الأباتي نعمة: “نصلي لكي يصار إلى انتخاب رئيس للجمهورية وقد ليّن الروح قلوب السياسيين ليقوموا بهذا الواجب المقدس، فيشهدوا بأنهم يعملون وفق روح الله”
الأب محفوظ معدّدًا في خطابه “جامعة الروح والحياة” إنجازات الجامعة: “نخطو الخطوة تلو الخطوة في الحياة-الوجود، فيما الهمّ الأساس هو النجاح والفرح”
احتفلت جامعة الروح القدس بعيد شفيعها عشية عيد العنصرة، بدعوة من رئيسها الأب هادي محفوظ.
استهل الاحتفال بقداس ترأسه الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي طنوس نعمة، عاونه فيه الآباء المدبرون ولفيف من الرهبان، وخدمته جوقة الجامعة بقيادة الأب يوسف طنوس، في حضور النائب البطريركي العام على أبرشية صربا المارونية المطران بولس روحانا، بالإضافة إلى أسرة الجامعة الإدارية والتعليمية وجمع من النواب والوزراء والرؤساء والرئيسات العامين ورؤساء الجامعات وفعاليات سياسية ودينية وعسكرية وقضائية وبلدية وإعلامية وتربوية.
الأباتي نعمة
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى الأباتي نعمة عظة تحدث فيها عن معنى عيد العنصرة، عيد موهبة الروح القدس، معتبرًا أن “هذا السر الذي هو بحسب قداسة البابا بندكتس السادس عشر “معمودية الكنيسة”. معمودية أعطت الكنيسة شكلها الأساسي وهي الدافع لرسالتها…”، لافتًا إلى “الحقيقة التي نستشفها من سر هذا العيد، فالعنصرة كما وصفها لنا سفر أعمال الرسل هي علامة الوحدة والتفاهم والشركة”.
وشدد على أنه “حري بنا أن نحيا بحسب روح الوحدة والحقيقة، لذلك علينا الصلاة لينيرنا الروح ويقودنا لنتغلب على سحر اللحاق بحقائقنا ومصالحنا وبفرادتنا لكي نستقبل حقيقة المسيح التي تنقلها الكنيسة…”، سائلاً الرب أن يؤيد غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في خدمته وفي رسالته، “ونحن معه نصلي لكي يصار إلى انتخاب رئيس للجمهورية وقد ليّن الروح قلوب السياسيين ليقوموا بهذا الواجب المقدس، فيشهدوا بأنهم يعملون وفق روح الله”.
الأب محفوظ
وبعد القداس، جرى عرض وثائقي عن الجامعة، ثم ألقى الأب محفوظ خطابه السنوي الذي حمل عنوان “جامعة الروح والحياة”، بعدما كان في العام الماضي “جامعة الروح والحقيقة”.
وقال: “جامعة الروح والحياة” عبارة تصل إلى مسمعَي الإنسان أو إلى ناظرَيه، فتلج أرحاب الداخل، خارقة سكونه، لأنّها تولّد فيه تساؤلات عن الحياة وعن معناها، وعن ماهيّة الجامعة فيها، وخصوصًا جامعة الروح. لا تتفرد هذه العبارة في إيلاد التساؤلات عن الحياة وعن كلّ قطاع فيها، وعن الإنسان. بل إنّ كلاّ منّا يطرح تساؤلات نتيجة امور عديدة، ويبقى، على الدوام، تلميذًا على مقاعد هذه التساؤلات الحياتيّة. فيلمع في البال تعليم قداسة البابا فرنسيس، في عظته في عيد العنصرة السنة الفائتة: “إنّ الروح القدس هو معلّم حياة، أكثر من كونه معلّم عقيدة. والمعرفة هي جزء من الحياة” (8 حزيران 2014). المعرفة هي، إذًا، جزءٌ من الحياة. وإذا كانت تجد في الجامعة مكانها المميّز، وإذا كان الروح معلّمها، فحريّ بنا، في جامعة الروح، في عيد الروح، أن نسوق فكرنا إلى الحياة، نتأمّل فيها، فنزيد حياتنا حياةً”.
وأكد “أن الحياة هي نقيض العدم، ونقيض الجماد ونقيض الموت، الاّ إنّ مقاربتنا لها، عمومًا، تتمّ من خلال معنيَين. المعنى الأوّل، هو زمن وجودنا على الأرض. فيه، نخطو الخطوة تلو الخطوة، ولا يمكننا الثبات في مكاننا، فلا نفع إن قرّرنا رفض التحرك، لأنّ الزمن متحرّك في جميع الأحوال، إن نحن ماشيناه أم لا. والمعنى الآخر، هو نوعيّة ذلك الوجود، هو عافيته. وهو المبدأ المرتبط بالنجاح وبالفرح. وكما كلّ تفصيل حياتيّ وأحداث وجوديّة في حياة الإنسان، ينتمي عملنا الجامعيّ إلى المعنَيَين. إنّه في الوجود وإنّه كفيل بأن يعطي عافيةً ونجاحًا وفرحًا لذلك الوجود”.
وأضاف: ” عملنا الجامعيّ ينتمي إلى وجودنا، إلى أيّامنا، إلى حياتنا. فيوضع هو أيضًا تحت مجهر اسئلتنا الوجوديّة. النظرة الشاملة إلى الحياة تخلق فينا نوبات من الأسئلة، وتختلف الأسئلة، بحسب نوعيّة الاحداث التي تمتثل أمامنا. ولا جواب موحّد عن كلّ سؤال. فالحديث مع الحياة يقوم به الجميع. ولكنّه يكتسي طابعًا خاصًّا في كلّ حالة. مَن منّا لا يجادل الدنيا ويسألها عن مظهرها العبثيّ … من منا لا يسأل لما أوصلته الحياة إلى هذه النقطة وليس إلى تلك؟ من منّا لا يسأل ذاته عن معنى عمله أو يوميّاته أو التزاماته، أي عن معنى حياته؟ ويتيقّن الإنسان أنّ الحياة، أيْ زمن وجوده ووجود من هم حوله، قصيرة مهما طالت. فيطرح هنا أيضًا السؤال عن جدوى أيّ عملٍ وعن جدوى إتقانه. فيضحي خطر الضياع وخطر العبثيّة وخطر اللامبالاة كبيرًا. وليس العمل الجامعيّ من خارج دائرة الحياة”.
كما اعتبر الأب محفوظ أنه “في مهبّ هذه التساؤلات، يصير التفتيش عمّا هو حقّ، عن الحقيقة. فيطلّ أمامنا، في جامعتنا، جامعة الروح، شعارُها: “عندما يأتي روح الحقّ، هو يقودكم إلى الحقّ كلّه” (يو 16: 13)…”، مؤكدًا أننا “نخطو الخطوة تلو الخطوة في الحياة-الوجود، فيما الهمّ الأساس هو النجاح والفرح. النجاح الأهمّ الذي نصبو اليه هو البقاء في الوجود، كما نقوم بأيّ عمل من أجل أن يكون نوع الوجود جيّدًا جدًّا… هذه الأمور إيجابيّة وحسنةٌ، لأنّ كلّ ما بين يدي الإنسان هو جيّدٌ، فالله، كلّما كان يخلق، كان يرى أنّ ذلك حسنٌ. وتدلّ هذه الأمور على ديناميّة حياة الإنسان، وتُوصَفُ، عمومًا، بالنجاح. هكذا يضخّ الإنسانُ حياةً في حياته-الوجود، ويكمل فيها بفرحٍ أكبر. ولكنّ خطر تضاؤل الفرح أو اضمحلاله جديّ. فقد تشحّ أسباب النجاح أو تختفي، بسبب فشل الإنسان أو لظروف خارجة عنه. وقد يترافق السعي إلى النجاح وفقدان الفرح. وهذا ما يحدث، خصوصًا، عند الإفراط في الانصراف إلى ما يؤدي إلى التألق، أو عند اللجوء إلى طرق غير نبيلة لتحقيق الهدف. وقد يقع الإنسان في الفكر العبثيّ، أي يؤخذ بثقل باطل الأمور وقصر الحياة ومظهرها العبثيّ وصعوبة التعاطي مع الآخرين ومظهر نجاح الظالمين أو انتصارهم، فيرمي بذاته في أيدي اللامبالاة، ويضحي غير مهتمّ بتقدّم حياته وحياة مجتمعه، راضيًا، بشكل سلبيّ، بالبنى التي يحيكها المجتمع وبما تقدّمه الحياة. فيطرح السؤال عن كيفيّة تأمين ديمومة النجاح؛ أو، بطريقة أخرى، عن النجاح الحقيقيّ، لأنّ النجاح الحقيقيّ هو الدائم؛ أو، بعبارة أخرى تلخّص جميعها: كيف تُملأ الحياةُ حياةً دائمةً؟”
وأضاف: “يكمن الجواب على هذا السؤال، في النظر، بشكل إيجابيّ وديناميّ وغير استسلاميّ إلى من يتّصف بالديمومة، إلى الذي يبقى فيما تمرّ كلّ حياة على الأرض، إلى الله سيّد الماضي والحاضر والمستقبل، سيّد التاريخ الذي هو المنتصر الدائم، فوق متقلّبات الحياة. فنفهم أنّ نجاح الحياة-النوعيّة وأنّ الفرح هما في التلاقي مع ديمومته. نعلم أنّه ربّ الخير وربّ المحبّة وربّ الطيبة، فكلما نوينا خيرًا وعملناه، وكلما حملنا محبةً واظهرناها، وكلما عشنا طيبة وسكبناها، نلاقيه في قصده، فنكون، بالفعل ذاته، في خضمّ الحياة والنجاح والفرح، لأنّه ربّ الحياة وربّ النجاح وربّ الفرح”.
وخلص إلى أنه “جميعنا نزول عن الأرض، ولا نستفيد، ذاتيًّا، عندها، من النجاح الشخصيّ أو الحياتيّ. وحتّى خلال وجودنا على الأرض، إذا لم يرافق الفرح النجاح، لا يعطي النجاح حياةً أو نوعيّةَ حياة. فكثير من الناجحين رأيناهم قليلي الفرح وقليلي الحياة. في هذه الحال، يسقط النجاح، كما نفهمه، عن عرش الحياة-النوعيّة”.
كما أكد “أنه أمام هذه الاستنتاجات، ليس الحلّ اللجوء إلى الانسحابيّة واللامبالاة و”المعليشيّة”، أو إلى النظرة السلبيّة والمظلمة والعبثيّة إلى الحياة. بل الحلّ هو في الديناميّة على الأرض، لملاقاة سيّد التاريخ، في ديناميّته الخلاّقة. خلاصة القول أنّ النجاح هو في سكب الخير والدينامية والإيجابية والطيبة والمحبة في كلّ عمل، أيّا كان هذا العمل. فالمقياس الذي عدنا اليه هو ملاقاة النجاح الدائم الذي هو عند الله الدائم. هكذا يلوّن الإنسان حياته-الوجود، بالحياة-النوعيّة، ولا يقدر عندها أيّ أمر وأيّ إنسان على انتزاع الحياة والنجاح والفرح منه”.
وتابع: “تُتِمُّ جامعتنا رسالتها هذه، بالأمانة لدعوتها ولهويّتها، وهي ابنة الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة التي زرعت في كلّ ناحية من لبنان ديرًا أو مؤسّسة، ورافقت اللبنانيين في اغترابهم، ليكون لشعب لبنان حياة وتكون لهم أوفر. لا نملّ من الترداد أنّ اسم لبنان في اسمها وهي شغوفة به. وفيما يخاف الكثيرون ممّا يحدث في جوار لبنان، وما يحدث في مجتمعه، وما تنشره تقارير عالميّة عن الشفافية وعن نسبة الفرح بين الشعوب، واضعة لبنان في مرتبات متدنيّة، نجيب، وفقًا لروحيّة الحياة، أنّ لبنان بألف خير. ليست هذه الإجابة نفيًا لفحوى التقارير وليست هروبًا من الواقع الصحيح، ولكنّها ابتعاد عن لغة التباكي والتململ والتشكي، من أجل اعتماد لغة الإيجابيّة، التي تؤدي إلى الاعتراف أيضًا بأنّ في لبنان خيراتٍ كثيرةً، طبيعيّةً وبشريّةً، خيراتٍ تؤهّلنا للانطلاق من حيث نحن، نحو الأفضل. هذه هي روحيّة جامعتنا”.
وشدد على أنه “بناء عليه، عملت الوحدات كلّها، الأكاديميّة منها والاداريّة، بنشاط مذهل، على متابعة تنظيم المؤتمرات والنشاطات الآيلة إلى تعميق المعرفة وإلى بناء الانسان. فعولجت موضوعات بالغة الأهميّة، ولها التأثير الكبير في مجتمعنا. وواصلت الجامعة تقليدها الذي تميّزت به، أي العناية بالتراث وبالهويّة. وكالعادة، خطا مركز فينيكس التابع للمكتبة العامة خطواتٍ كبيرةً إلى الأمام. فوقّعت المكتبة، خلال هذه السنة، مع ورثة شخصيّات كبيرة من لبنان، اتفاقيات لإيداع المكتبة أرشيفهم لتوثيقه ودراسته. في هذا الإطار، تفرح الجامعة بالافتتاح القريب لماستر فريد في لبنان، هو ماستر في ترميم الأشياء القديمة: الأبنية، التحف، الصور، الكتب، المخطوطات، ولماستر آخر في علوم المكتبات والأرشيف وإدارة المتاحف”.
أما من الناحية الأكاديميّة، فلفت الأب محفوظ إلى “أن الكليّات عملت على تحديث برامجها، وعلى خلق اختصاصات أو تركيزات، وفقًا لمعايير عالميّة. فوُضِعَ إطار جديد للبرامج يعتمد على المهارات المبينة وعلى نتائج التعليم
(New program framework based on identified competences and learning outcomes).
وقد اتّخذ مجلس الجامعة، مؤخّرًا، قرارًا، برفع عدد الأرصدة المخصّصة للتنشئة العامّة إلى ثلاثين رصيدًا. والغاية من ذلك كانت الملاءمة ومتطلبات الاعتماد الاميركيّ من جهة، والمساهمة في إنماء الإنسان بكليّته، من جهة أخرى، بحيث ينشأ الطالب الجامعيّ على الإنتماء المدنيّ بشكل أفضل، وينفتح على الاختصاصات الأخرى التي كان يُعتقد في السابق أنّها لا تمسّ مباشرة الاختصاص الخاصّ بكلّ برنامج. وانكبّ فريق العمل في الجامعة، من المولجين بملف الجودة والاعتماد وملف الشؤون الأكاديميّة، مع الكليّات، على إدخال معلومات الجامعة وبرامجها إلى برنامج TK20 ، وهذا ما يسمح ببلوغ مستوى أعلى من الفعاليّة في إدارة البرامج الأكاديميّة ومراقبة تقدّمها وتقييمها”.
كما أشار إلى أنه “من ناحية أخرى، أقرّ مجلس الجامعة مؤخّرًا استراتيجيّة جديدة للأبحاث، تسمح للجامعة بالتقدّم في مجال هو من أكثر المجالات حيويّة في العالم الجامعيّ”.
وأضاف:”كنّا سبّاقين في افتتاح مركز خاص، في الجامعة، من أجل التميّز في التعلّم والتعليم (LTEC) (Learning and Teaching Excellence Center). وهو مركز مخصّص للتطوّر في التعلّم والتعليم وفي التعليم الالكترونيّ، ويتوجّه، بشكل خاصّ، إلى الأساتذة. في هذه السنة أيضًا، تابعت جامعتنا إقامة دورات خاصّة بالاساتذة، حول طرائق التعليم الجديدة. فبلغ عدد الأساتذة الّذين حازوا شهاداتٍ من جامعات اميركيّة وبريطانيّة حول طرائق التعليم، سبعين أستاذًا وأستاذة، وكان بينهم عمداء ومسؤولون. وفي السنة القادمة، 2015-2016، سوف نطلق برنامجًا في التعلم والتعليم مع شركاء استراتيجيين مثل Norwich University. سوف نتابع تنظيم هذه الدورات، إيمانًا منّا بأن مستوى الجامعة هو أوّلاً مستوى أستاذها. فلكلّ من يحمل راية التعليم في جامعتنا أنبل مشاعر الامتنان”.
وأردف: “تعاطت جامعتنا مع الملف الشخصي الالكتروني (e-portfolio) بجديّة كبيرة، فكبرت جدًّا أعداد الأساتذة والطلاب الذين استفادوا ممّا قدّمته الجامعة على هذا الصعيد. ومن الجيّد التذكير هنا، بأنّ الملف الشخصيّ الالكترونيّ يضع صاحبه على الساحة العالمية الجامعية والمهنية، بحيث يمكنه التعريف عن ذاته بأدقّ تفاصيل الحياة المهنيّة والأكاديميّة”.
وقال: “ومن ناحية التعليم الالكترونيّ، الذي بدأناه السنة الماضية، زاد عدد طلابنا الالكترونيين حوالى خمسمائة طالب وطالبة. وتشكّلت لجنة تعنى بالمواد التي تعلّم الكترونيًّا، وعيّن مسؤول عن هذا القطاع”.
كما شدد على أنه “من حيث العولمة، تعير الجامعة أهميّة كبرى لمبدأ العولمة. وتعتمد، لذلك، سياسة “العولمة الشاملة” (comprehensive internationalization). وفي هذا الإطار، انخرطنا السنة الماضية في “مختبر العولمة” التابع للمجلس الأميركيّ للتعليم (ACE)، فكنّا بذلك أوّل جامعة من خارج القارة الأميركيّة، عضوًا في هذا المختبر. وبناءً عليه، أنشئت في الجامعة لجنة خاصة (Internationalization task force)، من الكليّات والوحدات الإداريّة، من أجل دراسة وضع “العولمة” في الجامعة، وتقييم استراتيجيتها، والقيام بالخطوات العمليّة لتعزيزها، على المستويات كلّها، ومنها التنبّه إلى بعد “العولمة” في المناهج والبرامج والمواد. في هذه الاجواء، لا بدّ من ذكر سفر فريق من جامعتنا، مؤلف من اربعةَ عشرَ أستاذًا وموظّفًا، إلى واشنطن، حيث تلقوا تدريبا، تدعمه الحكومة الأميركيّة، مشكورةً، حول العولمة”.
وأعلن “أنّنا بدأنا، هذه السنة، خوض غمار التصنيف (ranking)، فوجدنا مرّة جديدة فائدة في انفتاح الجامعة على التحديات الجامعية العالميّة، لأنّ في ذلك سبيلاً إلى تقدّم الأمور الداخليّة فيها. ولنا الثقة بحسن خوض هذه الغمار، كما فعلنا في عدّة مضامير سابقة”.
وأعرب عن “فرحنا الكبير في هذه السنة أنّنا قمنا بخطوات عمليّة ومهمّة لتفعيل أعمال رابطة القدامى والتواصل معهم. والتصميم الآن هو على المضيّ قُدُمًا في هذا المضمار”.
كما أشار إلى أنه “في بداية السنة الجامعيّة، أقرّ مجلس الجامعة خطّة إستراتيجيّة على مدى ثلاث سنوات، وفق تسعة محاور. ولا شكّ في أنّ ثمار هذه الخطّة بدأت تظهر وستفعل فعلها أكثر فأكثر في إعلاء شأن الجامعة بين مثيلاتها، خدمة لجميع الفرقاء المعنيّين بالجامعة، عمومًا، وللطالب، خصوصًا”.
وأضاف: “تتابع كليّاتنا مسيرة الاعتماد لبرامجها. فالكليّات الثلاث المعنيّة بالهندسة وبعلوم الكمبيوتر تقدّمت، بشكل ملحوظ، في اعتماد ABET. وتتابع كليّة إدارة الأعمال والعلوم التجاريّة رحلة الاعتماد. وتنطلق كليّة العلوم الزراعية والغذائية، في قسم التغذية، وكليّة الفنون الجميلة والفنون التطبيقية، في قسم الهندسة المعماريّة، في مسيرة الاعتماد. وتبدأ مؤسسة EVALAG، في شهر تشرين الأول القادم، مشروع تقييم برامج بعض الكليّات. وبعد حوالى الشهر، يبدأ الاعتماد البريطاني MATRIX بتقييم الخدمات الإداريّة المتعلّقة بالطلاّب. وبعد أن صنّفنا “البنك الدولي – قسم التعليم العالي”، مع أربع جامعات أخرى، في إطار الصيغة الأولى لبرنامجه، سنة 2012، في الفئة الأولى بين جامعات منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ها نحن ننطلق معه، في إطار الصيغة الثانية لبرنامجه، هذه السنة، وحتى السنة المقبلة، في عمل يهدف إلى التقدّم في جميع الأعمال الجامعيّة”.
وتابع: “أصل هنا إلى خاتمة الأعمال في كلمتي هذه السنة، وهذا الأمر هو في غاية الأهميّة في تاريخ جامعتنا. فقد رفع مجلس الجامعة إلى قدس الأب العام ومجمع الرئاسة العامة، مشروع قانون جديد للجامعة. فأقرّته السلطة الرهبانيّة مشكورة. إنّها محطّة سوف نذكرها جميعًا، لأنّ القانون الجديد يثبّت من جهة انتماء الجامعة إلى الرهبانيّة، كما يثبّت هويّتها، ولأنّه، يستجيب، من جهة أخرى، إلى المعايير الأساسيّة للاعتماد الأميركيّ، الذي بدأنا برحلته في كانون الأول الماضي. نسأل ربّ الوزنات أن يعضد جامعتنا لتستطيع إنهاء هذه الرحلة الاعتماديّة، كما يجب. وفي هذا القانون الجديد، يُنشأ مجلس أمناء له كلمته في إدارة الجامعة وتطويرها. فلقدس الأب العام ولمجمع الرئاسة العامة أصدق الشكران على العناية بالجامعة وعلى المحبّة الأبويّة التي ننعم بها”.
وخلص إلى “أنه أمام هذه الإنجازات الكبيرة، التي نراها من الداخل فنعلم مدى الجهد الذي جعلها ممكنة، أوجّه إلى فريق العمل في جامعة الروح القدس أجمل تحية شكر على كلّ ما يقوم به؛ فريقِ العمل الذي يتوزع الادوار وينشد الخير والنجاح”.
وختم الأب محفوظ خطابه بالقول: “هذه الأعمال الجامعيّة كلّها تعمّق المعرفة، وهي ترجمات لما تعنيه الحياة. هي، أيضًا، دليل على مبدأ الحياة، على الروح الذي يحرّكها. كلّ ذلك يقودنا مجدّدًا إلى عبارة البدايات “جامعة الروح والحياة”، فنراها، إذ تطرق باب المسمعَين أو الناظرَين، وتلج أرحاب الداخل، خارقة سكونه، ومولّدة فيه التساؤلات، نراها الآن ممزوجة بالتأمل في حقائق مفرحة، وصائرة، هي ذاتها، مصدر السكينة والسكون والديناميّة فينا. فنضحي، كلّما خرق سكون أرحابنا ضجيج همّ، مبتسمين له، سائرين بكلّ فرح، مدركين أنّ هذا أمر طبيعيّ يرافق هشاشة وجودنا، وأنّ علينا التعامل معه بحنكة المتاجرين بالوزنات، فنتيقن أنّ بمقدورنا ليس فقط إبطال مفاعيله المؤذية، بل إدخاله، بكبر، الى مسيرتنا الإنمائية الى الامام، لأنّ متبدّلات التاريخ هزيلة أمام الجبّار سيّده. فنروح نتاجر بوزناتنا ونزيد على الخير خيرًا، مساهمين في نموّ ذات كلّ منّا وفي نموّ مؤسستنا ومجتمعنا. نحن نستطيع ذلك، لأننا فخورون بتعلّقنا بمبادئ جامعتنا، فخورون بانتمائنا إلى جامعتنا، فخورون بأنّ جامعتنا هي “جامعة الروح والحياة”.
واختتم الاحتفال بعشاء تقليدي أقيم في الجامعة على شرف المناسبة.