ندوة “الهجرة في مئة عام”
في اطار فعاليات اليوم الأول، نظمت دار سائر المشرق ندوة ” الهجرة في مئة عام” شارك فيها الوزير السابق ميشال اده، كميل سري الدين، طوني قديسي، أدارها لوران عون، في حضور كل من رئيس المؤسسة المارونية للانتشار الوزير السابق ميشال إده، رئيس شؤون الاغتراب في المجلس المذهبي الدرزي، الأستاذ كميل سري الدين، والأمين العام العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية الأستاذ طوني قديسي وادارها المحامي لوران عون وقد حضرها حشد من الشخصيات المهتمة في مسائل الهجرة وفي مقدمها رئيس المجلس الماروني الوزير السابق وديع الخازن ، ونائب رئيس الرابطة المارونية القاضي موريس خوام، والأمين العام للمؤسسة المارونية للانتشار الأستاذ إميل عيسى وحشد من المهتمين والمثقفين.
عون
أدار المحامي لوران عون الندوة وقال في تقديمه الموضوع والكتب الثلاثة عن الهجرة التي نشرتها دار سائر المشرق إن “الهجرة منذ مئة عام و حتّى أيامنا هذه ، شهدت تغيّرًا كبيرًا في مفهومها. فبعد أن كانت تعني الغربة أي الانسلاخ عن الوطن وعن الأهل، أصبحت اليوم في عالمنا المعولم تعني الانتقال إلى العيش برخاء من بقعة جغرافية إلى أخرى مع الإبقاء على التواصل الدائم مع الأهل والأصدقاء حتّى في الطائرة أثناء الرحلة”. ولفت إلى أن اللبنانيين المنتشرين يحققون منذ مئة عام النجاح تلو الآخر، ومن أبرزهم اثنان حازا على جائزة نوبل جيمس الياس خوري وبيتر مدور.
قديسي
الكلمة الأولى كانت للأمين العام للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم الأستاذ طوني قديسي، وبعد أن أكد مواكبة الجامعة للاغتراب اللبناني منذ خمسين عامًا أكد أن “الجامعة لشاهِدٌ على الإبداع اللبناني الثقافي والعلمي والأدبي في العالم، وهي تدرك أهمية هذا الإبداع، وأهميةَ الإضاءَةِ عليه، وهي لذلك، نراها تقيم النُّصُبَ لجبران في مدن العالم وجامعاته، فمن أستراليا، إلى مكتبة وساحة جبران في كاراكاس، إلى جامعة “سايمن فريزرSimon Fraser ” في بريتيش كولومبيا من كندا، إلى تمثال جبران الذي سيدّشن قريباً في مبنى بلدية لوس أنجلس، إلى تمثال المغترب المزروع في المكسيك، أستراليا، غانا وكندا بين مونتريال وفيكتوريا وغيرهم… كل ذلك، إن دل على شيء، فعلى تعلق المنتشرين بثقافتهم، وعلى إحترام شعوب بلدان الإقامة لهم”.
سري الدين
من جهته، رأى رئيس شؤون الاغتراب في المجلس المذهبي الدرزي الأستاذ كميل سري الدين أنه مع الأمير فخر الدين المعن اطل لبنان كوطن له شخصيته الكيانية والحضارية… وانفتح على الغرب الناهض وحاول ان يجسد تجربته عبر ثورة اقتصادية ثقافية فغدالبنان على يده وطنا متطورا…. اجتمعت كل الطوائف اللبنانية في بوتقة واحدة وانطلق الاقتصاد وأرسلت البعثات العلمة الى روما ولكن سرعان ما انتكست التجربة الحضارية وعادت جيوش العثمانين الانكشارية لتخرب ما بني…..
وتطرق في كلامه الى أن الجيل الأول من المغتربين استطاع بالرغم من فقره وأمته أن طور نفسه ويساهم في بناء الأمركيتين، اما الجيل الثاني مرحلة ما بعد الاستقلال فقد سعى الى التطور والارتقاء، في حين ان موجة الاغتراب الثالثة “هجرة مأساوية” كما أسماها كانت الأسوأ حيث تسببت الحرب بهجرة المثقفن ورجال الاعمال والرساميل، كما تطرق الى الاغتراب الدرزي في مرحلته الأولى مطلع القرن العشرن الى الأميركيتين حيث لم يجدوا من يرعاهم وفي المرحلة الثانية الى دول الخليج وأفريقيا أما الثالثة فكانت الدول الخليجية مربط فرس الدروز.
ولاحظ أن الاغتراب اللبناني لم يلق اهتماما جديا من الدولة اللبنانية على مر السنين…فقد نقلت الأحزاب والطوائف مشاكلها ومصالحها وتجاذباتها الى قلب الاغتراب وهيئاته مما أدى الى غربة أخطر منوها بدور رئيس الجمهورية ميشال سليمان في ايلاء الاغتراب اهتماما خاصا تمثل في تأسس لجنة للعمل على توحيد الجامعة الثقافية وتوثيق العلاقة بين الوطن والاغتراب.
وختم مناشدا النخبة من المغتربين الفاعلين ومن الاكثرية الصامتة المؤمنة بهذا الوطن للاتفاق على وحدة الرؤيا ووحدة الهدف ووحدة الكلمة وللعمل معا باخلاص وجدية وتفان لانقاذ الوطن قبل فوات الأوان ولننتظر فخر الدين آخر ليعيد للبنان رونقه ومجده وشموخه.
اده
في الختام، تناول رئيس المؤسسة المارونية للانتشار الوزير السابق ميشال إده الأسباب التي حملت الكثير من اللبنانيين على ترك أوطناهم ولكنها لم تحملهم على فقدان روابطهم القوية بوطنهم الأم وهويتهم “لكأنها هويتان اثنتان في هوية واحدة: بلبنانييه المقيمين والمنتشرين”.
ولفت إلى أن “ظاهرة الهجرة اللبنانية التي باتت تنتظم اللبنانيين من جميع عائلات لبنان الروحية من دون استثناء، أقله منذ عشرينات القرن المنصرم، ليست تشكّل في حد ذاتها تهديدًا كارثيًا للبنان، إلا إذا تحولت إلى مجرد إفراغ ممنهج للبنان من لبنانييه المقيمين وإلا إذا انقطع حبل التواصل الحيوي جدًا بين اللبنانَين: المقيم والمنتشر”.
اشارة الى أن الكتب الثلاثة حول الهجرة التي نشرتها دار سائر المشرق هي: “سر المئة عام” لشبل عيسى الخوري(1887-1980) و”الكورة البرازيل ذهابًا و…إيابًا” لسليم ميغال (مغترب في البرازيل منذ العام 1927) و”اللبنانيون في العالم” لمدير مركز الثقافات اللاتينية في جامعة الروح القدس الكسليك روبيرتو خطلب. كما توزع الدار كتاب “الهجرة من متصرفية جبل لبنان للدكتور عبد الله ملاح.
ندوة: امين معلوف: هوية عربية بلغة اجنبية
وفي اطار نشاطات النادي الثقافي لهذا العام، عقدت ندوة بعنوان ” امين معلوف: هوية عربية بلغة اجنبية” شارك فها الدكتور الكسندر نجار، والدكتور طانيوس نجيم والأستاذ فخري صالح وقدمها سامي مشاقة في حضور عدد من المهتمين والمثقفين.
نجيم
تمحورت مداخلة الدكتور طانيوس نجم حول “أمين معلوف: أصالة لبنانية، أعماق عربية وآفاق عالمية” وتطرق الى سيرة حياة معلوف اللبناني المولد والنشأة والهوية؛ التي تجسّد هذه الهوية بكل أبعادها المشرقية تجذّراً وتأصّلاً، والغربية تطلّعاً ثقافياً وانفتاحاً وجودياً، والكونية عمقاً انسانياً ورسالة شمولية. كثر اللبنانيون الذين كتبوا بالفرنسية ، قبله. إلاّ أن أمين معلوف هو أول كاتب لبناني استحقّ الانضواء إلى عديد الخالدين في صفوف الأكاديمية الفرنسية؛ ما أسبغ عليه شرف الريادة في هذا المضمار وأفسح لنا مجال البحث في اشكالية هويته والانسجام في صلبها بين المكوّنة اللبنانية الأساسية والانتماء العربي الطبيعي والخيار التعبيري الفرنسي.
أما في مسألة انتماؤه العائلي، فرأى نجيم أن معلوف ينتسب لعائلة عريقة بإسهاماتها الأدبية والثقافية مستشهدا ببعض ما قاله الكاتب في هذا الصدد، منتقلا الى حيثيات مساره الحياتي التي استهل حياته المهنية عاملا كوالده رشدي في الصحافة، تحديداً في جريدة النهار…من ثم مغادرته لبنان التي اعتبرها حاسمة في حياته، فهي لم تكن عودة إلى الصفر إلاّ بالمعنى المجازي، وصولا الى ما بعض ما قاله معلوف عن بداياته بالعربية ومن ثم تسلمه منصب رئيس تحرير Jeune Afrique الذي كان من الطبيعي، في ذلك الوضع، أن يتحوّل إلى الكتابة بالفرنسية بموجب مقتضيات العمل وإمكان التواصل مع جمهور أكثر اتساعاً.
وقال نجيم: مقاربة معلوف للّغة على علاقة وثيقة بموقفه من الهوية. هناك لغة خاصة أو لغة أم تعبّر عن الهوية الأساسية؛ تضاف إليها لغة جامعة على غرار اللغة الإنكليزية وما تكاد أن تصبحه كلغة للعولمة……. بالرغم من أن معلوف لم يخطر في باله في البداية أنه سوف يتفرّغ يوماً للكتابة بالفرنسية. لكنه كان على صلة حميمة بها، على طريقته الخاصة. … فان موقفه من العربية والفرنسية والانكليزية يندرج في مقوّمات موقفه، انفتاحه على العولمة، دونما تخلّ عن هويته الخصوصية. بل هو يتصوّر هذه الهوية منفتحة في بنيتها التكوينية على العمق الانساني. يجد للعولمة مرتكزاّ في بنية الهوية اللبنانية عينها، بما يتلاءم مع واقع قناعاته وممارساته ورفضه للإقصاء على أنواعه. واستعرض “الهوية في مؤلفات معلوف” من خلال بعض عناوين مؤلفاته ومضامينها، فوجدها تعبّر أيضاً عن موقف يتلاءم مع قناعاته في ما يتعلّق بالهوية والتعبير عنها
وختم نجيم مداخلته برمزية ملابس معلوف أثناء الدخول إلى الأكاديمية الفرنسية واعتبرها ظاهرة بليغة في التعبير عمّا نحن بصدده، وقال: إذا ما تأمّلنا في السيف الذي سبكته له مؤسسة أرتوس برتران (Arthus-Bertrand) وامتشاقه في مناسبة دخوله إلى الأكاديمية الفرنسية، لوجدناه يحمل شعائر معبّرة عن قناعاته، بما ترمز إليه من انتماءات أصيلة ومكتسبة: بين الشعائر ميدالية تحمل شعار ماريان الذي يرمز إلى الانتماء الفرنسي وميدالية تحمل شعار الأرزة اللبنانية، فضلاً عن نقش الأرزة على أزرار اللباس ونقش يمثّل الأميرة الفينيقية أوروبا من قبل زفس إله آلهة اليونانيين المتخفّي على شكل ثور مجنّح؛ ما يعود بنا إلى جذور لبنان الضاربة في أعماق الميتولوجيا الفينيقية ويشير إلى التواصل بين الشرق والغرب على حدّ شرح معلوف القائل: “إني أرى في هذه الأسطورة رمزاً للعلاقات العريقة بقدمها بين الغرب والمشرق.” وقد حفر على نصل السيف من جهة أسماء أولاد الكاتب وامرأته ومن الجهة الثانية الكلمات الأولى من قصيدة ألّفها والده. ليس من شكّ في أن أمين معلوف قد أشرف شخصيّاً على دقائق هذه التفاصيل، وهي تعني الكثير بالنسبة إليه، لاسيما في ما يتعلّق بهويته الشخصية والعائلية المتجذّرة في العمق اللبناني الفينيقي والمطعّمة بالانتساب إلى التميّز الفرنسي الخالد، المتأصّلة في شاعرية العربية وغناها والمطلّة على شمولية الحضارة الانسانية بانفتاحها على الشرق والغرب معاً وإبداعاتها الفذّة والفريدة .
صالح
استهل صالح مداخلته بالقول: يعكف الروائي اللبناني ـ الفرنسيّ أمين معلوف على سبر مفهوم الهويّة، وقراءة تحوّلاتها، وتبدّلاتها، والمسارات المتعرّجة التي تتخذها، وكذلك تعدد عناصرها، وعدم استغراقها بصورة كليّة في وجهٍ واحدٍ ووحيد من وجوهها يسم بميسمه الفردَ أو الجماعةَ البشريّة. فهويّةُ الإنسان، كما تتبدّى في عمل معلوف الروائي، متحوّلةٌ ومتبدّلة ومتعددة، لا تنزع إلى الثبات، بسبب العوامل والظروف والتجارب العديدة التي تفعل فعلها فيها، فتغيّرها وتجعلها تتخذ وجوهاً ما كنّا نعرفها فيها من قبل.
وأضاف: لعل هذا الهجسَ الدائم بمسألة الهويّة، والإيمانَ بقدرة الهويّات البشريّة على الانفتاح على بعضها بعضاً لتتهجّنَ وتغتني، أو تتقوقعَ على نفسها وصولاً إلى الاحتراب والتصادم والدخول في حروب الهويّة التي لا تنتهي، هما اللذان قادا أمين معلوف إلى تأليف كتابه، العامر بالبصيرة والفهم والحكمة، والذي ينضح في الوقت نفسه بالحسّ الإنسانيّ العميق، “الهويّات القاتلة” (1998). وهو يشرح فيه، بصورة جداليّة، تتقابل فيها الحجّةُ والحجّةُ المضادة، كيف تتحوّل الانتماءات الدينيّة أو القوميةّ أو الإثنية أو الأيديولوجيّة، أو مجموعُها معاً، إلى هويّات عنيفة، إقصائيّة، استبعاديّة، قاتلة.
واعتبر أنه ليست أصالةُ الهويّة، نقاؤها وصفاؤها وعدم اختلاطها بأية هويّة أخرى، هي ما يسعى أمين معلوف إلى التأكيد عليه. ولهذا السبب طرح مثاله الشخصيّ الذي يعبّر عن هجنة الهويّة وتبدّلها، واغتنائها، عبر مسيرة الحياة وتجربتها، والظروف الضاغطة التي جعلته يرتحل من بلد إلى آخر، ومن ثقافة إلى ثقافة أخرى، ومن لغته الأم إلى لغته المُتبنّاة المختارة للكتابة والإبداع، مشيرا الى أنه يمكن القول، إن عمل أمين معلوف الإبداعي يقدم نقضاً سرديّاً لهذا التصوّر المغلق للهويّة، حيث نقع في رواياته على اختلاط الهويّات وامتزاجها، وتفاعلها، وتناحرها، وتبدّلها، وانمحائها أحياناً، وخمودِها في أحيانٍ أخرى لتحلّ محلّها هويّات جديدة تبعاً لشروط الزمان والمكان والبيئة السياسية أو الثقافية أو الروحيّة.
هكذا تتصوّر روايات معلوف العالمَ والبشرَ والتاريخَ بوصفها كيانات متحوّلة، متغيّرة، وفي حالة تبدّل دائم. فكما لا يعرف التاريخ الاستقرار لا تصل الهويّات إلى حالٍ من الثبات والنمطيّة والقالبيّة التي يحاول الكثير من دعاة التقوقع والانفصال واستبعاد الآخر، ونفي تأ ثيره، إضفاءها عليها.
وتطرق الى رواية معلوف “ليون الإفريقي” (1986) الذي بدأها كاشفاً وموحياً، وتنويريّاً، في ما يخصّ فهمه لمعنى الهويّة…. ومن خلال قراءته لبعض من ما جاء فيها من عبارات تلخص مفهوم الهويّة المتحوّل الرجراج، كما تختصر في أقلّ من صفحة رحلةَ “ليون الإفريقي” وعبورَه الدائم بين الثقافات والمعتقدات، والأسماء والصفات، إنْ لم نَقُلْ الهويّات. ونستدلّ من هذا التصدير، الذي أجازف وأقول إنه يكاد يَلُمُّ أطرافَ عمل أمين معلوف، أنه لا شيءَ يمكن أن يمثّل جُمّاعَ الهويّة، أو يعرّف صفاتها وعناصرها، لأنها قابلة للتغيّر والاستبدال والانتقال والعبور، وصولاً إلى الانتفاء والتبدّد والعدم المحض.
وقال في ختام مداخلته: فلا مكانُ الولادة، أو المعتقد الديني، أو الانتماء القوميّ، أو الجنس، أو اللون، أو العرق، أو الطبقة، أو اللغة، تصلح لتعريف الهويّة أو لمّ شتاتها المبعثر. إن أمين معلوف، في سعيه لقراءة تحوّلات الهويّة، يكاد ينفيها ويبددها، قاصداً من ذلك تبديدَ سحرها ومحوَ الهالة التي يريد المدافعون عن الهويّات المغلقة المصمتة إحاطتَها بها. فليون الإفريقي، بأسمائه وهويّاته المتعددة، هو “ابن السبيل”، وطنه “هو القافلة”، و”هو لله والتراب”، ولا شيء يدلّ عليه سوى هذا العبور الذي ينقله من طريق إلى طريق، ومن لغة إلى لغة، ومن ثقافة إلى ثقافة، ومن دين إلى دين، ومن الحرية إلى العبوديّة، ومن حال الفقر إلى حال الغنى. بالمعنى السابق يكون الإنسان ابنَ المنفى والعبور والتحوّل وعدم الاستقرار؛ هويّتُه رجراجة تعبثُ بها رحلتُه في العالم والوجود.
نجار
وبدوره اشار نجار في مستهل مداخلته الى قدم علاقته بأمين معلوف، سيما في بداياته الأدبية وبدون أن يدري شجعه على الكتابة بلغة لست لغته الأم، قائلا: شعرت مثله ان اللغة وسيلة لبناء جسور بين الحضارات ولتخطي الحواجز، وأنه يمكن إستخدام لغة أجنبية أداة حوار ثقافي من دون التنكر لجذورنا.
ووأضاف: أمين معلوف لم يتنكر لهويته اللبنانية، بل أهدى جائزة غونكور الى لبنان، وفي خطاب دخوله الأكاديمية الفرنسية أشاد بوطنه، وفي مؤلفاته عالج مواضيع تهم لبنان كالتعايش والهوية (كما في الهويات القاتلة) والهجرة (كما في “جذور”) والحرب كمافي كتابه الأخير “التائهون” وخصص للبنان رواية “صخرة طانيوس” مهداة الى ” الرجل ذي الأجنحة المتكسرة” أي جبران وقد شبهتها ب”كولومبيا” للكاتب الفرنسي بروسبير ميريميه إذ تدور أحداثها خلال الفترة ذاتها، وفيها كولومبيا تعتبر مسؤولة عن جريمة إرتكبها أخوها، تماماً كما يعتبر طانيوس نفسه مسؤولاً عن جريمة إرتكبها والده بسببه. وفي القصتين نهاية مشابهة: كولومبيا تغادر جزيرة كورسيكا، وطانيوس يقرر ترك قريته نهائياً.
وقال: في “صخرة طانيوس” يتجلى بوضوح لبنان أمين معلوف : لبنان الأصالة، فيه القرية اللبنانية المتواضعة يحن إليها الكاتب فيحدثنا عنها بإسهاب عن عاداتها وتقاليدها وفولكلورها، وفيه لبنان المتخلّف وأفكاره البالية حيث “لميا” تعاني مشاكل جمة في بيئة يهيمن عليها الذكور، وفيه الإقطاعية التي تتعارض مع مبدأي المساواة والعدالة، وفيه الأنانية والحقد يسيطران على أبناء الوطن الواحد فيولّدان الصراعات والحروب.
واضاف: وفي الكتاب نتابع تأرجح البطل طانيوس بين عالمين: تتلمذ على كاهن إنكليزي وتعّلم أفكاراً تقّدمية تعلى روكز ونادر فأدرك أنّ الضيعة لا تستوعب طموحاته. وفكرة الإنتماء الى عالمين موجودة في معظم كتب أمين معلوف، فنتابع الشخصيات تتأرجح بين الجنوب والشمال، وبين الشرق والغرب، كما في “ليون الأفريقي، أو “رحلة بالداسار” حيث البطل شخص عربي عاش في الشرق.
واستطرد قائلا: امين معلوف يؤمن بالتعددية والعيش المشترك رغم صعاب تتهدد هذا التعايش في احدى مقابلاته قال: ” التعددية في بلد ليست مشكلة بل هي حل وكم يفيد التوقف عند هذه المقولة في زمن تتصارع خلاله الطوائف والاحزاب وتتعالي فيه الاصوات الداعية الى الانعزالية والتقسيم معه حق امين معلوف ان ” التعددية ليست مشكلة ” المشكلة الحقيقة تكمن في تفصيل الانتماء الديني على الانتماء الوطني ومتى تخطينا هذه المعضلة تصبح التعددية مدر غنى ويصبح لبنان فعلا كما اراده يوحنا بولس الثاني ” رسالة تعاش حقيقة”
وختم بالقول: برع أمين معلوف في تفعيل الحوار الثقافي عبر مؤلفاته فاصبح سفيرًاً لواقعنا في عالم الفرنكوفونية ومحللا لما ينتجه مختبر لبنان ” هذا البلد الصغير ذي الشأن العظيم ” على حد تعبير مترنيخ. tre des mediateur “ن نكون وسطاء” . الاخرى وهذا ما عناه أمين معلوف عندما صرح مقابلة مع ث البطل شخص عربي عاش في الشرق.
طموحاته.
ندوة حول كتاب: المعرفيات والمسلكيات – الفلسفة في خدمة الانسان
وفي اطار فعاليات اليوم الأول من المعرض ال57، عقدت المكتبة المشرقية دار المشرق ندوة حول كتاب: المعرفيات والمسلكيات – الفلسفة في خدمة الانسان للدكتور جيرار جهامي شارك فيها الأستاذ وليد الخوري، الدكتور محمد العريبي والدكتور مشير عون في حضور عدد من المهتمين.
خوري
الكلمة الأولى لخوري الذي استهلها بالاشارة الى عنوان الكتاب الذي يشي برغبة جهامي في العودة الى مسألة الوصل بين الموجود في الاذهان والوجود في الأعيان، لنقل بين المعنى وبين تحقّقه في الواقع العيني، في ضوء الشروط الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تتحكّم بهذا الواقع وتؤثر في تبيئة هذا المعنى بعد تعديل حقله المولود عليه في الاصل.
وقال: لا شكّ في أنّ هذا العمل يكسر نمطاً من الاشتغال بالفلسفة، جرى عليه جيرار جهامي و طبع تجربته التعليمية والبحثية، وهو انصرافه في الاساس إلى النظر في المعاني الفلسفية و نحي المصطلحات القادرة على حملها. متوقفا عند تفصيل المؤلف مشروعه في فصول ثلاثة متوازنة الصفحات و الموضوعات، الفصل الأول “معرفيات جدلية منفتحة”، الفصل الثاني “معرفيات مستقبلية تفاعلية” أمّا الفصل الثالث والأخير ، فيدور البحث فيه حول “المسلكيات الفاعلة و السلوكيات الفعلية “.
أضاف: لا شكّ في أن الناظر إلى هذه العناوين _المسائل ، يكتشف أنه أمام مشروع تثقيفي طموح يتوخى بلغة صلاحية متجدّدة “وضع حد للفصل بين الفكر الفلسفي الخاص و الفكر الجدلي العوامي”، و البناء على الوصل بين الضفتين من أجل التخفيف من وطأة المخيال الاسطوري.
وختم بالقول: إنه مشروع نهضة ثالثة منفتحة ، تقوم حسب قوله على تكوين معرفياتنا على أسس مطابقة لمعطيات العصر والحياة الجديدة وتقعيد سلوكياتنا على قيم مستلهمة من خلقيات الحاضر .
العريبي
وفي كلمته أشار العريبي الى أن الدكتور جهامي يرى أن المعرفيات اليوم، تجاوزت حدود المعرفة الكلية الأحادية اليقينية التي شغلت فلاسفة الأمس المنصرم وصارت معرفيات شمالة لميادين العلوم ولا سيما الانسانية والمعلوماتية منها… وان طرح الدكتور جهامي ليس مجرد خروج على المالوف وانما هو محاولة جادة لتحرير الفلسفة من الثنائيات الضاغطة للفكر، كالحق والباطل، والإيمان والكفر، واليقين والظن……
واشار الى أن أمل الدكتور جهامي من تأملاته هو أنسنة الحقيقة الفلسفية، تجسيدها وتحريرها من المقولات الجامدة على مدلولات ثابتة والمفاهيم المجردة المفرغة من لواحقها الكيفية، أي من صفاتها العينية إنه يريد ربط الفلسفة بالتاريخ الحقيقي للإنسان وإنزالها من العالم العقلي المكتفي بذاته. فالفلسفة بنظره لها تاريخ ذاتي خاص يتعالي على التاريخ الانساني العام إنه تاريخ يصل بين المذاهب والاتجاهات ويفسح المجال لوصل الحاضر وهو الاهم بالماضي ويسمح بتوافد المستقبل عليهما معاً
وختم العريبي كلمته بوصايا الدكتور جهامي، في سبيل بناء صرح فلسفة تفاعلية عالمة عاملة بمراعاة الامور التالية، وهي:
ضرورة تهميش الخيال الاسطوري واعلاء شأن العقلاني، ايجاد مساحة مشتركة بين المثقفين والروابط الاجتماعية والاندية السياسية، البحث عن المنهجية الفضلى الكفيلة بازالة الرواسب الحضارية والانتروبولوجية، المباشرة بعملية تحديثية واعية لا تفرط بإيجابيات الحاضر، لكنها تقطع مع جمود الماضي وتحجراته ورسم مستقبل للمعرفة بمسالكها والمتحققة في سلوكيات منفتحة و*ضرورة الشجاعة في عبور المسالك التي تنقلنا من ضفة المعرفة الى ضفة الوقائع المقابلة لها.
عون
استهل عون بأن في الكتاب فرادة تتجلى في انعقاده على رسالة نبيلة وروحية وديعة ومضامن جريئة، فالرسالة هي رسالة الفلسفة في عمق خصوصيتها. فالكتاب كله منعقد على يقين الفوز بمقام للفلسفة لا يزاحمها فيه علم من سائر العلوم الانسانية والعلوم الطبيعة البحتة الوضعية، معتبرا أنه من سمات رسالة الفلسفة أيضا أنها تأخذ الكائن الانساني في عمق مسعاه الوجودي الى الاصالة الكيانيّة ، فتعتقه من جميع أصناف العبوديات الايديولوجية الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.
واعتبر أنه من حيث الروحية فالكتاب كله مسبوك في العزم على مناصرة روح التسالم والتضامن والتقابس بين اهل الفكر فالكاتب يجتد اجتهادا صادقا في استئصال شأفه الشقاق المقيت بين الفلاسفة وجمع الكلمة واصلاح ذات البين وصون التباين الشرعي البناء وهو لا يتورع عن الاستناد الى ما قال اصحاب الرأي السديد في الفكر اللبناني والعربي والغربي وتمتينا لأواصر التعاون الفكري.
وانتقد عون الكاتب مشرا الى أنه يكتفي بوضع الاسس النظرية والشروط المبدئية التي ينبغى ان ينضبط في سياق مقتضياتها كل بحث فلسفي في مسائل الوجود الانساني والحل ان لا شئ اجلب للمشقة ولا احوج الى الابتكار الجري من تناول قضايا الوجود الانسانية ومنها الحرية والعدالة والمعايشة والتعددية ومعالجتها بالاستناد الى القواعد النظرية الصالحة التي نصبها الدكتور جيهامي.
وختم قائلا: اختم قولي بمثال على ما قد ينبئنا به الدكتور جيهامي في مقاربته المقبلة لقضية هي من اشد القضايا اثارة القضايا اثارة للجدل الفلسفي واللاهوتي عنيت بها وجود عالم ىخر من المثل يتعالى على العالم الذي نحن قائمون فيه.
جهامي
وفي الختام تحدث الدكتور جهامي وقال: أود أن أشير الى أن ما ورد على غلاف الكتاب يشكل مشروعا فلسفيا يستوعب كل ما كتب وقيل في المعرفيات كما عرفتها، مشفوعا بما أسند اليها من مسلكيات اي خلقيات واجتماعيات ونفسانيا وشروط الابداع الفلسفي مهما كانت قاسة وصارمة ترجمتها امكانيات حاضنة كل المنهجيات البحثية وأدوات التركيب الفلسفي مع ما طورته من مفاهيم تطابق الواقع شرط أن توظف في سبيل العمليات وترشيد السلوكيات حاضرا ومستقبلا.
وختم بالقول: آن الأوان لنعمل معا على تحقيق كتابات جماعة ننكب فها على معالجة مسائل مستمدة من حاضرنا، مرتقبة مستقبلنا، اذ بقى الانسان ابن بئته وحاضنا لمشاكلها وموفرا لها الحلول.
حفل اطلاق كتاب “سوبرمان عربي” لجمانة حداد
وفي اطار نشاطات اليوم الأول، نظمت دار الساقي حفلة اطلاق كتاب سوبر مان عربي للشاعرة والاعلامية جمانة حداد
في حضور عدد من المثقفين والمهتمين.
افتتحت الأمسية الفنانة غادة شبير بإنشاد قصائد للشاعرة منها…. تلاها دويتو قراءات بين الممثل رفيق علي أحمد وجمانة حداد ورافقهم على البيانو العازف ايلي حردان
وفي الختام وقعت حداد كتابها
ندوة حول كتاب د.خالد زيادة ” لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب”
وفي اطار مشاركتها في المعرض لهذا العام، نظمت دار شرق الكتاب” L’Orient des livres ندوة حول كتاب “لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب” للسفير الدكتور خالد زيادة شارك فيها الأستاذ سمير فرنجية، الدكتور محمود حداد وتغيب الدكتور رضوان السيد بداعي السفر وأدارتها هند درويش في حضور عدد من المثقفين والمهتمين.
درويش
استهلت هند درويش الندوة بالاشارة الى أنه كما في كافة أعماله، قدّم د.خالد زيادة في هذا الكتاب مادة مساجلة ، غنيّة ، ومكثّفة بالأفكار والأخبار بأسلوب يسير ورشيق يقارب الحكاية مع احتفاظه طبعا بطابع الرصانة العلمية والمنهجية في البحث، مضيفة: لم يشأ الكاتب إضافة بحث الى مئات الابحاث القديمة والمعاصرة التي تعالج علاقة اوروبا بالعرب واستطرادا بالمسلمين، بل أخاله أراد تصحيح عدد من المفاهيم التي كرّستها بعض هذه الدراسات، والاضاءة على مفاهيم جديدة تعيد قراءة «النهضة العربية» بمختلف مراحلها ومجالاتها وصولا الى «الثورة العربية» بعينين غير مبهورتين بالفاعل المحلي وغير واثقتين بالعامل الخارجي.
واشارت الى أن أوروبا في كتاب د. زيادة هي الجارة والصديقة والمستعمِرة والظالمة والمظلومة. والعرب هم ضحايا الغرب، الذي كما اليوم، عاجزٌ عن فهمنا وفي أغلب الأحيان غير مبالٍ لذلك، ولكن هم أيضاً ضحايا أنفسهم ونظرتهم لها وللعالم. وبهذا المعنى يأتي تحفّظ الكاتب على استخدام كلمة “ضحية”.
فرنجية
أشار فرنجيه في مستهل مداخلته الى أن أهمية كتاب الصديق خالد زياده تكمن في الربط الذي يقيمه بين ربيعين، ربيع النهضة في القرن التاسع عشر وأوائل العشرين وربيع اليوم، وهو بذلك يعود الى زمن لم تكن تحكمه الايديولوجيات القومية والدينية، تلك الايديولوجيات التي جاء الربيع العربي ليضع حداً للظلم الذي مارسته على مدى نصف قرن.
وأضاف: بين هذين الربيعين، دلالات مشتركة وأخرى مختلفة وربما متعارضة، منها: في الربيع الأول، ربيع النهضة، دخلت المطبعة الى الأقاليم المسيحية من الدولة العثمانية وساهمت مساهمة كبرى في التحضير للنهضة، في حين أنها لم تدخل الى استانبول حتى العام 1727 بحجة الموانع الدينية. أما في الربيع الثاني، فكان للتقنيات الجديدة، ومنها الانترنت والهاتف الجوال دور أساسي في تأمين التواصل والالتفاف على الأجهزة الأمنية وتعميم التحرك في كافة أرجاء العالم العربي. ولهذه الناحية يتفق أكثر المتابعين على القول بأن ثورة الربيع العربي الحالي هي”ثورة الفيسبوك وأخواتها” أي مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الدلالات أيضا، أكمل فرنجيه كلامه: في ربيع النهضة كان للمسيحيين دور مميز، في استعادة التراث اللغوي واحياء الفصحى التي كانت تعبر عن ثقافة منفتحة ومتحررة تمكنت من استيعاب مفاهيم الحرية والوطن والدستور وتشكيل “الفضاء الذي ظهرت فيه فكرة الأمة العربية”. و هي ثقافة تتسع للتيارات الليبرالية والاصلاحية. والاسماء كثيرة من بطرس البستاني وناصيف اليازجي واحمد فارس الشدياق الى شبلي الشميل ونجيب عازوري وفرح انطون… أما في ربيع اليوم، فلا دور يذكر للمسيحيين، لا بل هناك دور سلبي يلعبه بعض السياسيين ورجال الدين في دعم آخر الديكتاتوريات العربية المتمثلة بالنظام السوري والسكوت عن الجرائم التي ترتكب اليوم بحجة الخوف من جرائم قد ترتكب في المستقبل، وهذا رغم الدور الرئيسي الذي لعبه المسيحيون في اطلاق انتفاضة الاستقلال في آذار 2005، تلك الانتفاضة التي أخرجت جيش الوصاية السورية من لبنان وأطلقت الإشارة الأولى للربيع العربي.
واعتبر فرنجيه ان النهضة أسهمت في بروز التيارات الايديولوجية، القومية منها والدينية…… في المقابل فأن ربيع اليوم أسقط ما تبقى من حركات ايديولوجية معلناً – مع تأخر ربع قرن – نهاية الحرب الباردة. في ربيع النهضة كان هناك دور مهم للحركة الاصلاحية الاسلامية ….. وقد يمكن القول بلا مجازفة أن اسلام النهضة – في بعده الاصلاحي التنويري المرتبط بكرامة الانسان – هو أكثر صلة من اسلام اليوم بالمطلب الراهن، أي ضرورة قيام تيار اسلامي ديموقراطي حداثي، على غرار الحركات المسيحية الديموقراطية الغربية التي ساهمت في مصالحة المسيحية مع العصر…..ربيع اليوم أتاح في العديد من البلدان العربية، فرصة أمام الأحزاب الإسلامية للبروز في المراحل الإنتقالية، كالنهضة في تونس، وحزب الحرية والعدالة في مصر. إلا أن سنة من حكم الاخوان المسلمين في مصر كانت عبارة عن إخفاقات مدوية…….
وتطرق الى آخر الدلالات التي استرعت انتباهه ألا وهي مسألة تتعلق بتحديد الذات العربية والاسلامية: ففي عصر النهضة كان يتم تحديد الذات العربية من خلال المقارنة مع الآخر. ليختم مداخلته بقراءة ما كتبه زيادة في هذا المجال: في الربيع العربي اكتشف العرب أن “اوروبا لم تعد مصدراً لافكار كبرى ولم يعد لديها ما تقدمه للعرب”. ويعود هذا الاكتشاف الى التحول الأساسي الذي أحدثه الربيع العربي وهو إعادة الاعتبار للانسان بعد أن تم وضع حد لعملية الاختزال التي كانت في أساس أزمة العالم العربي: اختزال الفرد في الجماعة واختزال الجماعة بحزب واختزال الحزب بقائد أو زعيم.
حداد
وبدوره تناول الباحث والأستاذ المحاضر في جامعة البلمند الدكتور محمود حداد الكتاب مقسما اياه إلى ثلاثة: الأول يتحدث عما اصطلحنا على تسميته بعصر النهضة ؛ الثاني يتحدث عن الثورات العربية الحالية غير المكتملة والتي يعتبرها البعض انقلاباً على النهضة والثالث عن المرحلة ما بين المرحلتين المذكورتين سابقاً.
فالمرحلة الأولى بحسب حداد، كانت مرحلة أفكار وقيم حديثة استوردتها النخب العربية بسرور من أوروبا أو صدرتها أوروبا بتردد إلينا. شمل ذلك فكرة الحكم غير المطلق، الدستور، التعددية، العلمانية، الترجمة، العلوم الحديثة، تطوير اللغة العربية الفصحى لتصبح سهلة التعبير عن العلوم و الفنون الأدبية الحديثة. لكن تلك المرحلة، على ثرائها الفكري، حوت أيضا أفكاراً و ممارسات العنصرية الغربية المبررة للاحتلال والاستعمار في الشرق العربي. سقطت نخب القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين لأسباب كثيرة….أما المرحلة اللاحقة كما وصفها الدكتور زيادة “(أصبحنا) إزاء حلقة مثلثة الزوايا، الدولة الأحادية تطارد الأفكار وتلغي دور المثقفين وغياب الأفكار يمهد السبيل أمام انتشار التدين والإسلام السياسي وتبرر الأنظمة التسلطية سياساتها بأنها تحارب التطرف الديني والإرهاب.”
واعتبر حداد أنه من هنا انطلق الشق الأول من المرحلة الثالثة: أي الثورات العربية الحالية غير المكتملة والتي اتخذت منحى اسلاموياً شعبوياً في البداية على الأقل فمثلت علامة افتراق أو انقلاب على أفكار عصر النهضة القائلة ….لكن الشق الثاني من المرحلة الثالثة سرعان ما أكد نفسه خاصة في مصر “فكان أن أدى خروج حركات الإسلام السياسي إلى العلن لتواجه الواقع وتعقيداته إلى بروز حركة مضادة متنامية من الاعتراض على أسلمه المجتمع والدستور والسياسة” كما يقول الكاتب.
وأضاف: هكذا وصلنا اليوم إلى طريق مسدود بين اتجاه النخب ذات الثقافة الغربية التي أصبحت بعد تجارب القرنين الماضيين تعبر عن قسم وازن من الطبقة الوسطى و اتجاه النخب ذات الثقافة الإسلامية أو الإسلاموية التي تعبر عن قسم آخر وازن من الطبقة المتوسطة و القسم الأكبر من الطبقة الدنيا. و لا حل برأينا إلا بالعمل الطويل النفس و الدؤوب للتوصل عقد اجتماعي –سياسي خلاق بين الاتجاهين.
وتطرق حداد الى بعض العوامل التي أدت الى سلسلة الاخفاقات ومنها عامل الحامل الاجتماعي والتركيز على عامل الخارج الغربي أو الأوروبي الذي هو عنوان الكتاب، وقال: برأينا أن النهضة كانت نهضة أفكار كان معظمها مجردا و لم يجد طريقه إلى التطبيق الفعلي إلا في أضيق الحدود. … قالوا بأفكار اجتماعية و ثقافية لم تكن لها ركائز اجتماعية عربية قادرة على حملها و السير بها بعيداً. أما السبب الأهم هو تفشيل الغرب نفسه لأفكاره: كان عصر النهضة أي عصر الانتباه العربي للأفكار والممارسات الأوروبية الحديثة أيضا عصر مكر الغرب مكراً هائلاً في جانبيه الثقافي و السياسي معنا.
وتحت عنوان “من النهضة إلى النكبة” اعتبر أنه ما أن بدأ الشرق العربي بالتحديث الثقافي والإداري والعسكري على المثال الأوروبي حتى بدأت قارة الأنوار تنسج لنا خيوط المشروع الصهيوني الذي انتهى بنا إلى النكبة ثم إلى نكبات مستمرة إذ اختار حداثيو العالم تدفعينا ثمن إساءاتهم العنصرية في أوروبا نفسها قبل الحرب العالمية الأولى ثم بعد ” المحرقة” في الحرب العالمية الثانية…..على الرغم من ذلك كله فان المؤلف يرى “أن ما يجري حالياَ لا يتشابه مع الماضي فالتحرر المطروح اليوم ليس من الاستعمار و إنما من الأنظمة الأحادية و في الوقت الذي لم تعد أوروبا مصدراَ لأفكار كبرى و لم يعد لديها ما تقدمه للعرب . فالثورات العالم العربي الراهن لا تدفعها الأفكار الكبرى و إنما تدفعها قضايا العيش و الكرامة و العدالة الاجتماعية كحقائق إنسانية شاملة”.
وختم بالاشارة الى أنه نتفق مع الصديق الدكتور خالد في هذا، لكننا نزيد أن الأنظمة الأحادية كانت عادة متحالفة و لو من وراء ستار مع أوروبا الاستعمارية. كما أن أوروبا المستنيرة ساهمت في السابق في نشر الحقائق الإنسانية الشاملة. لكن هذا لا ينفي التناقض بين ما رآه المثقفون العرب في باريس و لندن من ايجابيات أوروبا في أوروبا: عدالتها وإنسانيتها وعلومها و حرياتها و بين ما خبره الذين لم يروا غير أوروبا في ما وراء البحار باستعمارها و لا عدالتها و تسلطها.
حفلة فنية – النادي الثقافي العربي
وللمرة الأولى، وفي اطار سلسلة الحفلات الفنية التي ينظمها النادي الثقافي العربي، أحياها طلاب المعهد العالي الوطني للموسيقى الكونسرفتوار الوطني – القسم الشرقي حفلة موسيقية في باحة المعرض جذبت الحضور والزوار في مشهد حيوي مميز.
وقدم الطلاب روان أبو نادر على آلة القانون، نادر أبو نادر على آلة العود ورويد محمود ايقاع على الدف تحت اشراف السيدة ماريا مخول معزوفات متنوعة من التراث اللبناني (فيروز، زكي ناصيف) ومن التراث العربي (محمد عبد الوهاب).
فيما يلي سلسة من التواقيع شهدها معرض الكتاب العربي الدولي ال57 في يومه الأول (السبت 7\12\2013) – تجدون ربطا الصور
- د. سناء علي الحركة، مجموعة قصص،دار اصالة
- الفنانة سحر طه، اعشقك انت، النادي الثقافي العربي
- جويل فضول، صرخة من الأعماق، دار العربية للعلوم ناشرون
- الشاعرة رنا حيدر، مقامات الروح، دار الفارابي
- جو روفايل، رحلة الى الصين، جناح دار الجيل
- زينة غصوب الأسود “Reaidy, Aim, Captivate”,”Roadmap to Success” جناح النادي الثقافي العربي
- ترايسي شمعون، ثمن السلم، مكتبة انطوان
- أنطوان شرتوني الديك، الذي يريد تغيير عمله \ اريد أخا\ ما اسم الحمار الوحش \ cocci le blanc، دار الفكر اللبناني
- Malake El sobeh، one of beiruts unsold chronicles ، مكتبة مالك
- الشاعرة جويل سليم مغامس، أنا هي .. أنت، دار ومكتبة التراث الأدبي
- السيد حسين فضل الله، من هو الله – رسالة الى كل طالب، دار الولاء لطباعة والنشر
- جمانة حداد، سوبرمان عربي، دار الساقي
- الروائية هدى عيد، حب في زمن الغفلة، دار الفارابي
- السيد عبد القدوس الامين، حبل كالوريد، رسالات
- فايز قزي، حزب الله اقنعة لبنانية لولاية ايرانية، رياض الريس للكتب والنشر
فيما يلي نشاطات وبرنامج تواقيع يوم الأحدالموافق فيه 8 كانون الأول 2013
3:00-5:00 |
محاضرة: الاصغاء والتعبير ألفباء اللغة العربية |
د. سلطان ناصر الدين |
6:00-7:30 |
تكريم: تحية للأخوين فليفل بالاشتراك مع كورال مدرسة خالد بن الوليد |
د. حسان حلاق، أ.احمد قعبور، أ.طارق قاطرجي، تقديم: أ.اسيمة دمشقية |
7:30-9:00 |
محاضرة ألف باء أمراض الثدي |
د. ناجي الصغير |
التواقيع
2:00-4:00 |
حروف قلبي |
علي عبدالله |
جناح دار الجيل |
3:00-5:00 |
ناي |
الكاتب حسام فوزي سعيد |
دار الفارابي |
3:00-6:00 |
رواية لقاء المنعطف الأخير |
للكاتبة زينب علي صالح |
|
4:00-6:00 |
مراتب الموتى |
الكاتب فوزي ذبيان |
دار الفارابي |
5:00-7:00 |
حروب صغيرة لسلام كبير |
مروان ابي عاد |
مكتبة انطوان |
5:00-7:00 |
ألماسة السوداء |
هيفاء العرب |
مكتبة انطوان |
5:00-7:00 |
حب في كنف المعلم |
زياد شهاب الدين |
مكتبة انطوان |
5:00-7:00 |
توهج البصر بغياب البصيرة |
د. نضال الأميوني دكاش |
دار سائر المشرق |
5:00-8:00 |
الحلويات الشرقية والغربيةDO RE MI |
السيدة جورجيت شكري سابا |
مكتبة مالك |
5:00-8:00 |
ونسبح |
مدرب السباحة وسيم ناصر |
دار ومكتبة التراث الأدبي |
5:00-8:00 |
ريتا عسل |
جناح النادي الثقافي العربي |
|
5:00-8:00 |
علي دحروج |
جناح النادي الثقافي العربي |
|
5:00-8:00 |
هيثم قطب |
جناح النادي الثقافي العربي |
|
5:00-8:00 |
ربيع النابلسي |
جناح النادي الثقافي العربي |
|
6:00-7:30 |
ألف باء أمراض الثدي |
الدكتور ناجي الصغير |
دار العربية للعلوم ناشرون |
6:00-8:00 |
الشافيات |
عباس بيضون |
دار الساقي |
6:00-8:00 |
رواية انتظرقوس قزح |
الكاتب خضر سلامة |
دار الفارابي |
6:00-8:30 |
العلماء الشعية في لبنان |
الاستاذ محمد مروة |
دار الولاء لطباعة والنشر |
6:00-9:00 |
وديع حداد ثائر أم ارهابي |
بسام أبو شريف |
رياض الريس للكتب والنشر |
8:00 |
حكايات اثرية سورية من ذاكرة عدنان النبي وجرائيل سعادة |
د.ميشال المقدسي |
L’IFPO |