كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية في جامعة الروح القدس احتفلت بمرور 65 عاماً على تأسيسها في مؤتمر عن “التجذّر أو قوة الحق”

محطات نيوز – احتفلت كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية في جامعة الروح القدس- الكسليك بمرور 65 عاماً على تأسيسها. فعقدت، بالتعاون مع المركز الأعلى للبحوث ومكتب نائب رئيس الجامعة للعلاقات الدولية الفرانكوفونية في الجامعة مؤتمراً دولياً بعنوان “التجذّر أو قوة الحق”، بحضور النائب البطريركي العام على نيابة صربا المارونية المطران بولس روحانا، ورئيس الجامعة الأب هادي محفوظ، وجمع من السفراء، وأمين عام اللجنة الوطنية لليونسكو في لبنان وعميدة الكلية البروفسور هدى نعمة، وأعضاء مجلس الجامعة، والعمداء السابقين للكلية وأساتذتها وإدارييها وأصدقائها والطلاب…

زلاقط

بدايةً، كانت كلمة ترحيب لرئيسة قسم علم النفس في الكلية، الدكتورة نادين زلاقط، اعتبرت فيها أنّ “هذا المؤتمر هو مساحة مهمة لتبادل الأفكار بين الاختصاصيين لتجديد مفهوم أبعاد التجذّر واللاتجذر في ضوء المعرفة والمهارات الحياتية”.

فياض

ثم ألقت رئيسة قسم الفلسفة ومختبر “صوفيا” البروفسور ماري فياض كلمة شدّدت فيها على “سعي منظمي المؤتمر والمحاضرين إلى معالجة مفهوم التجذّر خلال بداية القرن الواحد والعشرين والسؤال عن الإمكانيات التي يطرحها غياب المحافظة على الأرض، من الناحية الفلسفيّة والقانونيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والأخلاقيّة، والسماح للإنسان بأن يستعيد هذا الرابط الأساسي الذي يجمعه مع جوهر أرضه”.

وأضافت: “قوة الحقّ هي مرافعة ضد الظلم. وها نحن اليوم ندقّ ناقوس الخطر في وجه هذا الاستغلال المفرط المزدوج الذي يمارسه، إنسان ضدّ إنسان آخر، من جهة، وإنسان ضد أرضه، أي ضد عالم الكائنات الحيّة بكامله، من جهة أخرى. إننا ندقّ ناقوس الخطر ليس في وجه اللاتجذر فحسب، بل في وجه تهديد زوال عالم الأرض”.

الأب حبيقة

وألقى نائب رئيس الجامعة للعلاقات الدولية الفرنكوفونية، والعميد السابق للكليّة، الأب البروفسور جورج حبيقة، مداخلة حول جدلية العولمة والتجذّر مشدداً على مدى التغيير الذي أحدثته الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر في منظومة الروابط العائلية والاجتماعية، مبيّنا التداعيات السلبية المباشرة على مفهوم التجذّر في الجغرافية والتاريخ. الأمر الذي أحدث تضعضعاً خطيراً في مقوّمات الهوية.

وقال: “وأتت العولمة الجامحة الحالية لتخرج الإنسان من معادلته الكيانية الطبيعية وتعتقله في دائرة الحركة الإنتاجية والتسويقية وحسب. فلم يعد المرء ينتمي إلا إلى عمله في أي بقعة من الأرض. بيد أن هذه البداوة الحديثة التي يقيم فيها إنسان اليوم، يعتقد الأب حبيقة، لن تقوى على محو الذاكرة واقتلاع الإنسان من جذوره الأساسية المكوّنة للأنا، ورميه في مساحات الألْينة (aliénation). ومصداقاً على ذلك، لن نجد أبلغ من كلام البابا بولس الثاني، في زيارته الثالثة لبلده الأم بولندا سنة 1987، حيث قال: “إنّ كلّ بقعة حيث تكون بولندا، وكلّ شيء يُدعى بولندياً إنّما هو وطني. فهذه المنطقة من بلدي هي عزيزةٌ على قلبي، لأنني أبصرت النور هناك، وأمضيت القسم الأكبر من حياتي هناك، وهناك دعيت إلى الكهنوت، وهناك دعيت إلى الأسقفيّة. كنت أسقفا آتياً من الجبال، وكردينالا آتياً من الجبال وبابا آتٍ من الجبال”. وهنا نسأل بحق: من سافر إلى بلدان عديدة مثل البابا يوحنا بولس الثاني، ومن تلقَّن وتكلم لغاتٍ مثله، ومن أحبّ ثقافات الغير وحضاراتهم مثله، ومن قبَّل تراب البلدان بحبّ صافٍ واحترام شديد مثله؟ حقَّق البابا جميع هذه الإنجازات لأنه كان عميق التجذِّر في ثقافة بلده الأمّ بولندا وتراثها”.

وفي المحصِّلة، يتابع الأب حبيقة: “يكفي أن نستحضر هنا مبدأ فلسفيا غنيّاً بالمضامين الوجودية من أجل عالم يتحكّم فيه السلام والمحبة والاعتراف بالآخر المغاير كجزء من الذات وطريق إليها: عليك أن تكون ذاتَك حتى تكون مع الآخرين”.

محاضرتان افتتاحيتان

ثم كانت محاضرتان افتتاحيتان، الأولى ألقاها الأب João J. Vila-Chã ، من الجامعة الغريغورية الحبرية عن “تمييز جذور الخير والشرّ: تجلّي العنف البشري ولغة السلام”. أما الثانية فألقاها الأستاذ الجامعي والمفكّر الكبير، البروفسور جورج قرم، حول “التجذّر واللاتجذّر في الحوكمة الجديدة للعالم”.

نعمة

واختتم افتتاح المؤتمر بحفل عشاء أقيم بالمناسبة. وتحدثت خلاله عميدة الكلية البروفسور هدى نعمة مشيرةً إلى “حرص الكليّة على فتح النوافذ العديدة أمام مجيء مواطن جديد مشبع بمبادئ الإنسانية العالمية، وإلى منح الطالب فيها هوية أكاديميّة ومهنيّة تنافسيّة في سوق العمل تضمن له الرفاهية والعيش في مناخ من النجاح والفرح. كما ذكرت العميدة أنّ الكلية تزوّد إنسانها ثقافة عالية، ومزايا روحانية وقيماً أخلاقية رئيسة، وتعوّده على استخدام الفكر النقدي،  كما تنمّي فيه التجديد الفكري، وتجعله عنصر تغيير في المجتمع، وصاحب مهنية عالية، وناشطاً في إحداث المجتمع الجديد”.

الأب محفوظ

من جهته، أشاد الأب محفوظ بنجاح الكلية منذ تأسيسها، مثنيًا على أعمال القيّمين عليها، على رأسهم العميدة نعمة. كما شكر كل من تعاقب على إدارتها، وعمل فيها منذ 65 عامًا، منوّهًا بجهودهم الحثيثة التي أدّت إلى نهضة الكلية، مكملين بذلك رسالة الجامعة التي تهدف إلى التميز والارتقاء بالتعليم العالي.

الجلسات

كما عُقدت على مدى يومين طاولات مستديرة شاركت فيها نخبة من الأكاديميين والباحثين من مختلف الجامعات اللبنانية والكندية والفرنسية، وطرحت مواضيع عدّة شأن الحنين، التجذّر والعولمة، أزمة الأجيال الناشئة، دور المسيحي المشرقي في إحياء أنسنة عربية ثقافية، التجذر عن طريق العمل، بيروت، أنا هنا، الحداثة واللاتجذّر…

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات