محطات نيوز – يتمسك المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا بمبادرة إنقاذ مدينة حلب، حتى لا تشهد المصير نفسه الذي شهدته مدينة حمص، التي دمرت بالكامل.
وإذا نجحت محاولة “تجميد القتال” في حلب فإن المدينة قد تتحول إلى أيقونة النزاع في سوريا، أسوة بما شهدت مدينة كوباني الكردية التي صمدت أمام هجمات داعش إلى أن تحركت دول التحالف واحتوت الخطر الداعشي عليها.
وإذا قبلت الأطراف تجميد النزاع في حلب فإن هذا الأمر سيخلق ثقة وسيشكل إجراء يمكن أن يبنى عليه.
تلك خلاصة المقاربة التي عرضها المبعوث الدولي إلى سوريا ستفان دي ميستورا على النواب أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، الاثنين الماضي. وقد ألح في الدفاع عنها لأنها المبادرة الوحيدة التي من شأنها، إذا قبلت وتم تنفيذها، أن تخفف معاناة مئات الآلاف من السوريين، وتبعد خطر الدمار الشامل عن المدينة وأهلها، في وقت لا يزال فيه أفق الحل السياسي بعيداً بل أبعد ممـا كان عليه في العام 2012 بعد صدور بيان جينيف، أما الحل العسكري فلا يزال مستحيلا.
وقد تغيرت الألويات الاستراتيجية بالنسبة للأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة، حيث يمثل تنظيم داعش الخطر الرئيس الذي يهدد وحدة كلا من سوريا والعراق وينشر الرعب في العالم من خلال أعماله الهمجية غير المسبوقة.
وأوضح ستافان دي ميسورا أن ثلثي مدينة حلب يقعان تحت سيطرة النظام، فيما تسيطر قوى المعارضة منها جبهة النصرة، على الثلث المتبقي، فيما يقف مقاتلو داعش على بعد ٢٠ كيلومترا حيث يرصدون فرصة الانقضاض على المدينة.
وتسعى الأمم المتحدة من خلال جهود دي ميستورا إلى “إنقاذ حلب قبل أن يسيطر عليها طرف بمفرده بالكامل. فإذا سيطرت القوات الحكومية عليها ستدفع بمئة ألف ساكن إلى طرقات اللجوء، أما إذا دخلتها داعش فإن أكثر من نصف مليون قد يفرون من بطشها، وإذا واصلت قوى المعارضة قصف المدينة بالصواريخ واستمرت القوات الحكومية في القاء البراميل المتفجرة، فإن المدينة ستدمر بالكامل، وبذلك تلقى المصير نفسه الذي آلت إليه مدينة حمص”.
وذكر المبعوث الدولي بتجربة عقدين من النزاعات من أفغانستان حتى وسط أفريقيا، مرورا بحروب العراق والبلقان، وقال “لم أشاهد قط ما رأيته من دمار في حمص، لقد دُمرت المدينة بالكامل. لذلك يجب العمل من أجل أن لا تدمر حلب وأن لا تشهد المصير نفسه الذي شهته حمص”.
ويعتقد دي ميستورا بأن “حلب تحولت إلى أيقونة مثل كوباني، وأن مجرد تحولها إلى موضوع دولي ساعد على بقائها. لكن، المعركة النهائية لم تحدث بعد”.
ويضع كل من الأطراف المتحاربة شروطا مسبقة حيث تطالب القوات الحكومية التي تسيطر على ثلثي المدينة “بانسحاب المقاتلين الأجانب وتخلي المقاتلين عن أسلحتهم، واعتراف المعارضة بوحدة المدينة تحت سيطرة القوات الحكومية”. ولا يعترض دي ميستورا على شروط النظام لأن وحدة المدينة جزء من وحدة سوريا بحسب قوله، غير أنه اعتبر أن ذلك “يجب أن لا يكون شرطا مسبقا لوقف قصف المدينة بالأسلحة الثقيلة”. وجدد المبعوث الدولي تمسكه بالتفاوض مع كافة الأطراف من أجل التوصل إلى “تجميد النزاع”.
وأشار ستافان دي ميستورا عند سؤاله عن دور كل من الأطراف الإقليمية في الأزمة السورية وتأثيرها في الحلول الممكنة، إلى أن “تدخل حزب الله مدعوما من إيران كان حاسما في الميدان”. ويعتقد أن “إيران قادرة على المساهمة في حل النزاع”، إذ قال : “من دون دور ايران والسعودية وتركيا والولايات المتحدة وروسيا ستكون قدرة التحرك منقوصة”.
وأضاف: “إن اجتماع موسكو الأخير مبادرة ايجابية لأن روسيا لها كلمتها وتأثيرها على الحكومة السورية، وقدرتها على إقناع هذه الأخيرة بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مهمة للغاية وقل من يقدر على ذلك”. وتابع: “نحتاج إلى مشاركة الحكومة السورية للحديث في المسألة الصعبة المتمثلة في حكومة الوحدة السياسية التي تشمل كافة الأطراف ومن دون إقصاء”.
وقال دي ميستورا أيضا: “لقد قاطع كبار ممثلي قوى المعارضة اجتماع موسكو، ومع ذلك فإن اللقاء كان خطوة مفيدة للغاية ويجب البناء على ما ورد في بيان موسكو. وما جرى أفضل من التسليم للقدر في انتظار أن يصل عدد القتلى إلى ٣٠٠ ألف بعد أشهر قليلة”.
وفي رده على سؤال نائب أوروبي حول دور الأسد في المرحلة الانتقالية والشرط المسبق برحيله، قال دي ميستورا :”دور الرئيس الأسد؟ أتركه للشعب السوري. وأعتقد أن سلسلة المبادرات التي من شأنها أن تقود إلى حكومة وحدة وطنية تجمع كافة الأطراف منها العلويون والمسيحيون والأكراد والدروز والأغلبية السنية، وإلى مسار المراجعة الدستورية والتقدم نحو الانتخابات، تمثل آليات الحل”.
وأضاف: “الرئيس الأسد يسيطر على نصف البلاد ولا يمكن تجاهل هذه الحقيقة خاصة بعد أربع سنوات من النزاع”.