محطات نيوز – أقسم اثنان وثلاثون قاضيا جديدا اليمين القانونية أمام مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي جان فهد، وحضور رئيس معهد الدروس القضائية القاضي سامي منصور، مدير المعهد القاضي سهيل عبود، القاضيين المتقاعدين علي الحجار وامين بوناصر وهما أبوان لقضاة جدد، الى جانب ذوي القضاة.
بدأ الإحتفال الذي جرى ظهر اليوم في قاعة محكمة التمييز الكبرى، بالنشيد الوطني، فكلمة القاضي عبود الذي قدم القضاة الجدد وعرف بهم. وشدد على معاني القسم، داعيا القضاة الجدد إلى أن يكونوا “أحرارا مستقلين ونزيهين وغير مرتهنين لأحد، عالمين ومجتهدين، شجعانا غير هيابين او مترددين في إعلاء الحق، مؤتمنين على حماية الحريات وصون الحقوق وجريئين في قول الحقيقة”.
وختم: “إن وطننا لبنان بحاجة الينا لاستعادة ثقة فقدت منذ زمن ليس بقصير فيالمؤسسات فلنعمل معا على استعادتها والى إعادة رونق الى عدالة لا يحلو لها أن تكون باهتة”.
وكان مجلس القضاء الأعلى أعلن في قرار بتاريخ 27/8/2013 أهلية 32 قاضيا من بين القضاة الذين أتموا ثلاث سنوات تدرج في معهد الدروس القضائية نصفهم من السيدات. وتم تلاوة المرسوم الصادر عن رئيس الجمهورية لتعيين القضاة الجدد في ملاك القضاة العدليين بوظيفة قاض من الدرجة الأولى، وهم: طانيوس شربل الحايك، سهى عبد القادر فليفل، هبة مالك هاشم، جو الياس خليل، ستيفاني جوزيف الراسي، كريستيان طوني سلامة، ران امين الحاج، ريتا جورج حرو، احمد دريد مزهر، ستيفاني روبير صليبا، انجيلا نديم داغر، أيمن احمد احمد، نور عصام دحروج، نانسي نعيم القلعاني، حسين قاسم ابراهيم الحسيني، روا عبدالله الحاج، جورج جان سالم، هالة عادل ابي حيدر، زينب سمير رباب، فارس امين بو نصار، مايا غازي عويدات، سامر ميشال متى، رشا سمير رمضان الجرادي، فرح ابراهيم الضيقة، أماني علي فواز، جاد صبري الهاشم، سارة عصام عبدالله، وائل عثمان عبدالله، محمد سامي عبدالله، مسلم عقيل عبده، يولا مصطفى غطيمي ووسام علي الحجار.
فهد
وبعد أداء القسم، كانت كلمة رئيس مجلس القضاء الأعلى قال فيها: “إنه يوم فرح أن تنضموا اليوم إلى ملاك القضاء الأصيل، فأهلا وسهلا بكم، دما جديدا يدب في جسم العدالة فيبعث فيه الأمل بمستقبل زاهر.
قلنا سابقا وسوف نبقى نقول: إن من ولي رتبة القضاء فقد ولي شرفا عظيما لا يرقى إليه أي شرف، وحمل حملا جسيما لا يوازيه أي حمل؛ أما الحمل فيتمثل في أنه تم اختيارنا لنحكم بين الناس، ولنثبت باسم الشعب اللبناني عماد دولة العدل، ونرفع لواء حكم القانون؛ أما الشرف فقد منحناه، ويبقى أن نحافظ عليه، فيرافقنا طيلة حياتنا، ويكسبنا احتراما وهيبة وتقديرا، فنرضى عن أنفسنا في الدنيا، ويرضى عنا ربنا في الآخرة، ونضحي بسمعتنا الطيبة، وسيرتنا العطرة، مصدر فخر وفرح لعائلاتنا وأولادنا بل وحتى لأحفادنا، ولكن بشرط أن نأخذ العبرة من تجربة غيرنا، وأن يكون لنا في الكبار الكبار منا أسوة حسنة”.
اضاف: “اعلموا أنكم تنضمون إلى الركب في وقت نسعى فيه بعناد، على الرغم من كل الظروف، إلى متابعة المسيرة نحو قضاء متألق، متميز بالمناقبية العالية. إن كان ثمة هوة بين الواقع والمرتجى، بين ما نرغب في تحقيقه وما هو متاح، فإننا ملتزمون الاستمرار في السعي وعازمون على العطاء بلا حدود. القاضي صاحب رسالة ولا يمكن له أن يفيها حقها إلا إذا كان مشغوفا بها راهنا العمر في سبيلها، ساعيا على الدوام للارتقاء إلى مستوى مقتضياتها. فالقضاء ليس بمهنة، وإنما هو “دعوة” و”رسالة”؛ إنه توق إلى المطلق وعشق للحق وانبهار بجمال العدالة وطهرها ونقائها، فخوضوا غماره بفرح وحرية مسؤولة وروح خدمة نقية”.
وتابع: “تحفظوا، ولا سيما عن الخوض في مسائل تمس بحيادكم وتنزلكم عن ترفعكم وتهز صورتكم في أنكم قضاة لكل الناس، لا لطرف أو مع طرف.
دربوا أنفسكم على أن تبقى حرة مما يعتري مجتمعنا من أمراض، إذ لن تصبحوا قضاة قضاة الا اذا تحررتم من كل عصبية وتحصنتم بالتجرد والحيادية وابتعدتم عن كل “عجرفة وأبهة باطلة وحب ظهور”. كونوا من “الذين يمشون على الأرض هونا” كما تقول الآية الكريمة، أي بسكينة ووقار من غير تجبر ولا استكبار.
إجعلوا التواضع العلمي من جملة سماتكم وميزاتكم، ولتبق هذه السمة زينتكم في إحقاق الحق وإقامة العدل، فلا تتبدل مهما علت بكم المناصب أو حققتم من النجاح؛ فهي الضمان للتروي، وهي المنجي من شرور الغرور، وهي الدافع إلى الاستمرار على الدرب الذي لا مفر منه، ألا وهو درب الغرف المستمر من مناهل الثقافة والقانون والحكمة وحسن التصرف. إقرأوا في السياسة والأدب وعلمي النفس والاجتماع ووسعوا معارفكم لأن القاضي الأفضل هو القاضي المستمسك بالقيم، السالكة به ثقافته إلى مسالك الأفق الأوسع.
لا تخشوا في الحق لومة لائم، وضعوا نصب أعينكم أنه ليس ثمة من يخيف وإنما ثمة من يخاف، كما لا يركنن أحدكم لمادح أو يطرب لمديح بل فليقل لصاحبه بأن لا منة لنا إن أدينا واجبنا، أما بينه وبين نفسه فليقل ربي اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون”.
واردف فهد: “سوف تبدأون أعضاء في الغرف الابتدائية، بعضكم في بيروت وجبل لبنان، وبعضكم الآخر في محافظات أخرى، فخذوا في حسبانكم أن الغرفة الابتدائية هي مدرسة القاضي والمكان الأفضل لتمتين المراس وتعزيز المقدرة العملية، وأن عضوية غرفة في بيروت أو في جبل لبنان ليست بأهم من عضوية غرفة في محافظة أخرى، فلا يركنن أحد منكم لذلك الشعور الذي يشدنا إلى البقاء في “محيطنا” بين معارفنا ورفاقنا وأهلنا، واعلموا أن الخروج إلى بيئة أخرى يفسح في المجال أمامكم لاتساع الأفق ولشمولية الرؤية، ومن ثم لمزيد من النضج. فامضوا فرحين واطمئنوا، فمن تبعد به التشكيلات في بداية الطريق، سوف تقرب به بعد حين، والعكس صحيح.
إعلموا أن عضوية أحدكم في غرفة من تلك الغرف تجعله شريكا كاملا في المسؤولية عن إنتاجيتها كما ونوعا ولهذا قررنا أن يكون في الجدول الشهري خانة خاصة تبين مساهمة كل فرد من أفراد الهيئة تمهيدا للتنويه والإعلان وأيضا للحث والمساءلة. لستم “الرؤساء” الا عند ترؤسكم هيئة من الهيئات القضائية، فكونوا ودعاء، وابقوا كذلك حتى بعد تعيينكم في سدة من سدات الرئاسة، لأن القاضي الرئيس ليس رئيسا على أحد وإنما هو رئيس يحمل من مسؤوليات الخدمة ما يجعله رئيسا في خدمة الناس لا رئيسا عليهم، يحق الحق ويعلي كلمة العدل”.
وقال: “اعتنوا جميعا بهندامكم ومنطقكم فهما من لزوميات المهابة، وانتبهوا إلى كل صغيرة وكبيرة من تصرفاتكم، فأنتم سوف تتولون الحكم بين الناس باسم الشعب اللبناني؛ وإن في هذه المسؤولية من الشأن الخطير والأمانة العظمى ما يجعلها، على ما جاء في كلمة لفخامة رئيس الجمهورية، “ثقة لا تجارى ونعمة وارفة فاقت كل النعم”. فليبق هذا حاضرا أبدا في وجدانكم وحسبانكم وحذار من الاستخفاف به أو الذهول عنه.
نحن نسعى جاهدين لكي نكون سلطة قضائية، نوفي واجباتنا الدستورية في التفاعل مع سائر السلطات، وهذا واجب دستوري، وإن للقضاء مصلحة في تأديته على وجه حسن، فالسلطات الدستورية تتفاعل فيما بينها لما فيه مصلحة الشعب والوطن، ولكن حذار أن تسول لكم النفس أن تحابوا أحدا على حساب واجباتكم القضائية.
إجعلوا مضمون القسم القضائي، اليمين التي حلفتموها اليوم، حاضرة أبدا نصب أعينكم واعكسوا في تصرفكم ومظهركم، وحياتكم المهنية والخاصة، تصرفا ينطبق على تصرف القاضي المتحفظ الصادق والشريف. وكونوا صورة القاضي الرمز، المملوء حنوا وعلما وتفانيا وكبر نفس على مثال كبارنا العظماء”.
وختم: “أخيرا أذكركم بأن القضاء هو وحده قضيتنا، وأن الوطن يعول علينا الكثير فنحن الموئل والملاذ، ولا سيما في هذه الظروف الصعبة، وأنه إذا ما كان ثمة مواطن تراخ أو وهن في جسد الدولة فإن هذا لا يبرر على الإطلاق أن يكون ثمة تراخ أو وهن أو انكفاء على مستوى العمل القضائي، بل على العكس فإن الأوضاع الصعبة هي التي تحتم علينا الاستنفار والنهوض والتعملق من أجل مواجهة الصعاب.
إنطلقوا يا إخوتي وأخواتي بسلام متمنيا لكم أن توفقوا إلى ما فيه مرضاة الله وخدمة الناس وصون الوطن”.