محطات نيوز – إعتلوا المراكز تملّكوا القصور تجاشعوا، شبعوا من بعد جوع, وها هم يتعامون عن طالب حق من حقوق العيش بكرامة، عن زاحفٍ وراء فرصةٍ كأنّه يشحذ منهم اللقمة..
كم من بابٍ طَرق للبحث عن عمل وأُقفل في وجهه قبل أن يدنو منه ؟
وكم من الأشخاص شرعوا له الأبواب لتعلوا مخيلته بأحلامٍ تخطّت مساحة السماء؟ وفرشوا بالورود دروباً وبنوا من الرّمال قصوراً؟
كم أغدقوه بالوعود، ورجع خائباً مصدوماً، متكسراً على صخرة واقعٍ مريرٍ؟ حيت سقطت أمامه الأقنعة، ومن كان يراه المتطوّع الساعي المتفاني لخدمته ومساعدته، فجأة تحوّل الى ذئبٍ يَهم لإفتراسه, إنتهازيّ يبحث عما يسلبه إيّاه مما لا يملك…
لايريد مالاً، يريد عملاً.. لا يريد ثراءً ولا جاهاً، يريد مفتاحاً من مفاتيح النجاح، يريد لفتة نظر على موهبته، على طموحه, على حماسه ومثابرته لتحقيق ذاته ليصنع آفاقاً لمستقبله..
متى نلتفت الى شبابنا ونلقي النظرة على أوضاعهم نقترب من فكرهم، طريقة تفكيرهم وطموحاتهم, نظرتهم للحياة في خضم معاناتهم وتطلعاتهم للمستقبل رغم كل المعوّقات والتجاذبات من حولهم. فلو دخلنا عالمهم الافتراضي الذي أصبح ملجأهم الوحيد بعد أن خَبروا تلكؤ مجتمعهم ودولتهم وتعاميها عما يمتلكون من كفاءات ومؤهلات وقدرات, لوجدنا ثروة حقيقية, ولو أجدنا استثمارها لحققنا قفزة نوعية نحو النهضة الحقيقية.
من المؤسف أن نجد أصحاب الفكر والقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي والفنّي والثقافي والبيئي قد أفتقدوا ملكية التمييز بين مَنْ هو حقاً جدير بالإحترام والتقدير والاهتمام, ومَنْ هو دون المواصفات الأخلاقية والعلمية والثقافية والمقومات والأسس الحقيقية.
هذا هو الإنتحار الذاتي الذي يمارسه مجتمعنا حين يدعم أصحاب الشراهة للشهرة على حساب مَنْ يسعى لإبراز موهبته ومقدرته الحقّة، لنلقي الضوء سريعاً على مَنْ يتصدّر شاشات التلفاز والاذاعات حيث تتجلى حقيقة واحدة وهي بغائية الشجع المالي والجري وراء تحقيق أكبر قدر من الربح المادي، بدلاً من تقديم المفيد والإنتاج النظيف القيّم على الصعيد الانساني والاجتماعي، ضاربين بعرض الحائط ثقافة المسؤولية الإعلامية الإجتماعية.
ماهو الإبداع الذي يصدّرونه عبر الفضائيات؟ أين هو الإبداع العملي او الإقتصادي او الأدبي او الفني؟ أليس بالجدير أن يعطوه قسطاً ولو زهيداً من الإنفاق الذي يُهدر على التفاهات وعرض الاجساد وفنّ الإغراء؟…
وتبقى الخطوة الأهم لترميم ما هدّم هي الإلتفاتة النوعية الى مكنون شبابنا والى حماسهم وطاقاتهم لفتح سبل جديدة نحو نهضة حقيقية تساهم في خلق جيل من المبدعين الحقيقيين في جميع المجالات لرسم مستقبل أفضل يتطلعون اليه، مع ثقتهم المطلقة بتحويل الأحلام الى حقيقة…