الراعي دعا من البقاع للحفاظ على العيش المشترك: نريد رئيسا جديرا بتحمل المسؤوليات الخطيرة

رادار نيوز  – استهل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي جولته في منطقة البقاع بزيارة عائلة الشهيد محمد معروف حمية في سهل طليا، حيث قدم التعازي، يرافقه المطرانان سمعان عطاالله وبولس منجد الهاشم.

وكان في استقبال الراعي وزير الصناعة حسين الحاج حسن، النائب نبيل دوفريج، الوزير السابق فايز شكر، الارشمندريت تيودور غندور ممثلا المطران اسبيردون خوري، المفتي الجعفري خليل شقير، مفتي بعلبك بكر الرفاعي، عدد من المشايخ، سفير المفوضية العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة رضا المصري، قيادات من حركة “امل” و”حزب الله”، وعدد من الوزراء والنواب. 


واعتبر الراعي في كلمة القاها، “اننا لا نستطيع في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان الا ان ندعم الدولة ومؤسساتها وبخاصة الجيش اللبناني والقوى الامنية والمؤسسات العسكرية التي تحافظ على الوطن بكرامة وشرف”.

وتوجه الى العسكريين المخطوفين او “المأسورين لكرامتهم في جرود عرسال زملاء الشهيد محمد حمية لتلمس عودتهم الى عائلاتهم، وكما قال والد الشهيد ان شاء الله يكون فداء عن رفاقه”.

واكد “الوحدة الداخلية والتعاون في بقاع العيش الواحد الذي يجسد قيمة كل لبنان مسلمين ومسيحيين على تنوعه وفسيفسائه”.

واضاف: “نحن بحاجة لنتعالى عن الجراح في لبنان الرسالة وما وجهه البابا فرنسيس لمسيحيي الشرق، موجه لمعروف حمية وعائلته وسأعبر عن صلاتي ومحبتي لجميع الشهداء وتضامن البابا مع شهداء سوريا والعراق ولبنان وفلسطين”.

وأكد “التعاون والتضامن مع عائلات الشهداء بدءا من الشهيد حمية حيث نعلن تضامننا مع العائلة الحبيبة، وأشكر الرئيس نبيه بري الذي كلف مصطفى الفوعاني إلقاء كلمة حركة أمل. وأعبر لدولته عن محبتي وتقديري لكل عمل يقوم به الى جانب الحزب وكل الموجودين في المنطقة، ولا نستطيع إلا ان نقدر موقف معروف حمية باستشهاد ولده المرحوم الشهيد محمد. ونقول الله يعزي قلوبكم، ويحمي شقيقه وكل العائلة”.

وختم الراعي بالقول: “البقاع أرض زراعية تعلم العطاء والصدقية نحيي كل أهل البقاع ونقول لهم حافظوا على الصدقية، على الشفافية والمحبة والتعاون، وبالتعاون مع دولتنا يمكننا سد كل الثغرات والخروقات التي يتعرض لها الوطن. دعاؤنا الكبير لدماء الشهداء، والشهيد حمية، ونأمل في ان يكون العام 2015 عام الخير والبركة على كل اللبنانيين”. 

والقى مصطفى الفوعاني كلمة حركة “امل” رحب فيها بالبطريرك الراعي، مؤكدا “الوحدة الوطنية والحفاظ على العيش المشترك ودور الجيش اللبناني الذي يواجه العدو الداخلي والخارجي”.

بدوره، رأى معروف حمية والد الشهيد محمد، بوجود البطريرك بركة، و”قد باركت البيت والدار بقدومك”.

يونين

المحطة الثانية في جولته على اهالي العسكريين معزيا كانت في منطقة الفيضة – يونين معزيا بالشهيد عباس مدلج. وأكد الراعي “التضامن مع العسكريين وأن استشهاد عباس مدلج خسارة كبيرة على قلوبنا وعلى لبنان وخاصة الشهيد في الجيش ووالده في المقاومة. من هنا جئت لأحيي الجيش اللبناني والمقاومة، وشهداؤنا هم قرابين نقدمهم للرب والشهيد عباس ذهب فداء للجيش ولبنان والبقاع”.

البزالية

وفي بلدة البزالية، عزى البطريرك الراعي بالشهيد الدركي علي رامز البزال في حسينية البلدة حيث كان في استقباله فاعليات المنطقة وضباط في الجيش وقوى الامن الداخلي ورؤساء بلديات المنطقة.

ورأى الراعي ان “الشهيد علي البزال خسارة لكل لبنان وقوى الامن الداخلي والجيش اللبناني وكل الاجهزة الامنية التي تتعاطى الدفاع عن الوطن”، وأكد ان “سقوط هؤلاء الشهداء مسؤولية في اعناقنا”، وقال: “بالمناسبة أحيي العسكريين المأسورين في جرود عرسال على وجعهم وخوفهم ونطلب منهم ومن عائلاتهم الصبر ومن الله حمايتهم. ونطلب من الله ان يبارك عمل الحكومة، ومن البقاع العزيز نجدد ايماننا بلبنان وبالشراكة والمحبة لبناء لبنان، مسلمين ومسيحيين. هذا الفسيفساء الانساني حيث خلقنا الله متنوعين نؤلف نسيجا واحدا حفاظا على الرسالة اللبنانية”.

بتدعي 


واختتم الراعي جولته بقداس في كنيسة مار نهرا في بتدعي لراحة نفس المرحومين صبحي ونديمة الفخري، عاونه فيه المطارنة سمعان عطاالله وبولس منجد الهاشم والياس رحال، وحضره النائب شانت جنجنيان، الوزير السابق فايز شكر، رئيس المجلس الوطني للاعلام عبدالهادي محفوظ، رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر ميلاد عاقوري ورئيس بلدية بعلبك محمد حسن.

بعد الإنجيل ألقى الراعي عظة بعنوان “عندما رأوا النجم، فرحوا فرحا عظيما” قال فيها: “نجم المسيح اقتاد المجوس، علماء الفلك، من بلاد فارس البعيدة، منطقة إيران اليوم، إلى بيت لحم، واستقر فوق البيت حيث كان الطفل يسوع، الملك الجديد المولود. ومن بعد أن اختفى عنهم فوق أورشليم واضطروا إلى إعلام هيرودس الملك وسألوا عن مكان المولود الجديد، وما إن قيل لهم في بيت لهم، حتى عادوا ورأوا النجم. و”عندما رأوه، فرحوا فرحا عظيما”(متى 2: 10). لكن فرحهم اغتيل فيما بعد بمقتل جميع أطفال بيت لحم من عمر سنتين فما دون، بأمر من هيرودس الخائف على عرشه (راجع متى 2: 16). أما نجم المسيح فظل ويظل، على مدى الأجيال، يقود إليه المؤمنين والمؤمنات في ظلمات الحياة، ويزرع في قلوبهم الفرح والرجاء”.

أضاف: “جئنا إلى بتدعي العزيزة مع سيادة راعي الأبرشية المطران سمعان عطاالله والسادة المطارنة الحاضرين، وهذا الجمهور من الكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين، لنحتفل بقداس الأربعين لراحة نفس الشهيدين صبحي ونديمة فخري، اللذين وقعا ضحية بريئة أمام باب بيتهما برصاص مجرمين ينتمون إلى عائلة آل جعفر، أبناء هذه المنطقة، كان الجيش يطاردهم، وكانوا يحاولون الاستيلاء على سيارات Jeep بالخاصة بالعائلة للهرب بها والتمويه، وذلك في صباح السبت 15 تشرين الثاني الماضي. جئنا لنجدد التعازي الحارة لأبناء وابنتي المرحومين الشهيدين وعائلاتهم، ولأنسبائهم جميعا ولآل فخري الأحباء، ولعائلات بتدعي ومنطقة دير الأحمر، ونصلي من أجل أن يكون نجم الوالدين الشهيدين ساطعا من السماء في حياتهم، كما كان ساطعا أمامهم في أرضهم، بل بأكثر فعالية بفضل الحضور الإلهي؛ وأن يقتادهم نجم المسيح إلى العزاء الحقيقي وإلى دروب الخير والفرح والنجاح؛ وأن يكشف نجم العدالة مرتكبي الجريمة لكي يعودوا بالتوبة الصادقة إلى الله، ويفتحوا المجال للمصالحة والغفران معم ومع أهلهم وآل جعفر الذين نخالهم يقبحون هذه الجريمة، ولكي تنعم هذه المنطقة البقاعية بالسلام وطيب العيش معا”.

وتابع: “في ظلمات الحياة الشخصية والاجتماعية والوطنية، نبحث دائما عن نجم المسيح، هذا النور الذي سطع أيضا في ظلمات الليل في أجواء بيت لحم، معلنا ميلاد ابن الله إنسانا، يسوع المسيح، فاديا للإنسان ومخلصا للجنس البشري والعالم، من أجل انتصار الحقيقة والعدالة والمحبة. في ظلمة حزنكم، أيها الأحباء، أولاد المرحومين صبحي ونديمة وعائلاتكم وأنسبائكم، سطع النور الإلهي الذي عزى قلوبكم. فتغلبتم على تجربة الثأر، واستقر سلام المسيح في نفوسكم، وكان إلى جانبكم سيادة راعي الأبرشة المطران سمعان عطاالله كنجم موجه. أنتم تنادون الدولة، ونحن معكم، لتمارس العدالة احتراما لشريعة الله، سيد الحياة والموت، وصونا لحياة المواطنين وحقوقهم وممتلكاتهم في هذه المنطقة، وحفاظا على هيبة الدولة والسلطة فيها. فالله يدعو الحكام “ليرعوا شؤون الناس، ويحكموا بالعدل والإنصاف” (مز 9: 8؛ أش 11: 2-4). ونددتم، ونحن معكم، بالنافذين السياسيين الذين ربما يغطون الجريمة ومرتكبيها من أجل مآرب سياسية مذهبية، قائلين لهم: أنتم بذلك ترتكبون مرة ثانية الجريمة وتنتهكون العدالة، وتجنون على ضمائر المجرمين، خانقين صوت الله في أعماق نفوسكم، وبالتالي أنتم أيضا تستوجبون المحاكمة. ونناشد معكم آل جعفر طالبين منهم، بحكم شرف العشيرة أن يسلموا القتلة، لكي ينفتح أمامهم باب المصالحة. فلا مصالحة من دون عدالة. ونقول للدولة والأجهزة الأمنية: من المعيب جدا أن يصبح البقاع العزيز أرضا سائبة لقطاعي الطرق وسالبي أموال المواطنين والمعتدين على أرواح الناس. ومن المؤلم حقا، كما يشاع من أبناء المنطقة، أن بعضا من المسؤولين عن أمن المواطنين يرتشون من أجل غض النظر عما يرتكب قطاعو الطرق. هل أصبح البقاع العزيز أرض العصابات؟”

وقال: “لقد رأيتم، يا أولاد الشهيدين الغاليين صبحي ونديمه، نجم حياة الوالدين ومثلهما يسطع في سماء عائلتكم ويقودكم إلى المسيح والعذراء مريم، إلى رحاب الكنيسة الأم والمعلمة، ويربيكم على الإيمان والأخلاق والقيم المسيحية. لقد أعطياكم الحياة والوجود الكريم بحب وسخاء، أنتم السبعة، ووفرا لكم التربية الصالحة والعلم. فشقيتم طريقكم في الحياة وعملتم في مختلف الحقول: التجارة العامة والخدمات الاجتماعية والبناء وهندسة الميكانيك والكمبيوتر. وأسس بعضكم عائلات رضية فرحت قلب الوالدين. فكنتم لهما بكل واحد وواحدة منكم نجما ساطعا، وقد فرحا بنوره. وكم فرحتم بنجم والدكم صبحي الصامد بوجه التحديات ومغامرات العمل والزراعة والتجارة في بتدعي والبقاع وجبيل والساحل اللبناني، بالإضافة إلى نسج أفضل العلاقات العامة، والقيام بخدمات اجتماعية، والالتزام بنشاطات سياسية ووطنية جعلته في تواصل بناء مع أبناء منطقة بعلبك والهرمل وسائر البقاع، والاستبسال مع أهل بتدعي والمنطقة في الدفاع بوجه المهاجمين الغزاة أثناء الأحداث المشؤومة. فأضحى رجل الثقة والمصداقية، وشكل مرجعية يركن إليها. فترك لكم اسما وإرثا تفاخرون به، وتواصلونه. وكم فرحتم بنجم والدتكم نديمه في تفانيها وتضحياتها من أجلكم، وكساعد أيمن للوالد في النهوض بالعائلة. لقد سطعا أمامكم بنور اتحادهما ومحبتهما وتضحياتهما والعمل الدؤوب، وفي الواجبات العائلية والاجتماعية والوطنية. إنهما مدرستكما الدائمة في الحياة بمختلف مساحاتها”.

أضاف الراعي: “لقد اغتالت يد الإجرام نجم صبحي ونديمه، مثلما اغتالت يد المجرم هيرودس نجوم أطفال بيت لحم، فكانوا فداء عن المسيح فادي الإنسان ومخلص العالم. فلا نجم الأطفال انطفأ، وهم بين ملائكة السماء يتلألأون بأنوارهم حول العرش الإلهي. ولا نجم المسيح انطفأ، فهو النور الدائم لكل إنسان يأتي إلى العالم، ونوره ساطع من خلال الكنيسة الشاهدة له، المعلمة التي تنشر نور حقيقته، والأم التي تلد من حشا المعمودية أبناء وبنات لنور المسيح. ولا نجم صبحي ونديمه انطفأ، فهما يسطعان بين الشهداء حول عرش الحمل المذبوح الممجد في السماء”.

وتابع: “زرنا صباح اليوم، مع راعي الأبرشية المطران سمعان والسادة المطارنة عائلات الشهداء العسكريين الثلاثة الذين سقطوا ضحايا بريئة على يد خاطفيهم في جرود عرسال وهم المرحومون: الرقيب حميه من منطقة طاريا، والرقيب مدلج من بلدة أنصار، والمعاون علي البزال من البزاليه قرب مقنه، وكلهم من البقاع العزيز ومنطقة بعلبك الحبيبة. لقد أردناها زيارة للتعزية والتضامن، وحملنا إليهم عاطفة قداسة البابا فرنسيس الذي كتب، في رسالته الميلادية لأبناء الشرق الأوسط، معربا فيها عن قربه وتضامنه مع أهل الضحايا البريئة، والدين وزوجات وأطفالا، ومقدما لهم كلمة التعزية والرجاء. وقدرنا كبر نفس أهالي هؤلاء الشهداء الذين قدموا أحباءهم ضحايا ثمينة فداء عن لبنان والجيش وقوى الأمن، وفداء عن زملائهم العسكريين المخطوفين برجاء تحريرهم. ورفعنا تحية لهؤلاء العسكريين المأسورين في جرود عرسال، وشجعناهم على الصمود في مروءتهم العسكرية بالشرف والوفاء للوطن وشعبه وكيانه، ووجهنا أيضا تحية إلى عائلاتهم لكي يتحلوا بالصبر والاتكال على العناية الإلهية التي تشملهم، هم وأحباءهم المخطوفين، بحب الله وحنانه ورحمته. وها نحن نصلي لكي يكلل الله بالنجاح مساعي الحكومة اللبنانية من أجل تحريرهم، وأن يمس، وهو العادل والرحوم، ضمائر الخاطفين، من الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، ويحرك فيهم المشاعر الإنسانية والتقوى ومخافة الله. فإن كان يبغي هؤلاء الخاطفون مأربا ما، فليكن بالأحرى الشرف وكبر النفس لتحرير هؤلاء المأسورين النبلاء. وإننا نردد كلمة المسيح الرب في الإنجيل: “لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، ولا يستطيعون أكثر. بل أقول لكم: خافوا الذي يهلك النفس والجسد في جهنم” (متى 10: 28)”.

وقال: “إنني أتوجه إليكم، يا أبناء بتدعي ومنطقة دير الأحمر وبعلبك الأحباء، بأخلص التهاني والتمنيات بالأعياد الميلادية والسنة الجديدة الطالعة. وأدعوكم للمحافظة على وحدتكم وتضامنكم، بقيادة راعي الأبرشية وخدمة كهنتكم والرهبان والراهبات. ثبتوا وجودكم في هذه المنطقة، منطقتكم الأصلية والأصيلة. عززوا العيش المشترك مع الإخوة المسلمين على قاعدة الاحترام المتبادل والتعاون. نموا ثقافة التنوع في الوحدة التي بنيناها معا، اقتلعوا من صفوفكم ونفوسكم زؤان الشر. إشهدوا لمحبة المسيح، وانشروا إنجيل السلام، إنجيل الحقيقة والمحبة والعدالة والحرية، في هذه الأرض الطيبة التي تعلم منها أجيالكم المتتالية الصدق والعطاء والسخاء”.

وختم الراعي: “لنصل معا من أجل الاستقرار في لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية، اليوم قبل الغد، رئيس يكون على حسب قلب الله جديرا بتحمل المسؤوليات الخطيرة التي تفرضها عليه الأوضاع اللبنانية الصعبة، والأوضاع الإقليمية البالغة الخطورة، ولنصل من أجل إنهاء الحرب في سوريا والعراق والأراضي المقدسة عن طريق المفاوضات والحوار المسؤول، ومن أجل وضع حد للإرهاب والعنف. ونطالب الأسرة الدولية بمساعدة النازحين والمهجرين والمطرودين من بيوتهم في مختلف حاجاتهم، وبتسهيل عودتهم الكريمة والآمنة إلى منازلهم وممتلكاتهم، وباحترام حق المواطنة وسائر حقوقهم المدنية. ولنرفع عيوننا إلى نجم المسيح الذي يقود دربنا إلى كل ما هو حق وخير وجمال، راجين أن يجعل من كل واحد وواحدة منا نجما يسطع في مكانه، ويعكس نور المسيح عزاء للقلوب الحزينة، وبلسما للجراح الثخينة، وقوة للضعفاء وصمودا في الإيمان والرجاء، ومحبة في القلوب.
ولنهتف من صميم القلب: ولد المسيح! هللويا”.

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات