وشدد سلام على أن “المكان الوحيد لمناقشة تأليف الحكومة هو مع الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية فقط. اما ما هو سوى ذلك، فيعتبر انتقاصاً من صلاحياتهما الدستورية، وينقل التأليف الى اداة جديدة وعرف جديد غير مقبول على الاطلاق، ولا يقرّ به الدستور”، لافتاً الى أنه “حتى اليوم، وفق ما يبدو لنا جميعا، فان احدا منهم لا يريد تسهيل مهمة الرئيس المكلف، فلماذا الهروب بالمشكلة الى طاولة الحوار الوطني. طبعا نؤيد انعقاد الطاولة في اي وقت لمناقشة القضايا المصيرية والمهمة المختلف عليها، وقد يكون هذا ما يسعى اليه ايضا الرئيس بري. لكن في موضوع الحكومة الامر مختلف تماما. ليست، ولا ينبغي ان تكون، في جدول اعمال طاولة الحوار. على الافرقاء تذليل العقبات والعراقيل وعدم الاختباء وراء متاريس الشروط المتصلبة، والمزايدة في اتخاذ المواقف والمواقع، وفي الوقت نفسه المطالبة باستعجال تأليف الحكومة من دون اقدامهم على ادنى خطوة جدية”
وأضاف سلام في حديثه لوسائل الاعلام “لم اكن مرة جامدا ومتصلبا في المواقف والمعايير التي حددتها للتأليف، ولم أشأ من وضع هذه القواعد الا حماية التأليف. مع ذلك قوبلت مرونتي بالتشدد والعناد والتعطيل”
الى ذلك، ذكرت “الأخبار” أنه ليس في حساب الرئيس المكلف الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة، ويرى ان الخيارات امامه مفتوحة على مواقيتها المناسبة. وهو يجزم باستبعاد فكرة الاعتذار ويثق بعامل الوقت لتخفيف وطأة التشنج. كما قال سلام “كدنا نلامس فرصة في الايام الاخيرة بحكومة جامعة، لكن معطيات طرأت حالت دون خواتيمها الايجابية، وأوجبت علينا التريث الى ما بعد عودة رئيس الجمهورية من نيويورك. جميعنا في قلب أزمة مستعصية، لكنني لن ادير ظهري لها والتخلي عن مسؤوليتي. الجميع يعرف مكامن الازمة الحالية وعند مَن تقع. لكن بالتأكيد ليس عندي انا”
من جهة أخرى، لاحظ سلام ان هناك معطيات اقليمية تفرض نفسها على القوى السياسية تحول دون تليين المواقف. وفي مواجهة هذا الواقع، لم يرَ في اي حال ان من المناسب التخلي عن حمل المسؤولية، رغم ان ما يحدث واهدار الوقت من دون المساعدة على تأليف الحكومة يتسبب بتآكل رصيدي الشخصي.
واعتبر الرئيس المكلّف أن الملفات الشائكة كمشاركة حزب الله في الحرب السورية ومصير سلاحه، هي مشكلات أساسية، لكن المعيار الرئيسي في العرقلة هو المواقف المتناقضة بين مَن يطالب بعدم تمثيل حزب الله في الحكومة، ومَن يصر على تمثيله، وقال “لست انا ولا رئيس الجمهورية مَن وضع معيار عدم تمثيل الحزب في الحكومة، ليست معاييري التي تعرقل التأليف بل الشروط التي يفرضها الافرقاء الآخرون. لكلٍّ شرطه يقابله الطرف الآخر بشرط آخر معاكس. هكذا نراوح في دائرة التجميد والتعطيل. ليكفّوا عن تبادل الشروط التعجيزية، فيبصر اللبنانيون سهولة تأليف الحكومة،
وأضاف سلام “هذا ما حدا بي الى القول أننا نؤلف حكومة في لبنان وليس في السويد، آخذين في الاعتبار المعطيات اللبنانية التي نعرف، ويا للأسف، أداء السياسيين ومواقفهم السلبية وتحجّرهم وتمسكهم بمكاسبهم السياسية، حتى موضوع المداورة كإحدى القواعد التي حددتها للتأليف ينظر اليها فريق سياسي كأنها ضده، في حين أن المداورة تتناول الجميع، وفي الوقت نفسه ضد الجميع”، وقال أن “لا افهم دوافع هذا الفريق كأن المداورة تتوخى النيل منه. لا بل يرفض البعض المداورة الا من داخل الفريق الواحد كي يجري تبادل الحقائب في ما بينه كأننا نكرّس الحقائب لحزب او تيار، او لفريق تتجمع فيه احزاب وتيارات، فتستأثر بالحقائب تلك من اجل تثبيت الاحتكار اكثر فاكثر، وجعله اقرب الى ان يصير حقا مكتسباً”
الى ذلك، أكد سلام أن “لن اوافق على هذا الامر. لا اقصّر في طرح المخارج والتصورات، وألمس تعاونا بنّاء وممتازا ومتقدّما من رئيس الجمهورية الذي يوافقني الرأي في المعايير التي وضعتها للتأليف. تحدّثنا في البداية عن حكومة حيادية قبل الانتخابات النيابية من اجل الاشراف عليها لا تحرج احدا من الاطراف، ثم تبدّل الظرف بعد التمديد لمجلس النواب وصرنا نتحدّث الآن عن حكومة سياسية جامعة في ضوء التطورات الامنية الاخيرة يشترك فيها الجميع بالتوازي. لكن احداً لا يريد الاستماع الينا، ولا الجلوس مع الآخر الى طاولة مجلس الوزراء. ما العمل اذا؟”
إزاء كل ذلك، أكد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة أن التأليف لا يزال أمام العتبة الاولى، وهي شكل الحكومة وعدد وزرائها، وأبدى تمسّكه بقراره عدم الإعتذار عن عدم تأليف الحكومة، متخوّفاً من أن يستمر التعطيل الى أوان انتخابات رئاسة الجمهورية بعد ستة أشهر. لكنّه في المقابل شدد على أن “العراقيل والعقبات لم تمنعني من التمسك بصلاحياتي الدستورية كرئيس مكلف، ولن اتنازل عنها، لأن التنازل عنها تشكيك في الدستور الذي ينص على ان الرئيس المكلف هو الذي يؤلف الحكومة بالتعاون مع رئيس الجمهورية. وهما المرجعان الدستوريان المعنيان بالتأليف”
وفي الختام، أوضح سلام في حديثه للأخبار أن “ليس هناك اتصال مقطوع مع احد، ولا مع قوى 8 آذار. انا منفتح على الجميع ولم اسع إلى أن انقطع عن احد، او اضع سدا دونه. لكن الوضع جامد ولا يتحرك” ، مؤكداً أنه لا يزال يطالب بحكومة 8 ـ 8 ـ 8، وبحكومة سياسية جامعة، لكنه لم يخُض بعد في التفاصيل، ولم يبدأ البحث مع احد في حقائبها وتوزيعها، بل في شكلها كما هو معروف