محطات نيوز – أطلق ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار، عصر يوم أمس، الجمعة الواقع في 20 شباط 2015، تحت شعار “من أجل حوار الحياة”، نداءه من أجل الحوار والسلم الأهلي، في قاعة قصر الأونيسكو – بيروت، في حضور شخصيات دينية وروحية واجتماعية وسياسية وممثلين عن الأحزاب والقوى السياسية.
فضل الله
وألقى رئيس الملتقى العلامة السيد علي فضل كلمة تحدث فيها عن “أهمية قضية السلم الاهلي”، وقال: “نجتمع اليوم في رحاب قضية السلم الأهلي، ولا نرى قضية أخرى توازيها قداسة، فهل هناك ما هو أقدس من احترام حياة الإنسان؟ خليفة الله على هذه الأرض؟ وهل هناك فساد أكبر من سفك الدماء في غير موقعها الصحيح {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا؟}.
أضاف: “إن إيماننا بالسلم الأهلي، لا يحتاج إلى تبرير، فتبريره الوحيد ضرورته والحاجة الماسة إليه، فضلا عن أن فقدانه لا يبني وطنا، ولا يطور إنسانا ومجتمعا. إن السلم الأهلي هو عنوان كل الرسالات السماوية والقيم الإنسانية وهو دعوة الله لعباده، {والله يدعو إلى دار السلام}”.
وأكد أن “اللبنانيين محكومون بأن يتلاقوا ويتحاوروا، وهذا التلاقي بين المجتمعين المدني والأهلي، لا يجب أن يلغي جهود الجهات السياسية والحزبية ومبادراتها، بل يقويها ويدعمها ويحميها من نفسها”.
ونوه ب”الدور الفاعل للمجتمع المدني والأهلي الذي عليه أن يلعبه، وأنه إن لعبه بصدق وإخلاص، فإنه سيترك آثاره الإيجابية الكبيرة في الوضع العام”، داعيا إلى “تشكيل الهيئة الوطنية للسلم الأهلي، التي ستضم، وعلى قدم المساواة، كل المؤسسات والجمعيات والشخصيات الحريصة على أن تبذل جهودها، وتقدم إسهاماتها لخدمة هذه القضية”.
ودعا الدكتور العميد فضل ضاهر إلى “التوقيع على هذا النداء، نداء للسلم الاهلي ليتشارك الجميع في العمل في هذا الميدان”.
جريج
وتحدث نقيب المحامين جورج جريج فأكد “أهمية هذا النداء”، داعيا كل المؤسسات الاجتماعية والسياسية إلى “الإنخراط في إنجاح هذا العمل”.
صليبي
وأشاد المطران جورج صليبي ب”جهود ملتقى حوار الأديان والثقافات”، معتبرا أن “هذه الدعوة مميزة ومتقدمة في سبيل الحوار والسلم الأهلي”.
زين الدين
ومن جهته، بارك رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين هذا النداء، وقال: “نعتبره ضرورة في مواجهة الصورة القاتمة التي نشاهدها في المنطقة، فإطلاقه يأتي في الوقت المناسب”.
مداخلات
وكذلك، تحدث في اللقاء رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، النائب السابق عصام نعمان، ليندا مطر، رئيس الجبهة المدنية العميد أنطوان كرم، رئيس مؤسسة “أديان” الأب فادي ضو، الشيخ خلدون عريمط، وممثل عن حركة “أمل. وأكدت الكلمات “أهمية إطلاق النداء في هذا الوقت بالذات وضرورة العمل للوصول إلى نتائج عملية”.
و كانت مداخلات لعدد من الشخصيات شددت على “أهمية الحوار في هذه المرحلة”، معتبرة أن “إطلاق هذا النداء مسؤولية كبيرة يجب أن يلتف حولها الجميع”.
النداء
وفي ما يلي نص النداء:
“إن المبادرين إلى إطلاق هذا النداء، وقد هالهم ما وصلت إليه الأمور من فظائع وارتكابات بحق الإنسانية ومن تدنيس وتشويه للقيم السامية التي يزخر بها إرثنا الحضاري، والتي كرستها ورعتها الرسالات السماوية والشرائع السمحة التي خص الله سبحانه وتعالى مجتمعاتنا بها وجعلها لها مهبطا ومنطلقا. وإذ يرون أن الدعوة إلى كسر حاجز الصمت وإلى رفع الصوت عاليا أضحت واجبا دينيا وانسانيا يفرض على كل حر شريف إشهار موقف الانتصار للحق والحوار والحرية والعدالة، بخلاف ما نشهده من اكراه، وتعنيف، وارهاب منفلت العقال، بما لا يرتضيه دين أو عقل.
وإذ يدركون أن ما بعثت به الديانات السماوية من دعوات إلى الارتقاء بعلاقات البشر، لتكون سبيلا إلى تمجيد الخالق عبر احترام المخلوق الذي هو خليفته في الأرض، يلتقي مع اتجاهات ومبادىء العهود والمواثيق الدولية في كل ما يتصل بهياكل ونظم التواصل البشري بكل ميادين انطباقها وتفاعلها على أوسع نطاق.
وإذ ينظرون بعين التقدير والاحترام إلى كل البيانات والنداءات الصادرة تباعا عن أعلى المرجعيات الروحية المسيحية والاسلامية سواء بنتيجة الخلوات واللقاءات المغلقة، أم في صيغة مخرجات للقاءات حوارية بين الطوائف والمذاهب.
وإذ يحرصون على التذكير بأن المبادئ الإنسانية السامية المكرسة في الاتفاقات الاقليمية والدولية وفي البيانات المذكورة أعلاه، كالمساواة وعدم التمييز والعدالة والانصاف والنزاهة وحكم القانون وغيرها، قد جرى تبنيها في الدستور اللبناني ودساتير الدول العربية وفي قوانينها الوضعية الوطنية من جهة، وأن الاجماع العالمي، من جهة ثانية، يميل إلى توسيع نطاق اختصاص القانون الدولي ليشمل الجرائم الخطيرة والتي منها من دون ادنى شك ما يرتكب على مدار الساعة من فظائع بحق الإنسانية.
واذ يؤكد المبادرون الى اطلاق هذا النداء، أنه بمنطلقاته الإنسانية الملتزمة أطر ومعايير المجتمعات الديموقراطية، إنما يعبر عن صحوة ضمير لا تحيز أو تطييف لها، فانهم يؤكدون في الوقت نفسه، أن نداءهم يهدف الى تحفيز الانضمام الى حراك مجتمعي متوجب الاداء، من دون ابطاء، في سبيل توفير شبكة امان للسلم الأهلي وقوة مناهضة للعنف، وذلك من خلال برامج وخطط وآليات تنفيذية ذات أطر منهجية علمية، تستند إلى مقاربات مفاهيمية واضحة وشفافة، قوامها تعزيز مفهوم الإعتدال في الأراء وفي المواقف والسلوكيات، معتبرين أن في الاعتدال وحده يكمن سر تحويل عناصر الاختلاف بين مكونات المجتمع الى مصادر تنوع وغنى، بدلا من أن تكون بمثابة بذور شقاق وتطرف حصادها الموت والقلق على المصير.
في ضوء كل ذلك ومساهمة في ترسيم وتسهيل إطلاق المراحل العملية لهذا النداء ضمن انشطة مختلفة ومتلاحقة ومتكاملة، فإن المبادرين الى هذا النداء يقترحون ما يأتي:
1 – نحو دور ديني فاعل أخلاقيا واجتماعيا:
أ – الانطلاق من القيم المشتركة في الأديان وتأكيد احترام التنوع الديني والدعوة إلى سلام الأديان.
ب – رفض التطرف الديني والنظر إلى أي اعتداء على مقدس ديني لأي ديانة كاعتداء على مقدسات كل الأديان.
ت – رفض نزعة الاحتواء السياسي للمذاهب الدينية، ورفض استغلال الدين وطوائفه ومذاهبه في النزاعات السياسية، والعمل على قيام دولة المواطنة الجامعة، دولة القانون والمؤسسات الموحدة والقيم الإنسانية.
ث – الدعوة إلى تعميم مساحات الحوار المجتمعي بين الاديان، بعيدا من القطيعة والحواجز الوهمية بين الديانات المختلفة، وتشجيع الممارسات التي تساهم في تعزيز القيم الإنسانية والأخلاق المشتركة بين أبناء كل الاديان والثقافات، خدمة لبناء السلم الأهلي والوطني والإنساني.
ج – اعتبار أن من شأن ممارسات الاساءة والكراهية، التي تفرضها السياسات الظالمة، وخصوصا الدول الكبرى تجاه الشعوب، والمتحيزة للعدو الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين وحقوق ناسها، أن تعزز منطق التطرف الديني بما يهدد بنشر مزيد من عواقب التطرف والتطرف المضاد بين الشعوب والجماعات، كما الافراد.
2- الحرص على وحدة الأمة وتحصينها في مواجهة الإرهاب:
أ – تأكيد أن ما يحدث حاليا من صراعات مشبوهة وصدامات مفتعلة، خصوصا في العالمين العربي والاسلامي، لا علاقة له البتة بالاسلام ومذاهبه، بل فيه ما يساهم في تشويه صورة الاسلام والمسلمين.
ب – إدانة ما يحصل من فوضى الفتاوى المحرضة على تأجيج فتنة بين المذاهب الاسلامية، وخصوصا بين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة، والعمل على فضح ما في هذه الفتاوى من خطر على وحدة الامة واستقرارها، ووقف الاتهامات المتبادلة بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم الاجتهادية والفقهية، بل تحريم هذه الاتهامات وتجريمها، مع كل ما قد ينتج منها من تكفير إقصائي متبادل.
ت – العمل على تطوير الخطاب الديني في ضوء المقاصد الاخلاقية السامية، وترتيب اولوياتها، ومنابذة أي مشروع أو تحرك يقومان على استخدام الارهاب والعنف لحسم الخلافات الداخلية، او تسويغ الخلاف فيه أو التحريض عليه أو التسويق له.
ث – التأكيد على الفارق الجذري بين الارهاب والمقاومة، وتجريم كل أشكال الارهاب، وادانة مصادر تمويلها وتسليحها، واعتبار كل ما يتعلق بذلك ظاهرة من ظواهر الفساد وجرائمه، وذلك انطلاقا من كون الارهاب استخداما غير مشروع للعنف يعرض الابرياء للخطر، من اجل تحقيق مصالح تنافي حقوق الإنسان، فيما المقاومة هي استخدام مشروع للقوة المسلحة لدرء العدوان وازالة الاحتلال، ما يتوافق مع ارادة الشعب وحفظ استقلال الوطن وحريته، وهي تتوافق مع القانون الدولي والشرائع السماوية.
ج – دعوة وسائل الاعلام بمختلف انواعها الى ممارسة دور مسؤول يساهم في تعزيز مناخات الوحدة الوطنية والاسلامية واشاعة قيم الحوار والتواصل والتسامح والقبول بالآخر، والى فتح المجال واسعا لخطاب الاعتدال والتقريب والوحدة، ونبذ حالات التطرف والتعصب والطائفية والمذهبية، واظهار مخاطرها على مصالح الوطن والامة.
3 – مسؤوليات دينية وثقافية واجتماعية:
أ – احترام الأديان ورموزها ومقدساتها وتحمل المسؤولية في الدفاع عن الوئام الديني، والاهتمام ببرامج التثقيف والاعلام التي تحض على بث أفكار التسامح والحوار في المجتمع المدني، ومجانبة اي تحريض على الصراعات العرقية والدينية.
ب – تأكيد مسؤولية المرجعيات الدينية كافة في تقديم الحلول الممكنة، عبر الحوار المباشر، والمشاركة في أنشطة هذا الحوار وبرامجه ومؤسساته للتقريب بين المختلفين دينيا ومذهبيا، ودعوة كل رجال وعلماء الدين الى تحرير الفهم الديني من الغلو والتطرف.
ت – دعوة جمعيات المجتمع المدني وهيئاته ومنظماته ومؤسسات الحوار المسيحي – الاسلامي، والاسلامي – الاسلامي، الى اعداد خطة طوارئ، ذات توجهين ديني ومدني، تعمل على إطفاء الفتن الدينية والأهلية. كما تسعى الى توحيد الموقف مما يسمى “تحليل العنف باسم الدين”، ومعالجة هذه الظاهرة ببرامج متخصصة من خلال دراسة أسبابها، والاشارة الواضحة الى تداعياتها الخطيرة على كل من المجتمع والوطن والامة.
ث – تأكيد أن إنهاء حال الاحتقان المذهبي والطائفي في الامة هو مسؤولية جميع المواطنين من دون استثناء.
4 – لبنان دولة المواطنة والحريات:
أ – الالتزام بميثاق الصيغة اللبنانية في العيش الوطني الواحد، وتكريس مبدأ المواطنة، والحرص على احترام الحريات الدينية في اطار القانون والقيم الاخلاقية، وبذل كل الجهود الهادفة الى تحقيق سلام الاديان والسلم الاجتماعي في لبنان، كما في العالمين العربي والاسلامي.
ب – التأكيد أن الحفاظ على الخصوصيات الدينية العقائدية والشرعية بين اللبنانيين، لا يتنافى واحترام حرية المعتقد الديني لجميع المواطنين، ولا يتعارض وحق المواطنة والمساواة بين اللبنانيين كافة.
ت – الترحيب بكل المبادرات المتصلة بالحوار والعيش الواحد في لبنان، ومساندة الجهود التي تبذل من قبل جميع رؤساء الطوائف اللبنانية والاحزاب والتيارات السياسية ومنظمات المجتمع المدني للحفاظ على الصيغة اللبنانية وميثاقها.