغم من الاحتقان الذي طبع يومياتنا في السنوات الماضية، ما زال لبنان بعيدا عن التطرف الديني الذي يولد الارهاب. واذا كنا نرى أحيانا بعض علامات التطرف هنا وهناك، فهي بالتأكيد مظاهر استثنائية وظرْفية.
إنني أؤكد، للبنانيين ولإخواننا العرب وللعالم.. أن لبنان ليس فيه بيئة حاضنة للتطرف والإرهاب. إسلامه معتدل، ومسلموه وسطيون داعمون للدولة ومؤسساتها. وما واجهه لبنان في الاسابيع الماضية من استهدافات إرهابية، نجحت أجهزتنا الأمنية في إجهاضها في المهد، ليس إبن أرضنا ولا وليد مجتمعنا.
إن وضعنا الأمني متماسك وثابت، ونحن نستطيع أن نفاخر بقواتنا العسكرية والأمنية على ما قدمته. لكن الانجازات النوعية لهذه القوى تحتاج إلى تحصين سياسي لا يتم الا عبر تعزيز التوافق بين القوى السياسية.
إن هذا التوافق الذي أدى إلى ولادة حكومة “المصلحة الوطنية”، ومكنها من تحقيق ما حققته، بات اليوم عرْضة للتساؤل في ضوء الوضع غير السليم الذي يسود الحياة السياسية.
لقد حرصت دائما على اعتماد الشفافية والوضوح تجاه اللبنانيين. لذلك فإنني، ومن موقع المسؤولية الوطنية، أحذر من أن الأوضاع العامة في البلاد بدأت في التراجع، نتيجة للتعطيل الذي أصاب السلطة التشريعية، وبدأ يتسلل الى السلطة التنفيذيةوكافة المؤسسات،مع ما يعنيه ذلك من انعكاسات سلبية على مصالح اللبنانيين أولا، وعلى المناخ الوطني العام ثانيا.
فهناك ملفات حيوية متعثرة تتطلب قرارات سريعة لتلافي أزمات إجتماعية وإقتصادية ومالية كبيرة. وفي مقدم هذه الملفات، ملف النازحين السوريين الذي بات، بأبعاده الاجتماعية والصحية والتربوية والأمنية، عبئا هائلا على كاهل لبنان.
وهناك ملف الطاقة إستكشافا وإنتاجا، ومسألةالدين العام، التي تتطلب قرارا سريعا باصدار سندات خزينة.
وهناك موضوع سلسلة الرتب والرواتب، وقضيةالجامعة اللبنانية، المؤسسة التربوية الوطنية الأم، التي يرتبط بها مصير ومستقبل عشرات الآلاف من ابنائنا.
هناك مشكلة شح المياه من جراء قلة الأمطار في فصل الشتاء المنصرم، وملف النفايات وتداعياته الصحية والبيئية الهائلة، في بلد يتميز بنسبة اكتظاظ سكاني مرتفعة قياسا إلى مساحته.
ولكل هذه الملفات مضاعفات محتملة على الهم الأمني الكبير، الذي يتطلب أقصى قدْر من التماسك الوطني، لإبعاد المخاطر الداخلية والخارجية عن اللبنانيين.
إن تعطيل المعالجةالسريعة لهذه الملفات، نتيجة التجاذب والتناحرالسياسيين، ينعكس سلبا على المناخ العام في البلاد، وينذر بعواقب وخيمة لا يحتملها أحد.
إننا مؤتمنون على إدارة شؤون وطن مكشوف على أوضاع إقليمية ضاغطة، بكل تبعاتها المعروفة من عنف وتطرف. كما أننا مؤتمنون على خدمة مصالح المواطنين اللبنانيين، الذين منحونا الثقة لتسيير أمورهم وتدبيرحاضرهم وغد أبنائهم. وعلينا أن نكون عند مستوى هذه الثقة.
لذلك، ليس مقبولا تحت أي ظرف من الظروف، أن تصاب مصالح هؤلاء المواطنين الملحة بالشلل، نتيجة التجاذب السياسي.
وليس مقبولا أن تتعطل آلة العمل في الدولة، بسبب مصلحة هذا الطرف أو ذاك، أو أن يتم التعامل مع الشؤون الوطنية بخفة، لتمرير مرحلة هي في قاموس بعض السياسيين وقت ضائع.
إن المؤسسات الدستورية وجدت لتعمل، لا لتتحول الى ساحات للتناحر المؤدي الى العجز.
إننا، في حكومة “المصلحة الوطنية”، نعمل على قاعدة التوافق السياسي الذي نأمل أن يستمر، لنتمكن من المضي في تسيير أمور الدولة.
وسوف نواصل العمل على هذا الأساس، منطلقين من مبدأين أساسيين. الأول عدم الاستسلام لواقع الشغور في موقع الرئاسة الأولى، والتعامل مع هذا الواقع باعتباره حالة مؤقتة وغير طبيعية، ولا يجوز أن تستمر تحت أي ذريعة من الذرائع، والثاني التمسك بالدستور والتزام نصوصه الواضحة في كل ما يتعلق بدور مجلس الوزراء.
إننا نناشد القوى السياسية الخروج من أسر الحسابات الضيقة، وإلى تغليب المصلحة الوطنية العليا على كل اعتبار. وندعوها الى الذهاب، اليوم قبل الغدْ، الى مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وفق الآليات الواضحة التي نص عليها الدستور.
ذلك أن أي تأخير في انتخاب رئيس للبلاد يعني، في ما يعني، عجزا لقوانا السياسية، وفشلا لمؤسساتنا الدستورية، فضلا عن أنه يشكل إساءة لصورة لبنان، وضعفا في بنيانه الوطني، وبالتالي في قدرته على معالجة التحديات الكبرى التي تواجهه.
في هذا الشهر الكريم، ومن دون أي اعتبار للقيم والحرمات، تفتك آلة القتل الاسرائيلية المجرمة بابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
إننا، أمام هذا المشهد المأسوي الذي يدمي القلب، نعلن تضامننا الكامل مع إخواننا الفلسطينيين في معركتهم غير المتوازنة مع هذا العدو الشرس، وندعو اشقاءنا العرب الى مواصلة تحركهم من أجل وقف فوري لسفْك الدماء وهدْم البيوت والأرزاق.
كما ندعو الأسرة الدولية، وكل صاحب ضمير حي، إلى بذل الجهود من أجل رفع الضيْم عن الشعب الفلسطيني.
وهنا لا بد لي من أن أتوقف عند عمليات اطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية في اتجاه فلسطين المحتلة في الأيام الماضية، لأقول إن التضامن مع أهلنا في فلسطين، لا يكون باستجلاب الأذية المجانية لأهلنا في لبنان، ولأؤكد للبنانيين أن جيشهم وقواهم الأمنية تقف بالمرصاد لكل محاولات العبث بأمنهم.
إننا نؤكد أن الحكومة اللبنانية ملتزمة جميع القرارات الدولية التي ترعى الوضع في جنوب لبنان، وخصوصا القرار 1701 بكافة مندرجاته.
إنه زمن صعب.. إنه زمن التحديات الكبيرة.. والطريق الوحيد للتصدي لها هو طريق التكاتف والتعاضد والوحدة الوطنية.