محطات نيوز – عماد جانبيه
مداخل الحديث عن الفنانة التشكيلية رفيف عواضة، متعددة بقدر ما تتميز شخصيتها بتعدد أبعادها، عطاؤها وإصرارها، رؤيتها الرحبة وثقافتها الإبداعية. لتنقلنا معها في رحلة مميزة في عالم الألوان…
هي وليدة الأسرة العلمية الفاضلة، المحبة للثقافة، أخوتها مدرسين، ومنهم من تعلم في فرنسا ويعمل هناك. وهي الموظفة، وأستاذة اللغة الفرنسية في إحدى مدارس النبطية، وهي الفنانة التشكيلية التي شاركت في العديد من المعارض.
تلقت رفيف عواضة، علومها في في ثانوية السيدة للراهبات الأنطونيات في مدينة النبطية، بعد رفض أهلها الفنون الجميلة. تابعت دراستها ودخلت قسم اللغة الفرنسية في الجامعة اللبنانية. ونالت، ديبلوم في علم اللغة أو الـ linguistique عام 2006 بنتيجة جيد جدا ولكن ظروف الحرب وإصرارها على عدم السفر والبقاء على أرض الوطن منعوها من ان تحضّر للدكتوراه.
شقت عواضة، طريقها بنجاح، وفي عينيها حلم، وفي يدها ريشة، وتفوقت في دراستها وعملها، وأصرت على تحقيق النتائج التي تريدها، معتمدة على قدراتها العلمية والعملية، مما جعل لها مكانة خاصة في محيطها.
تهوى رفيف الرياضة وشاركت في ماراتونات عدة على صعيد المدارس الأنطونية، ونالت في مؤتمر فرانكوفوني عام 2005، الميدالية الفضية. فهي تحب الرسم الكلاسيكي وتتقنه وكل ما يتعلق بالتراث، فتناديها البيوت العتيقة ووجوه العجائز مع تلك التجاعيد، والأعين الذابلة، لتؤكد للمتلقي أي يكن هذا، أن مصير الكل في زحام الحياة وفي نهاية المطاف، هو خانة العجائز. وتحب الموسيقى، فتعلّمت العزف على الكمنجة، ولم تستمر.
فإختيارها للفنون التشكيلية، بدأ وهي في المرحلة الابتدائية، وبالتحديد ساعة “الإستظهار” حيث قالت، ان المدرسة كانت تطلب منهن الرسم بجانب كل قصيدة، مما اضطرت، الى ان تستعين بوالدها، وهذا ما شجعها على المضي في الرسم، وأصبحت من عشاقه. مما أعطاها دفع وحماس للمشاركة في مسابقات فابريانو الشهيرة في المدارس في ذلك الوقت، ووجدت إحدى رسوماتها المتفوقة على غيرها في المسابقة قد علقت على جدار المدرسة..
تشير الى انها وفي المرحلة الثانوية رسمت عن المجلات بقلم الرصاص والألوان الخشبية أوالمائية و لم يعرها أحد الإهتمام اللازم…
ففي أثناء العطلة الصيفية ايام دراستها الجامعية، بحثت رفيف عن ما يسليها ويغذي ذاتها وأحاسيسها… فعادت الى مراجع تدربها من دون معلّم، منها كتب الفنان العالمي ليوناردو دافنتشي، ثم بدأت مع ريشتها رفيقة مخيلتها، تمزج الألوان بعشق كبير، ومن جهة ثانية، التحقت في دورة رسم، في مركز كامل يوسف جابر الثقافي في النبطية، فتدرّبت على أيد الدكتور حسين سبليني، ورسمت عدة لوحات زيتية مع عدد من الطلاب، وانزعجت من رائحة الزيوت المستعملة، وفضلت الرسم وحيدة ، فتركت الدورة، وذهبت للرسم وحيدة في المنزل أو اي مكان آخر تحت إضاءة خاصة وموسيقى تتطربها، تنسى بهم الوقت، بعيدة عن كل شيء، لتصبح في عالمها الخاص، لتنتج أعمالا مميزة تحمل إحساسا نابعا من داخلها يجمع ما بين الإبداع والفن باستخدام الونها التي تميّز رسوماتها عن باقي الفنانين، ورسمت لمدة 18 ساعة متتالية من دون توقف ملتصقة بلوحتها لحين انتهائها…
لوحاتها تحاكي الناظر اليها، وتجعله حائراً في سر تلك الأنامل الأنثوية التي صنعتها بمزيج من المهارة والدقة، فأذرفت ألوانا مخملية، لتروي مساحات من وطنها الآخر “أي لوحتها”
تحب البساطة والأصالة، وتحب أيضا العالم الأنيق، بحيث كانت تدرس وتحلل أعمال الرسامين الفرنسيين. فتأثرت بالبرجوازية الفرنسية، وأحبت ثيابهم والوانها، فزارت متحف اللوفر منذ 3 سنوات، أحبت فيه أيضاً، ما لم يحبه الآخرون أو ما لم يعد إبداعا…
فمثلا لم تستهويها الموناليزا، بل أحبت لوحات لم تراها من ذي قبل..
شاركت الفنانة التشكيلية رفيف عواضة في العديد من المعارض في لبنان، معرض في مركز باسل الأسد في صور وحصلت على الجائزة الأولى، وشاركت في معرض في جامعة الLIU في البقاع، وعرض مباشر في the spot nabatieh w the spoy saida. وأيضاً، في سيمبوزيوم في مليتا وآخر في النبطية ثم في بلدة صاليما الرائعة وفي صيدا، وفي معرض اليوم الوطني لقلعة الشقيف الذي نظمته الجمعية الوطنية للحفاظ على آثار وتراث الجنوب اللبناني بالتعاون مع وزارة الثقافة، واتحاد بلديات الشقيف، بلدية ارنون، مؤسسة اديان، المدرسة الانجيلية الوطنية، اندية ألوان، نادي بيت الطلبة الرياضي الاجتماعي، منتدى الفنان الجنوبي، ثانوية حسن كامل الصباح، مدرسة حبوش الدولية، ثانوية اجيال، ثانوية مار عبدا دير القمر، وملتقى الفينيق للشباب العربي.
ومنذ فترة قصيرة، قامت الفنانة التشكيلية رفيف عواضة، بتأسيس منتدى الفنان الجنوبي، فيه التنوع والغنى، ويشيع في مناخه التفاهم والإخاء، مع زملاء لها، للعمل على نشاطات ثقافية واسعة، معارض ومشاركات، تشمل عدداً من المناطق اللبنانية…
ويبقى كل من عرف الفنانة التشكيلية رفيف عواضة، وانا منهم، يدرك سر هذه الموهبة، في تلك المقدرة على مزج التفاؤل بالعمل الصبور، ما مكّنها من أن تكون متصالحة دائماً مع ذاتها، لتبقى مصدر إشعاع للطمأنينة والثقة بالمستقبل لكل معارفها وزملائها…
وختاماً، أتراني وصلت اليك وانا أخطو خطاك في هذه الأسطر المتواضعة، وهل أصبت من مسيرتك قبساً؟ عظيمة انت، ورائعة ومدهشة، في نقل خطاك من أفق الى افق…
الفنانة التشكيلية، رفيف عواضة، نهنىء أنفسنا بك، ومن خلالك، ونرجو لك المزيد من التوفيق في النجاح والتألق…