محطات نيوز – اختتم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي جولته على قرى وبلدات قضاء زغرتا والضنية مساء اليوم. وكانت المحطة الاخيرة له وصحبه في بلدة بسلوقيت في قضاء زغرتا.
ثم اقيم في كنيسة مار سركيس وباخوس في البلدة، قداس احتفالي، ترأسه الراعي وتحدث في بدايته خادم الرعية حنا مرحبا بالبطريرك وصحبه. وقال: “اننا اليوم معك نجدد الوعد والقول: “نعم لبطريرك القيم الروحية والإنسانية، لبطريرك الشركة والمحبة، نبادلك الحب بالحب، ونعبر لك عن وقوفنا إلى جانبك ليحقق الله فيك خلاص شعبه. نتضرع الى الرب يسوع ان يشد على يديك من اجل الحفاظ على رفعة الوطن ومناعته، بكل مقوماته، نقول ذلك ونحن نعلم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقكم وأهمها ان تعطي الكنيسة المارونية دورها ومكانتها في الشرق بأسره”.
وبعد الانجيل القى البطريرك الراعي عظة لمناسبة عيد مار سركيس وباخوس، قال فيها: “من هو الوكيل الأمين الحكيم؟” (متى 24: 45). “الوكيل الأمين الحكيم” هو كل شخص يمارس بالأمانة والحكمة مسؤوليته الشخصية تجاه نفسه وتجاه الاشخاص الموكولين إلى عنايته، أكان في العائلة، أم في الكنيسة، في المجتمع أم في الدولة. وكالة تعني ثلاثة: الموكل، الحق والواجب، والأشخاص الموكولين إلينا. يدعونا الرب يسوع لممارسة وكالتنا بأمانة وحكمة، فيوصي: “من هو الوكيل الأمين الحكيم؟” (متى24: 45)”.
أضاف: “يسعدنا أن نحتفل مع سيادة أخينا المطران جورج بو جوده راعي الأبرشية، ومعكم بهذه الليتورجيا الإلهية، لإحياء عيد القديسين الشهيدين سركيس وباخوس، شفيعي بسلوقيت العزيزة. فنحييكم ونحيي بنوع خاص كاهن الرعية، ونهنئكم بالعيد، ملتمسين من الله بشفاعتهما أن يفيض عليكم النعم والخيرات الروحية والزمنية، وأن يشفي مرضاكم، ويريح نفوس موتاكم في ملكوته السماوي، ويعزي الحزانى من بينكم. ونصلي من أجل أطفالكم وشبيبتكم راجين لهم النمو في الإيمان، مع مستقبل أفضل في الوطن اللبناني حيث يحقق كل واحد منهم مشروع حياته”.
تابع: “إننا بهذا الاحتفال نختتم الزيارة الراعوية، التي قمنا بها بدعوة عزيزة من سيادة أخينا المطران جورج. وقد بدأناها في الساعة الثامنة والنصف في رعية مار مارون – البحيرة. ثم زرنا تباعا كلا من رعية مار جرجس – بحويتا، ومار سركيس وباخوس – حرف مزياره، ومار سركيس وباخوس – أسلوت، ومار اسيا – تولا. ونذكر في ذبيحة القداس كل هذه الرعايا وأبناءها وبناتها، أينما وجدوا، مع الصلاة لراحة نفوس موتاهم.
ونود أن نشكر الله على تحقيق هذه الزيارة بسلام، وعلى ثمارها الروحية والخير الناتج عنها. ونشكركم ونشكر كل الرعايا التي زرناها على المحبة والسخاء وحسن الاستقبال، بل على كل التضحيات والجهود التي بذلت لإعدادها ولرفع الزينة واليافطات. أسأل الله أن يكافئ الجميع بغنى عطاياه”.
وقال: “إننا نرفع أنظارنا وعقولنا وقلوبنا إلى القديسين الشهيدين سركيس وباخوس اللذين اعتبرا عطية الإيمان بمثابة وكالة تسلماها من الله. فعاشاها بالأمانة والحكمة.
بالأمانة لله عاشا الإيمان اتحادا به عبر الصلاة وممارسة الأسرار. وشهدا له بالمثل الصالح في عائلتيهما ومجتمعهما. وبالحكمة عاشا مقتضيات الإيمان، فسلكا من دون لوم أمام الله والناس، حريصين على مرضاة الله في كل شيء، متجنبين كل إساءة له وللناس. انخرطا في الجيش الروماني، وتميزا بالشجاعة والأخلاقية، فأصبحا قائدين معروفين من الأمبراطور الروماني مكسيميانوس.
عاشا في زمن التيوقراطية الوثنية، إذ كان دين الدولة الوثنية. وفي أحد الاحتفالات الرسمية طلب منهما الأمبراطور تقديم البخور للآلهة الوثنية. فرفضا مجيبين أنهما مسيحيان. أمر بتعذيبهما فلم ينكرا الإيمان المسيحي، وثبتا صامدين حتى الاستشهاد. فقدما ذاتهما قربانا لله مع قربان ابنه الوحيد سنة 307.
لقد بلغت الأمانة والحكمة عندهما الذروة في المحافظة على إيمانهما، وبقبول الموت من أجل الشهادة”.
تابع: “انهما لنا نحن المسيحيين، في لبنان والشرق الأوسط، خير مثال وقدوة، لكي نصمد في هذه الأرض المشرقية من أجل أن ينتصر فيها إنجيل السلام والعدالة، إنجيل المحبة والحرية، إنجيل الحقيقة والوحدة، إنجيل الإخاء والتضامن. بهذه الثقافة الإنجيلية نستطيع أن نعيد الدور “للبنان الرسالة والنموذج”. فإنا مع شركائنا في الوطن مدعوون لتحمل مسؤوليتنا المشتركة الموكولة إلينا من شعبنا وتاريخنا وخبرتنا. وهي أن نعزز لبنان كمكان وفرصة للعيش معا على تنوعنا الديني والمذهبي والعرقي والثقافي، فنحميه ونعمل جاهدين على صونه من أن ينحرف إلى موقع للمواجهات والاضطرابات والصراعات الدينية والسياسية والمذهبية، وعلى تحييده من الانخراط في تحالفات ومحاور إقليمية ودولية”.
أضاف: “إنني شخصيا ازيد اقتناعا وإدراكا لأبعاد ما كتب الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني في الإرشاد الرسولي: “رجاء جديد للبنان”، حيث نقرأ: “أود أن أشدد، بالنسبة إلى مسيحيي لبنان، على ضرورة المحافظة على علاقاتهم التضامنية مع العالم العربي وتوطيدها. وأدعوهم إلى اعتبار إنتمائهم إلى الثقافة العربية، التي أسهموا فيها إسهاما كبيرا، موقعا مميزا لكي يقيموا هم وسائر مسيحيي البلدان العربية، حوارا صادقا وعميقا مع المسلمين. إن مسيحيي الشرق الأوسط ومسلميه مدعوون إلى أن يبنوا معا مستقبل عيش مشترك وتعاون، يهدف إلى تطوير شعوبهم تطويرا إنسانيا وأخلاقيا. وعلاوة على ذلك قد يساعد الحوار والتعاون بين مسيحيي لبنان ومسلميه على تحقيق الخطوة ذاتها في بلدان أخرى. (فقرة 93)”.
تابع: “من هذا المنطلق نقول أن “الربيع العربي الحقيقي” يمر عبر “ربيع لبنان”، ربيع الحوار والتعاون والمعالجة السلمية للخلافات والأزمات، لا عبر العنف والحرب والإرهاب. ولذا نطالب، بشدة وبإدانة، التباطؤ المقصود، الأفرقاء السياسيين في لبنان الذين يعرقلون تأليف حكومة جديدة، الإسراع في تأليفها بحيث تكون جامعة ومتساوية وقادرة، والتحلي بالتجرد من المصالح الفئوية والمذهبية؛ ونطالبهم بالتحرر من الجموح إلى شهوة النفوذ والاستكبار؛ وبالجلوس بروح المسؤولية الوطنية إلى طاولة الحوار لحل القضايا المصيرية العالقة. فلبنان بكيانه ومكوناته ورسالته ونموذجيته معطى لكل اللبنانيين بمثابة وكالة. فتعالوا بروح المسؤولية لنمارس هذه الوكالة بالأمانة لشعبنا الموكل وللواجب تجاهه وتجاه الوطن، وبالحكمة فلا ينحرف أحد منا، في التصرف والتعاطي، إلى ما هو مسيء لله وللشعب وللوطن”.
تابع: “ونناشد الأسرة الدولية، مع قداسة البابا فرنسيس، السماع لصوت الضمير، لا لصوت المصالح الاقتصادية والسياسية؛ والعمل الجدي على إيجاد حلول سلمية ودائمة للنزاع في سوريا، يكون منطلقا لمواجهة النزاعات الجارية في المنطقة، ولوضع حد لمأساة شعوبها”.
وختم: “فلنرفع صلاتنا إلى الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء سلطانة السلام وسيدة لبنان، وبشفاعة القديسين الشهيدين سركيس وباخوس، ملتمسين الصمود في الإيمان المسيحي والشهادة له في الشرق الذي على أرضه تجلى كل سر الله بالمسيح، لكي نعمل مع إخواننا في أوطاننا على بناء السلام العادل والشامل والدائم. ومعا نرفع نشيد المجد والتسبيح لإله السلام، الآب والابن والروح القدس، إلى الأبد، آمين”.
واقامت بلدة بسلوقيت عشاء على شرف الراعي ومدعويين، في قاعة الكنيسة في البلدة، تحدث خلال العشاء رئيس البلدية. وختمت الزيارة بكلمة لراعي الابرشية المطران جورج بو جوده الذي قال: “عظيم كان هذا النهار، وعظيمة كانت هذه الزيارة، لن تغيب ابدا عن البال، بل ستبقى محفورة في اذهان ابناء الرعايا التي تباركت بحضوركم وصلواتكم، ونحن واثقون من محبتكم الكبيرة لنا ولابناء هذه الابرشية، وما نظنكم ستبخلون عليها يوما بزيارات مماثلة، تباركون ارضنا وتجعلوننا نتشبث بها اكثر، لن تبخلوا علينا بزيارات تقوي ايمان الضعفاء منا وتجعلهم يثقون بانهم باقون في هذه الارض مع شركاء لهم يشهدون للمسيح”.
وكان الراعي قبيل اختتام جولته في بسلوقيت انتقل وصحبه من حرف مزيارة مباشرة الى كنيسة مار سركيس وباخوس في بلدة اسلوت، حيث كان في استقبالهم خادم الرعية الخوري مرسال نسطه، ومختار البلدة اميل بو منصور وجمهور المؤمنين في الرعية.
وبعد صلاة قصيرة داخل الكنيسة، القى خادم الرعية الخوري انطانيوس يزبك كلمة باسم الرعية، ثم قدم للبطريرك هدية للمناسبة، بعدها رد البطريرك بكلمة موجهة للرعية، وانتقل لتدشين قاعة مار سركيس وباخوس بجانب الكنيسة وازاحة الستارة عن اللوحة التذكارية.
وفي بلدة تولا في قضاء زغرتا، اقيمت صلاة في كنيسة مار اسيا في البلدة، ثم تحدث خادم الرعية الخوري مارون بشاره باسم الرعية، فاشار في كلمته الى “الزيارات الخارجية للبطريرك الراعي التي حمل فيها الى الرعايا المنتشرين هناك محبته الابوية وبركته”. ثم قدم للبطريرك هدية تذكارية عبارة عن “تاج”، ثم رد البطريرك شاكرا ابناء الرعية على استقبالهم.