نازحون على امل… ريما يونس

محطات نيوز – من بعد الحراك الشعبي الذي اوصل سوريا الى حالة الحرب والدمار، وقتل من قتل، وهجّر من هجّر، وفاقت أعداد النازحين السوريين، سكان المناطق المجاورة، التي لم تحتمل كمّهم الهائل. ما أدّى الى تشعّبهم بطريقة عشوائيّة في المناطق اللبنانية، والتي انتجت ياسمينة وما أشبه.

هذه الياسمينة، التي حملت معها من سوريا أربعة أغصان يافعة، مجد ومحسن وعايدة ومحمد، حيث انفكوا عن داليتهم وتساقطو عنها قبل يباسهم.

فمما لا شك ان هناك ما يؤذي العين، وما يؤلم النفس، ويبقى حسرة في القلب، ان نجد الغصن الأكبر مجد، يهيم على وجه في الأزقة والشوارع، وينطلق في كل اتجاه وسبيل يمد يده يطلب ما يسد رمقه، ويرتم على الأرصفة في ثياب رثة وممزقة التي لا تستر ما تحتها، ويعيش هو واهله في بؤس وشقاء ولا يجدون راعياً يأخذ بيدهم.

تلك الياسمينة التي زيّنت درعا يوما من الايام، نزحت الى لبنان لتحظى بمن يحتضنها بعد أن فرّقها القدر هي من حولها في بلدها الأم. فهربت وأطفالها الأربعة بعدما اشتدّت المعارك بين المتقاتلين، وسرقا زوجها واخويها منها.

 عكار كانت محطّتها الاولى بعد النزوح، وكانت المأوى لأطفالها. بيت قرويّ بسيط، لعائلة على معرفة سابقة بها. ولكن ولفترة زمنية قليلة، اختلفوا فيما بينهم ، وكان القرار، في مواجهة مخاطر الحياة، اشرف، على اهانتها. فبكت، وقاست وتعبت، لحين وصولها بيروت، التي هي المحطة الثانية في النزوح.

بيروت الحاضنة للأكثرية، فتحت قلبها، والتاريخ يشهد، انها استقبلت ومازالت تستقبل الوافدين المهجرين، والنازحين على السواء من كل حدب وجنب.

فمن تحت جسر الكولا سجلت ياسمينة حضورها وانطلقت، من مسكنها الأول في بيروت، بلا بدل او ايجار، ولا مطالبة من احد،  كان ذلك الجسر يحميها من مطر بيروت وشمسها لفترة قليلة، حتى شاء القدر أن يعاندها من جديد، رغم ما لديها من تشرّد، فهجرّت ثانيةً من الكولا،  بحسب مطالبتها من قبل القوى الأمنية بالإخلاء.

آنذاك، وعادت الى ترحالها من الكولا، الحمراء،  كورنيش المزرعة، البسطة، شجرة مع فروعها، بات حلمها العثور على حوض لتمدّ به جذورها وتستقرّ، لتعيد تنمية ما ضعف منهم. فعادت تتسوّل بين المساجد والكنائس، وبين الأزقة والشوارع، لتطعم براعمها وفروعها التي جفت من كثر ما عانت وتنقلت.

وعادت الى محطتها الأخيرة الملجأ الأول وهوالأخير بمنطقة الكولا، بعيدة عن الجسر، التي استطاعت من خلال دوارانها، فلش جذورها بتربة خصبة تمكّنهاالحياة من جديد. فاختتمت رحلتها المكوكية، ناطورة مبنى في المنطقة المذكورة لتحتضن براعمها وترتاح في عملها الجديد.

ختاماً نرى كيف استفرد الحزن بياسمينة فلم يتركها، حيث استسلمت له بلا اختيار، وادمى قلبها بالألم، وبلا امل، فحمّلت قلبها فوق طاقته، وقتل البسمة على شفتيها، بفراق احبابها،  فقررت ان تودع امسها بكل ما فيه، لتستقبل غدها وتعيد صياغة حياتها من جديد، ولتستبدله على الغربة التي دمرتها، بالفرح والأمل.

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات