المقاربة القانونية لكلمة الرئيس نبيه بري في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه./ د. خضر ياسين

تضمنت الكلمة التي ألقاها أمس رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر مجموعة من القضايا القانونية والمواقف السياسية تجاه العديد من القضايا والملفات على المستويين الداخلي والخارجي، ومن هذا المنطلق تطرق الرئيس نبيه بري إلى مواضيع قانونية هامة لا بد من تسليط الضوء عليها نظرآ لمضامينها الدستورية والقانونية والحقوقية عامة.

أولى هذه المواضيع القانونية، العودة إلى قواعد القانون الدولي وأحكام المسؤولية الدولية لناحية ارتكاب (النظام) الليبي السابق فعلآ غير مشروع على المستوى الدولي، والمتمثل بخطف الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، مما يرتب المسؤولية الدولية عن ارتكاب هذا الفعل الذي تناولته العديد من الإتفاقيات الدولية ذات الصلة.وبالتالي تحميل الدولة الليبية المسؤولية عن عدم تعاونها مع القضاء اللبناني لجهة كشف مصير هذه القضية الإنسانية/الوطنية.

ثانيا: الدعوة إلى الحوار والتوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، إذ أن هذا الأمر يستحيل تحققه من دون توافق أغلب الاطراف السياسية الممثلة في البرلمان اللبناني، فالتوافق في هذا الموضوع هو امتداد للديمقراطية التوافقية التي يقوم عليها النظام السياسي والدستوري في لبنان، والتي كرستها المادة ٦٥ من الدستور اللبناني حيث نصت على أن مجلس الوزراء يتخذ قراراته توافقيآ وإذا تعذر فبالتصويت.أما فيما يخص عملية انتخاب رئيس الجمهورية هي ايضا تحتاج الى توافق ثلثي عدد النواب بالحد الأدنى، وهذا يتطلب توافق عدد هام من الكتل النيابية لتأمينه كنصاب حضور وتصويت، كما أن دعوة الرئيس بري للحوار وعقد جلسة مخصصة لإنتخاب رئيس للجمهورية هي تكريس لصلاحيته الدستورية الواردة في المادة ٧٣ من الدستور التي تتحدث عن اجتماع المجلس النيابي بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد.

ثالثا: التأكيد على حق السلطة التشريعية بالتشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال، فالسلطة التشريعية هي أم السلطات وفي حال كان خلل او فراغ في سلطة ما، فإن هذا الخلل يجب ان لا يمتد الى بقية السلطات. وهنا نذكر أن هيئة التشريع والاستشارات سبق لها ان افتت برأيها بتاريخ ٢٠٠٥/٧/٧ بصحة التشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال حيث قالت، (ان المجلس النيابي بمجرد انعقاده يكون متمتعا بصلاحياته كاملة غير منقوصة، ويبقى محتفظآ بكامل صلاحياته للتشريع بمجرد انعقاده حكما بصورة استثنائية عند اعتبار الحكومة مستقيلة وذلك سدآ لأي فراغ).

رابعآ: رفض كل الدعوات والطروحات الداعية إلى تطبيق النظام الفدرالي على مستوى الدولة اللبنانية، وهذا الرفض هو تكريس واحترام وحرص من قبل دولة الرئيس بري للفقرة (ط) من مقدمة الدستور اللبناني التي تنص على أن أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين، فلا فرز للشعب على اساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.

خامسآ: الإشارة إلى مسألة استخراج الثروة النفطية والغازية بناء على التطورات التي استجدت فيما يتعلق بالبلوك رقم (٩)، فهذه الثروات هي حقوق سيادية للدولة اللبنانية ولها الحق الكامل باستخراجها والإستفادة منها، حيث ورد في المادة (٥٦) من اتفاقية قانون البحار لعام ١٩٨٢ أن للدولة حقوق سيادية لناحية استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية للمياه التي تعلو قاع البحر، ولقاع البحر وباطن أرضه، وحفظ هذه الموارد وادارتها، كذلك فيما يتعلق بالانشطة الأخرى للإستكشاف والاستغلال الاقتصاديين، كإنتاج الطاقة من المياه والتيارات والرياح.

سادسآ: تضمنت كلمة الرئيس بري الحديث عن الحدود البرية وحق المقاومة المشروع بالدفاع عن الأرض، وبالتالي التأكيد الدائم والمستمر على لبنانية مزارع شبعا وغيرها من الأراضي اللبنانية المحتلة، ولذلك نقول فيما يخص الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، أن هذه الحدود تم ترسيمها بشكل نهائي من قبل لجنة بوليه/نيوكومب التي بدأت أعمالها في العام ١٩٢٠ وأقرت الترسيم بشكل نهائي بتاريخ ١٩٢٣/٣/٧ وأودع محضر الترسيم لدى عصبة الأمم بتاريخ ١٩٢٤/٢/٦، مما يعني أن خط الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة هو خط معترف به دوليآ، وبالتالي أن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة التي أقرتها اتفاقية بوليه/نيوكومب هي ثابتة غير قابلة للجدال.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إضغط هنا

أحدث المقالات