محطات نيوز – استقبل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل نظيرته الايطالية فيديريكا موغيريني، في قصر بسترس، يرافقها السفير الايطالي جوزيبي مورابيتو ووفد ديبلوماسي مرافق.
بعد خلوة بين الوزيرين دامت حوالي 20 دقيقة، عقدت جلسة محادثات حضرها عن الجانب اللبناني الامين العام للوزارة السفير وفيق رحيمي، مدير الشؤون السياسية السفير شربل وهبه ومديرة المراسم السفيرة ميرا ضاهر.
وبعد اللقاء عقد الوزيران مؤتمرا صحافيا استهله باسيل بالقول: “ان لقاءنا ينعقد قبل ايام قليلة من المؤتمر الدولي في 17 من الجاري، حيث تشارك 40 دولة اضافة الى الاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية، وذلك من اجل توفير الدعم للجيش اللبناني، ونحن نتوجه بالشكر الى ايطاليا لجهودها المبذولة في هذا الإطار. وأود ان اعبر لمعالي الوزيرة عن تقدير لبنان للدور الذي تقوم بها ايطاليا في هذا الإطار. واغتنم هذا الفرصة وأشدد على حرص لبنان على وجود القوات الايطالية في جنوب لبنان والتزامنا بالقرارات الدولية لا سيما القرار 1701. ان قوات اليونيفيل تساهم في تأمين الاستقرار على الحدود الجنوبية على الرغم من الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على ارضنا. فهناك اكثر من 100 خرق للسيادة اللبنانية شهريا، نقوم بإحصائها، وترفع بشأنها الشكاوى دوريا الى مجلس الامن والأمم المتحدة، وهذا الموقف من اسرائيل بات عادة سيئة وانتهاكا فاضحا لسيادتنا وللقانون الدولي، وكل ذلك على الرغم من ان لبنان لم يباشر باي اعتداء. ومؤخرا، الانتهاكات الاسرائيلية باتت اكثر فظاعة. ان هذا التعنت يدفعنا الى طرح الاسئلة التالية على شركائنا الدوليين: كيف يمكن للأسرة الدولية الا يكون دورها محدودا فقط في تعداد الانتهاكات الاسرائيلية ووضع جردة فيها، وكيف يمكن ان نضع حدا نهائيا لهذه الانتهاكات غير المبررة. وفي ظل عجز الاسرة الدولية المزمن عن وقف الاعتداءات، على الحكومة اللبنانية ان تسعى من جهتها لوضع استراتيجية دفاع وطنية، وذلك من اجل حماية أراضيها ومواردها الطبيعية (المائية والغاز) من الشراهة الاسرائيلية. وفي هذه الروحية، ان القوات المسلحة اللبنانية منخرطة بحوار استراتيجي مع اليونيفيل من اجل تحديد حاجات عديدها وتفعيل السبل الآيلة لتقديم المساعدة”.
وتابع: “ان محاور التعاون مع ايطاليا متعددة، لا سيما منها دعم القوات المسلحة اللبنانية ضد الارهاب من اجل الحفاظ على السلام في لبنان، ونحن نرى في هذا الحوار الاستراتيجي فرصة لكي يعبر شركاؤنا عن تمسكهم بالاستقرار في لبنان، والإعلانات السياسية مهمة وضرورية لكنها يجب ان تترجم عمليا من اجل ان تقدم لقواتنا المسلحة السبل الضرورية والملموسة لكي تضمن فعليا على الارض هذا الاستقرار، ولمواجهة العناصر المحلية والأجنبية التي تثير الاضطرابات في لبنان أكانت نتيجة التصرفات العدائية لدولة اسرائيل، او بفعل المجموعات الإرهابية كتلك التي تتسلل من سوريا”.
ورأى باسيل ان “ضمان الاستقرار في لبنان يتطلب تقديم الدعم الضروري للجيش اللبناني من خلال تسليحه وتوفير الذخائر وتعزيز قدراته التقنية واللوجستية. وفي هذا الإطار، ان ايطاليا ولبنان قد وجها دعوة الى اللقاء في 17 من الجاري، حول نفس الطاولة، وجمع الرغبات والإرادات الدولية التي يمكن ان تستجيب لهذه الأمور”.
وقال: “لا بد من التعاون من اجل إيجاد حل سياسي في سوريا. ان ايطاليا تتمتع بقدرة واضحة تسمح بإعلاء الحوار على العنف، وهي تعرف حدود تسوية النزاعات المرتكزة على الأمور العسكرية. علما ان الجهود العسكرية برهنت بأنها محدودة لحل الازمة في سوريا. لكننا نحن اللبنانيين اول من يتأثر بحل سياسي للنزاع في سوريا من خلال دعم شركائنا الدوليين، لا سيما ايطاليا. ونحن نتعرض مباشرة لعواقب هذا الازمة، فان امن اراضينا مزعزع، واستقرارنا معرض للخطر، اضافة الى ان التدفق المستمر للنازحين السوريين يعرقل الاستقرار الهش لمجتمعنا. واستنادا الى هذا البيان، فإننا نعتبر بان التطورات الاخيرة للوضع السياسي في سوريا اضافة الى التطورات المرتبطة بالنزاع على الارض، يجب ان تدفع الجهات المعنية الى نشاط ديبلوماسي فعال وخلاق للوصول الى حوار صادق بين الجهات المعنية بالنزاع. وهذا الحوار يجب ان يفضل الرغبة في الوحدة على الانقسام الذي يأتي نتيجة تدخل الجهات الأجنبية، ويؤدي بسوريا الى المزيد من الدمار”.
اضاف: “بالنسبة الى التعاون الثنائي الاقتصادي، فهو صلب بين البلدين وفي تطور مستمر، ويترجم على المستوى الاقتصادي من خلال مشروع التنمية الهيكلي والمستدام، وعلى سبيل المثال اذكر قطاعات الموارد المائية وتصريف المياه المبتذلة وتنقيتها ومعالجتها. وهذا يفتح المجال للمزيد من التعاون بين بلداننا وشركات القطاع الخاص، وذلك لكي نلتزم معا في إطار اعادة الاعمار من اجل ان نتوصل الى الازدهار والتطور بدلا عن الدمار والإرهاب والعنف الموجود حاليا، والذي، من دون تدخل سريع، يمكن ان ينتقل ليس فقط الى لبنان، بل أيضا الى دول الجوار، لا سيما الدول الأوروبية”.
بدروها تحدثت وزيرة الخارجية الايطالية، فقالت: “كان لقاء في غاية الأهمية للاستعداد للمؤتمر الدولي الذي سينعقد في روما في 17 من حزيران الجاري، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها الاسرة الدولية مع الامم المتحدة من اجل دعم القوات المسلحة اللبنانية. ونحن نعرف تماما في ايطاليا انه لا بد من دعم الجيش اللبناني اولا كونه مؤسسة وحدوية للبلد، ما يعطي الأمل والاستقرار في بلد يشهد صراعا على حدوده، وهو امر اولوي لليس فقط للمنطقة، بل للأسرة الدولية، فلا بد من الحرص على ان لا يكون لهذا الصراع تبعات امنية كبيرة على لبنان، علما بان لبنان يواجه صعوبات في هذا الإطار”.
أضافت “نحن ندعم أيضا الجهود المبذولة من اجل استضافة النازحين، ونحن نساهم في حوالي 50 مشروعا للتعاون بحوالي ال 150 مليون يورو، وانا اليوم سأزور هذه المشاريع. ونحن ندعم في مجالات عدة، ونسعى إلى مزيد من التعاون في هذا الإطار بين البلدين، لكننا نعلم تماما ان الدعم الدولي للجيش اللبناني مهم جدا، للأمن الداخلي والإقليمي والدولي، وذلك في مواجهة التحديات الماثلة امام لبنان”.
وقالت: “كما تحدثنا عن النزاع في سوريا، ونحن نقر بأنه لا بد من العمل على ثلاث مستويات:
اولا: العمل مع الدول الاخرى من اجل إلغاء الاسلحة الكيميائية، وقد شارفنا على نهاية هذا المحور، ونأمل ان يتم إنجاز هذا المشروع في الأسابيع المقبلة. كما ان إيطاليا تشارك في عملية نقل المواد على متن سفن.
ثانيا: اما النقطة الثانية التي نعمل عليها مع الامم المتحدة، لا سيما على مستوى المساعدة الانسانية، فلا بد للأسرة الدولية، ان تعمل بشكل ملحوظ من اجل تقديم المزيد من الدعم، ومساعدة هذه الأمة التي ضربها هذا الصراع، سواء سوريا، او الدول المجاورة بما فيها لبنان.
ثالثا: النقطة الثالثة هي على المستوى السياسي، لا بد، وهناك ضرورة حتمية، وهي اطلاق مشروع الحل السياسي للازمة الواقعة في سوريا، وإعادة اطلاق محتوى بيان جنيف وفهم كيفية اطلاق هذه العملية ومبادئها، وذلك في الوضع الحالي والأسابيع والأشهر المقبلة”.
وأكدت انه “لا يمكن سوى إيجاد حل سياسي للازمة السورية، وذلك على غرار الأزمات الاخرى الواقعة في المنطقة، وفي دول اخرى في أنحاء العالم”.
وختمت “نحن ننتظر قدومكم بعد أسبوعين الى روما، للمشاركة في المؤتمر الذي سيشكل نقطة قوة ليس فقط للبنان، بل للأسرة الدولية، وذلك من اجل القيام بالخطوة الاولى بالتزام عميق وقوي دعما للبنان”.
الاسئلة
وردا على سؤال حول إمكانية ان تستقبل ايطاليا أعدادا اكبر من النازحين السوريين، أجابت “لا يخفى عليكم، ان ايطاليا تستوعب عددا كبيرا من النازحين، الذين يأتون من ليبيا، وهم يعبرون البلاد، وهذا تحد كبير امام بلادنا. ونحن نبذل قصارى جهدنا من اجل تحسين طريقة دعمنا، ومساعدتنا للاجئين السوريين من خلال مشاريع التعاون، وايضا دعم المجتمعات المحلية المعنية بهذه الظاهرة، وباستضافة هؤلاء. ونحن ندرك تماما وجود التوترات الاجتماعية والمشاكل اللوجستية، ولذلك فان مشاريع التعاون تستهدف هذه النقاط”.
سئلت: ما هو موقف ايطاليا تجاه طرح الحكومة اللبنانية إقامة مخيمات للنازحين السوريين على الحدود اللبنانية السورية؟.
أجابت: “لقد تناولنا هذا الموضوع في هذا الصباح، وسوف ندرس هذا الاقتراح، وسنتواصل مع سلطات الامم المتحدة التي يجب ان تشارك في البداية باتخاذ هذا القرار”.
سئلت: كيف سيكون دعم الجيش اللبناني، من خلال تقديم مساعدات مادية، ام أسلحة وذخائر؟.
أجابت: “ان مؤتمر روما ستشارك فيه دول عدة، ليس فقط من المنطقة، اذ ستشارك المنظمات الدولية أيضا، وهو ليس مؤتمرا للجهات المانحة، ولديه اكثر من هدف:
اولا: إظهار الدعم السياسي الدولي للجيش اللبناني، كعلامة لوحدة البلاد، وكأداة لتأمين الاستقرار والأمن للبنان، كبلد مستقر في المنطقة.
ثانيا: تقديم ورقة طريق، وهي عملية ستتطور قريبا.
ثالثا: سيتم الحديث عن مشاريع ملموسة للتعاون العسكري، ويكون ذلك في إطار وزراء الدفاع، الذين سيحددون بالتفاصيل هذا المشروع، ولكن سيجري الحديث عن بعض المشاريع الملموسة، التي ستعرض في مؤتمر روما كمثال على هذه العملية ستجري في الأشهر المقبلة”.
بدوره، أوضح باسيل انه “يجب الا نتوقع ان يشهد هذا المؤتمر دعما ماليا مباشرا، هذا المؤتمر هو لتأكيد الدعم السياسي للبنان، وللاستقرار فيه، ولدعم المؤسسة العسكرية التي تكافح الارهاب. وهو أيضا مناسبة للدول المشاركة ان تحول دعمها السياسي الكلامي الى دعم فعلي من خلال المساعدات، ان كانت برامج للتدريب او تسليح او أشكال اخرى. وهناك مسؤولية على تلك الدول التي تطالب لبنان في كثير من الأحيان في كيفية ممارسته لسيادته على ارضه، ان تساهم في تحسين امكانياتنا”.
سئل: تقومون بجولات على الدول لشرح موقف لبنان والأزمة التي يعانيها من النزوح السوري، هل هناك من نتائج عملية؟.
اجاب: “اعتقد ان الحكومة اللبنانية للمرة الاولى تتخذ خطة سياسية واضحة بالنسبة لموضوع النزوح السوري. وبعد غياب لثلاث سنوات عن القرار والوضوح في الرؤية والإجراءات التي من المفترض ان تتخذ، لذلك مسؤوليتنا اولا ان نشرح هذا التغير، وأسبابه وما نتوقعه، كي نستطيع ان نحصل اولا على تفهم دولي، وثانيا على إيجاد دعم دولي لهذه الخطة، وثالثا والاهم، الحصول على مساعدة فعلية من اجل اعادة السوريين النازحين الى بلادهم عودة كريمة وآمنة”، مشيرا إلى أن “اي دعم مالي من اي دولة، يقدم لهؤلاء مباشرة، او الى الهيئات والمنظمات الدولية التي بدورها تقدم المال مباشرة للنازحين، يساهم في ازدياد الازمة وتفاقمها ولا يساعد لبنان”.