رادار نيوز-
شكلت ذكرى 13 تشرين محطة « فشة خلق» لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بعد فترة وجيزة من الصمت، فكان خطابه يوم الثلاثاء بمثابة القصف لكل الجبهات السياسية من دون ان يرحم احداً، اذ جمع الحلفاء السابقين عبر بعض «اللطشات» مع الحلفاء الحاليين، وما اقلهم نسبة الى الخصوم، فوضعهم في رزمة واحدة مُطلقاً في إتجاههم السهام والشظايا، فضرب مجموعة عصافير بحجر واحد، ليوصل الرسائل السياسية دفعة واحدة، على غرار ما قام به خلال إحياء الذكرى عينها العام الماضي من منطقة الحدت، ونستذكر ما قاله حينها عن النهر الذي سيجرف الجميع،» نحن كتيار وطني حر كالماء نُجرفكم في لحظة لا تتوقّعونها»، عندها تفاقمت اعداد خصوم باسيل، ليكرّر المشهد هذا العام ايضاً، لكن إنطلاقاً من الملف الحكومي ودستور الطائف والصلاحيات والاعراف والى ما هنالك.
رئيس «التيار» أراد ضبط الوضع مع الجميع، والدفاع عن نفسه وتياره ضد كل الهجومات، التي تطوّقه من كل حدب وصوب، لذا لم يستثن احداً، فكانت لطشاته موّجهة بصورة خاصة، الى رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، الذي يتحضّر لدخول السراي، لكن باسيل أفهمه ان ذلك الدخول صعب جداً وبالنبرة العالية: «من يريد أن يرأس حكومة اختصاصيين يجب أن يكون هو الإختصاصي الاول، او يزيح لاختصاصي، ومن يريد ترؤس حكومة سياسيين، فحقه ان يفكر اذا كان هو السياسي الاول، ومن يحب ان يخلط بين الإثنين، بدو يعرف يعمل الخلطة، بس بلا تذاكي وعراضات اعلامية».
كما وجّه باسيل رسائل الى المعرقلين بالتشكيلة، منتقداً إضاعة الوقت وفرض الشروط والإنقضاض على الدستور، باختراع صلاحيات وأعراف جديدة، ولم يوّفر ايضاً رئيس حزب القوات سمير جعجع ، متهماً إياه بوضع اليد على مجتمعنا بالقوة، قائلاً :«جرّب قدّ ما بدّك ما في مشكلة بس بالقوّة ممنوع».
انطلاقاً من هنا علّقت مصادر سياسية مطلعة على كواليس الملف الحكومي، بأنّ باسيل على حق من ناحية رفضه لترؤس الحريري حكومة اختصاصيين، في حين انه غير اختصاصي ورئيس كتلة وتيار سياسي، لذا لا يحق له الاصرار على مطلبه، لان ترؤس هكذ نوع من الحكومات يفرض رئيساً مستقلاً لها.
وانتقدت من جهة اخرى كلام باسيل عن العرقلة في التأليف، لانه تناسى عرقلته لهذه العملية مراراً ولأشهر عديدة، بسبب التناحر على الحقائب الدسمة، تحت شعار حقوق المسيحيين، في حين انه كان يقرّر الشاردة والواردة عن كل فريق ضمن الحكومة، ويُحدّد له الحقيبة التي سيتوّلاها ضارباً بعرض الحائط عدد كتلته النيابية، والتي ادت الى خلافات مع الجميع، خصوصاً مع القوات اللبنانية التي حدّد لها عدد وزرائها بنسبة اقل، مما تستحق نظراً لعدد نوابها في المجلس.
ورأت المصادر المذكورة بأنّ ما يجري لا يبشّر بالخير، لانّ الرئيس الحريري لن ينتظر الى ما بعد اليوم الخميس، وسوف يحدّد موقفه في الساعات القليلة المقبلة، بناء على نتائج جولة وفد نواب المستقبل على الكتل النيابية، اذ انّ قرار كتلتيّ التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية واضح بعدم تأييده، وكذلك موقف الرئيس ميشال عون المتحفظ عن ترؤس الحريري حكومة اختصاصيين، معتبرة بأنّ مواقف باسيل الهجومية تشير الى إمكانية عودة الملف الحكومي الى نقطة الصفر، والأخطر تجميد المبادرة الفرنسية التي تعتبر الفرصة الأخيرة للبنان.
ولفتت المصادر عينها الى انّ طبخة سياسية بمثابة اتفاق ثلاثي بين الحريري والثنائي الشيعي، مبنيّ على تركيبة حكومية من اختصاصيين ، يشارك الافرقاء الثلاثة ضمنها في إختيار وزرائهم، على ان تبقى حقيبة المال مع الثنائي لكن لشخصية غير حزبية. كاشفة بأن رئيس الجمهورية ورئيس «التيار» كانا بأجواء هذا الاتفاق ، وطُلب منهما المشاركة، لكن باسيل بصورة خاصة اختار المواجهة رفضاً لهذه الطبخة، لانه لن يتراجع عن رأيه بخصوص تشكيلة حكومية من اختصاصيين تشمل الرئيس والوزراء، وإلا سيضع شروطاً جديدة، وهذا يعني انّ الملف يشوبه الحذر الشديد، وهنا الصعوبة في إعاة البحث عمَن يقبل بهذه المهمة الشاقة جداً، وعندها لا حكومة بل تأجيل ستكون عواقبه وخيمة جداً.