جامعة الروح القدس كرّمت الشاعر جودت حيدر

محطات نيوز – نظّمت كليّة الفنون الجميلة والفنون التطبيقيّة ومركز فينيكس للدراسات اللبنانية في جامعة الروح القدس- الكسليك، بالتعاون مع جمعية أصدقاء جودت حيدر، حفلاً تكريمياً للشاعر جودت حيدر بعنوان: “جودت حيدر… شاعر القرن العصيّ على الغياب”، في جامعة الروح القدس- الكسليك في زحلة والبقاع، بحضور دولة الرئيس حسين الحسيني، السيدة منى الياس الهرواي، النائب طوني أبو خاطر، الوزير السابق علي العبدالله، الوزير السابق خليل الهراوي، الشيخ أديب حيدر، المطران جورج اسكندر، رئيس بلدية بعلبك حمد سليمان، إبنة الشاعر شاهينه حيدر عسيران، أمين عام جامعة الروح القدس ومدير فرعها في زحلة والبقاع الأب الدكتور ميشال أبو طقة، عميد كليّة الفنون الجميلة والفنون التطبيقيّة د. بول زغيب، وحشد من فعاليات زحلة العسكرية والأمنية والثقافية والإعلامية والتربوية والاقتصادية ورؤوساء الأديار والمؤسسات التربوية.

IMG_3473

341C0170

زغيب
إفتتح الحفل بكلمة ترحيبية لمنسقة النشاطات في الكلية المنظِّمة أوديل الخوري، ثم تحدث عميد الكليّة الدكتور بول زغيب الذي اعتبر أنّ “إسم جودت حيدر هو إسم يلمع نعومة وحيوية إستثنائية. وإذا كان قد لُقِّب بـ “أمير الشعراء، فهو الشاعر الأمير، أمير الشباب، وليس شاعر الأمراء. بكثيرٍ من الثقة والطموح، تسلّق المنحدرات للوصول إلى القمة”. كما عدّد أعمال جودت حيدر بدءًا من ديوان “أصوات/Voices” في العام 1986 وصولاً إلى “مئة قصيدة وقصيدة مختارة/ 101 selected poems” في العام 2006 مروراً بسيرته الذاتية التي نشرها باللغة العربية في العام 2002، إضافةً إلى عدد من المؤلفات الناجحة.

وأضاف: “جعله فكره المتشرّب من الإيمان والحماسة أن يراعي مفهوم عالمية حالة الإنسان. فتحدّى، من دون تعب، كل أنواع الظلم في العالم داعياً إلى الحريّة وساعياً، من دون كلل، إلى إيجاد الشكل التعبيري عن هويته، الضائعة بين لبنان والولايات المتحدة”. واستشهد بعدد من أبياته الشعرية التي تعكس أفكاره وآراءه لاسيما تلك التي تعبّر عن “حلمه بلبنان خالد”.
يونس
ثمّ ألقى المدير المساعد لمركز فينيكس للدراسات اللبنانية كارلوس يونس كلمة قال فيها: “خلال عملنا على أرشيف جودت حيدر، لفتنا أن الرجل لم يكن كاتباً وأستاذاً مهماً فحسب، أو مديراً ناجحاً في كبرى الشركات أو سياسياً وطنياً فحسب، إنما، كذلك، شاعراً حالماً حنوناً محباً لأهله ومتعلقاً بأرضه ووطنه. فجودت حيدر كان متعدد الإهتمامات وكثير الإنتاج والتأثير، فكان الكاتب، والشاعر، والأستاذ، والمدير، والسياسي، والمُلهِم، والوطني الذي ترك الغربة عام 1928 في وقت كانت الهجرة في ذروتها قائلاً “ليستفيد مني وطني بدلاً من أن تستفيد مني أميركا”.

وتوجّه إلى عائلة جودت حيدر وخاصةً إلى ابنته شاهينة قائلاً: “المزارع الجيد هو الذي يجيد رمي بذاره في الأرضٍ الخصبة”. وهذا ما قامت به إبنة بعلبك التي تسكن في صيدا حينما قررت أن تسلّم أرشيف والدها الى مركز فينيكس في جامعة الروح القدس في كسروان، فتكون ذكرى جودت حيدر على مساحة كل الوطن ولكل أبنائه”.
وختاماً أكّد أن “مركز فينيكس سيتعّهد بالإهتمام بأرشيف جودت حيدر عناية الأب الصالح، وهو الذي قام بجهد استثنائي مع كلية الفنون الجميلة والفنون التطبيقية لعرض الارشيف في نهاية هذه الأمسية وليضعه بمتناول الباحثين والطلاب وليتعرف جيل الشباب على شخصية جودت حيدر حفاظاً واستمراراً لهذا الأرث الوطني”.

مسلّم
وتحدّث الدكتور أنيس مسلّم بإسم أصدقاء جودت حيدر، فقال: “حاول جودت حيدر من خلال الشعر، على غرار غستون باشلار، إدراك المعنى السّليم لمروره على الأرض. وهو، شأن كبار الشّعراء، أتقن الغوص في جوّانيّة الأمور، انطلاقًا من كينونته الشعريّة الرهيفة الحسّ، البالغة الإدراك. تمتّع شاعرنا بمخيّلة ميتافيزيقيّة ساعدته على العيش كإنسان حرّ، حريته جزءٌ لا يتجزّأ من الحالة الشعريّة التي تحدث عنها هولدرلن. أي البلوغ بالرّومنسيّة مرتبة الصوفيّة. رسالته ترجّحت بين الداخليّ والخارجيّ؛ بين البيت، بغرفة النوم وخزانة الملبوسات وجواريرها، والحديقة بأشجارها وطيورها، والعالم الواسع: العراق، فرنسا، الولايات المتّحدة، مرورًا بجبل لبنان، غابة الأرز والقمم العالية”.

وأضاف: “أتقن الوصل بين العالمين المختلفين: البيت (عالمنا الحميم) والفضاء الواسع، فضاء الذّات وفضاء الكون (الكوسموس)، (الأرض والسّماء). فكره الحرّ كان أجمل فضاءٍ حقّقه، إذ وحّد ذاته مع الكون، جاعلاً من القصيدة بساط ريحٍ يمتطيه ليوسّع مدى الصّفحة البيضاء التي بين يديه، علّها تسع الفضاءين معًا: فضاء القصيدة وفضاء الطبيعة، وتسهّل عليه تحقيق حلمه بالتنقّل في أرجاء الكون وآفاقه الشّاسعة. أدرك جودت حيدر أنّ علاقة الشّعر بالفضاء، علاقةٌ دقيقةٌ، تمتدّ من السّكن هنا، في بعلبكّ، وفي هذا البيت، وهذه الغرفة؛ أي من العلاقة بالتاريخ والجغرافية وملامسة التّراب، إلى الهناك حيث تبلغ الرّوح أبعد الآفاق وأقصاها”.
الأب أبو طقة
ثم كانت كلمة لأمين عام جامعة الروح القدس- الكسليك ومدير فرعها في زحلة والبقاع الأب ميشال أبو طقة، قال فيها: “كان كل شعر ٍكتبه بمثابة خطواتٍ عبر روحه المسافرة (خواطر) المحمّلة بكلّ نفيس، كما فعل الفينيقيّون وعظماء النهضة الحديثة… هو منهم ومثلهم لم يسدل الستار على العمر الـمديد، ولا انتظر طويلًا “ليسرج حصانه ويطير”، بل حلّق “فوق مسارات الحياة مستعيدًا عمر الشباب والشيخوخة حتى الموت”؛ عندئذ، وفي هذه اللحظة بالذات، عرف أنّه “سوف يبقى يحبّ ويصير محبوبًا من جديد…”. وفي كلّ مرّة نحتفل بذكراه نبادله الحبّ قبل الافتخار وبعده.”

وأضاف: “إنّه شاعرٌ من لبنان، للبنان والعالم. وهو ربيب هذا السهل الكريم الذي غذى مخيّلته بكلّ ما زرع فيه من خيراتٍ عبر الدهور. فليس عجبًا أن يختزل الواسع المعطاء بحديقةٍ على اسم جودت حيدر، تبسم للزائر، وتمهّد لتعجّباته قاطعة الأنفاس أمام روعة هياكل بعلبك، فتعطيه جرعة إيمانٍ بالله وثقةً بالنفس. ولأنّه ابن هذه الأرض الطيّبة، ومثال الجودة الفطريّة في إنسانيّته، وفي نبوغه وإبداعه، في حبّه للبنان ولأعلامه، لن تمرّ فرصّةٌ إلّا ولجامعة الروح القدس فيها نصيبٌ لتكريمه ورفعه نموذجًا معرفيًّا وثقافيًّا يقتدي به طلّابنا الأعزاء، رمزًّا وطنيًّا حيًّا في شعره وفي مؤلّفاته الكثيرة. جودت حيدر، شاعر القرن العصيّ على الغياب”.

وتابع: “نعم إنّها المرّة الثالثة التي تكرّم فيها الجامعة جودت حيدر – (في الذكرى الرابعة لوفاته (٢٠١٠)، في الذكرى السابعة (٢٠١٣) واليوم في الجامعة في زحلة والبقاع)- ولن تكون الثابتة. فنحن أيّضًا نسرج خيولنا ونحلّق مع الشاعر كلّما رنت قافيةٌ أو جاد خبر، والروح القدس ملهمنا ومشدّد العزيمة فينا، هلّ أو “انشقّ القمر”.فلبنان جودت حيدر هو “قلب العالم”، وليس محوره : يبتعد شاعرنا عن الصورة الجغرافيّة الكونيّة ولا يهملها، بل يفضّل التشديد على دور القلب أكثر من موقعه في الجسم. فلبنان القلب يخفق لأجل العالم ويمدّه بماويّة الحياة الهنيّة؛ هو القلب وهو العين الباطنة التي تتواصل وسرّ الوجود. وفي هذا كلّه نسمعه يقول: لا تجرحوه، لا تطعنوه، ففي موته تيبس أطرافكم وتجفّ روحانيّتكم وتتهاوى مقدّراتكم؛ وفي بقائه نابضًا حياةٌ لكم جميعًا، وسر السعادة قلبٌ محبٌّ يجمع الكلّ إليه. في غابة أرزه الحيّ منذ قديم الأيّام، وجد جلجامش نبتة الخلود؛ وعلى تلاله، وفوق سهوله وأوديته “رفرف علم الحريّة” التي زيّنت صدور أبنائه وضمائرهم، وقد تنشّقوا نسمة الحياة في “ظلّ ديمقراطيّةٍ لا عرش لها”.

وختم قائلاً: “فكيف لا تكرّمه جامعةٌ لبنانيّةٌ أتت البقاع مبادرةً، وسكنت عروسه مصمّمةً، وفتحت أبوابها لأهله وجيرانه مقتنعةً. كيف لا، وهي بنت الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة التي زرعت أديارها على مساحة الوطن ولم تتخلّ عن بوابة بعلبك (أنطش بعلبك، جار حديقة جودت حيدر). كيف لا، والشعر في أدبها وصلاتها، كالعلم في مختبراتها وقاعاتها، ثمرةٌ قديمةٌ لما تفقد نضارتها وغناها. في تكريمها لجودت حيدر اعترافٌ بالقيم، بالعلم، بالجودة، بالابداع، بالانفتاح على الآخر، بإمكانيّة الوقوف أمام عواميد بعلبك مرفوع الرأس، شاكرًا، ممجّدًا ومهلّلًا”.

كما جرى عرض فيلم قصير حول قصيدة للشاعر جودت حيدر من إخراج جوزيف شمالي، رئيس قسم الفنون السمعية البصرية في جامعة الروح القدس- الكسليك بالإضافة إلى إفتتاح معرض مزدوج يتضمّن بعض أعمال الطلاب وبعض نماذج من أرشيف جودت حيدر.

في نهاية الإحتفال قدّم الأب ميشال ابوطقة لإبنة الشاعر السيّدة شاهينه حيدر عسيران مجموعة كاملة من كتب الشعر والزجل التراثي من منشورات مركز فينيكس للدراسات اللبنانية في جامعة الروح القدس الكسليك ومن ثم انتقل الجميع لتبادل نخب المناسبة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إضغط هنا

أحدث المقالات