ماراثون بيروت يعود افتراضياً في ديسمبر

محطات نيوز- على مدى 17 سنة زرع ماراثون بيروت الفرح في قلوب اللبنانيين وحول تشرينهم الى مهرجان حافل بالحياة والحماسة والمرح. لم يكن الماراثون يوماً مجرد حدث رياضي يركض فيه عداؤون محترفون، بل كان الوجه المشرق لبيروت ولثقافة الحياة فيها وتجسيداً لما يحلم به اللبنانيون من موقع لوطنهم على خريطة الأحداث العالمية المشرّفة. منذ سنتين غاب الماراثون وغابت معه صورة لبنان الجميلة ودوره الريادي لكن شعلة السباق، وإن خبت، لم تنطفئ وها هو يعود اليوم بشكل افتراضي ليواصل دوره الرياضي والإنساني.

لقد استطاع ماراثون بيروت أن يطلق دينامية لافتة على صعيد تنظيم الحدث الرياضي الاحترافي في لبنان وأبعاده المختلفة وطنياً وإقتصادياً وسياحياً وبيئياً، وأن يؤكّد حضور لبنان على الخريطة الدولية للأحداث الرياضية البارزة. واستطاع بسنوات قليلة أن يبرز الصورة الحضارية للعاصمة بيروت ويجعلها واحدة من أبرز العواصم مثل نظيراتها في العالم، باريس، لندن، برلين، طوكيو ونيويورك وغيرها من العواصم التي تنظّم ماراثونات سنوياً. خلف هذه الإنجازات تقف سيدة ذات إرادة حديدية لا تتراجع أمام الصعاب هي السيدة مي الخليل، ومعها جمعية بيروت ماراثون التي اثبتت قدرة القطاع الخاص وفاعليته في تحقيق إنجازات تعجز عنها الدولة.

على المستوى المحلي لعب بيروت ماراثون دوراً يتخطى البعد الرياضي، وأكثر ما تفخر به السيدة مي الخليل أن هذا الحدث تمكّن من كسر الحواجز المناطقية وترسيخ الوحدة الوطنية، بعد كل ما ألمّ بها من تشظٍ إثر الحرب في لبنان، وتحوّل يوم السباق إلى تظاهرة وطنية قلّما يشهد لبنان مثيلات لها ورسالة إلى كل العالم بأن هذا الوطن قادر على الدوام أن ينهض مثل “طائر الفينيق”.

واليوم في خضم الركود الاقتصادي القاتل الذي يعيشه لبنان، ما أحوجه الى محرك فعال لدورته الاقتصادية كالماراثون، فقد شكل الحدث الماراثوني رافداً للدورة الإقتصادية، وبحسب دراسة إحصائية لشركة دولية فإنّ ماراثون بيروت حقق عام 2018 مبلغ 1،85 مليون دولار توزّعت على قطاعات مختلفة، وكان وراء تنشيط هذه القطاعات من خلال نفقات تنظيم السباق والتي تتجاوز مبلغ مليون دولار أميركي. ومن جهة اخرى ساهم الوافدون من العدائين والعداءات العرب والأجانب بتحريك القطاعين السياحي والفندقي، وتكفي الأشارة هنا، وفق ما تقول السيدة خليل، إلى أنّ عدد هؤلاء بلغ حوالى 4 آلاف عداء وعداءة إضافة إلى المشاركين اللبنانيين واللبنانيات، الذين انفقوا جميعهم مبالغ لا بأس بها على احتياجات مختلفة ساهمت في دفع حركة الأسواق.

نسأل سيدة المارثون: بغياب هذا الحدث الرياضي لا شك ان الخسائر المادية والمعنوية كبيرة بالنسبة لجمعية بيروت ماراثون وفريق عملها وبالنسبة للرعاة، فهل تلقيتم أي تعويضات او مساعدات من قبل الوزارات المختصة او بلدية بيروت؟

بحسرة تؤكد السيدة الخليل أن ماراثون بيروت من الأحداث الرياضية التي يتطلّب تنظيمها ميزانيات مالية كبيرة تتم تغطيتها من العقود الرعائية مع العديد من المؤسسات المصرفية والتجارية، لأن هذا الحدث يقام وفق مواصفات وشروط إحترافية تؤكّد عليها لوائح المسابقات في الإتحاد الدولي لألعاب القوى، وقد كانت هناك مبادرات دعم من بلدية بيروت ومن وزارة الشباب والرياضة، لكن دعم الوزارة توقف منذ أكثر من 4 سنوات ومساعدة بلدية بيروت لا تشكّل إلا نسبة مئوية قليلة من إجمالي الميزانية المطلوبة لتنظيم السباق. ومن هنا كان تعويلنا بالدرجة الأولى على الرعاية التجارية مع الإشارة إلى مساعدات مالية تقدّم من أصدقاء وصديقات الماراثون، وأعضاء مجلس أمناء جمعية بيروت ماراثون.

ورشة تنظيم ماراثون بيروت كبيرة وتتطلّب مبالغ كبيرة وجهوداً من فريق عمل يتجاوز بضعة آلاف، ويمتدّ الإعداد والتحضير له على مدار العام لأن هناك الكثير من التفاصيل التنظيمية، إضافة الى نشاطات كانت الجمعية تقيمها في العام نفسه مثل سباق السيدات وسباق الشباب، إلى جانب البرامج التدريبية للعدائين والعداءات بمن فيهم فئة القدرات الخاصة.

وتتابع السيدة مي الخليل قائلة: “جاءت الأزمات المتراكمة من وباء كورونا الى الأزمة الاقتصادية لتزيد الوضع سوءاً على ماراثون بيروت، الذي كان قد توقف قبل إنتشار الوباء بفترة قصيرة نتيجة التطورات السياسية والأمنية المواكبة للحراك الشعبي ما ترك تداعيات دراماتيكية، ولاحت الأزمة المالية النقدية بأبشع صورها ما دفع بنا بكل اسف لإقفال مكاتب الجمعية وصرف جميع الموظفين والموظفات، الذين كانوا يشكلون فريق العمل وقد أعطيت لهم جميع حقوقهم حسب قانون العمل”. ردة الفعل الرسمية هذه باتت معروفة مع كل صدمة يتلقاها لبنان ولكن ماذا عن الجهات الدولية هل تفاعلت مع بيروت ماراثون بعد انفجار المرفأ؟ وهل كانت أحن على الرياضيين اللبنانيين ومنظمي الماراثون من دولتهم؟

للحقيقة تؤكد السيدة الخليل لم نتلق أي مساعدات مالية أو عينية من مؤسسات خارجية، على الرغم من أن التواصل قائم مع هذه الجهات ومن بينها الإتحاد الدولي لألعاب القوى واللجان المنظمة للماراثونات في العالم حيث لدينا مع بعضها إتفاقيات تعاون، ما تلقيناه هو العديد من رسائل التعاطف والدعم المعنوي واللوجستي خصوصاً في السباق الإفتراضي الدولي الأخير.

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات