محطات نيوز – اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ان لا مجال لنقض اعلان بعبدا المطابق لاتفاق الطائف والذي اقر بالتوافق واجماع الحاضرين، داعيا الى ان نعمل جميعا على ادخاله في مقدمة الدستور اللبناني التي لا تختلف كثيرا عنه، معتبرا ان من يراه اليوم انه غير مهم ولا قيمة ميثاقية او وفاقية له سيجد فيه قريبا قيمة كبيرة مضافة للبنان.
ونوه بان الاعلان لا يشكل تحديا لاحد وانه لم يتكلم عن الحياد بل اقر سياسة التحييد الايجابي، وكذلك لم يقر سياسة النأي بالنفس التي هي ليست سياسة لبنان تجاه القضايا العربية. وقال “ان النأي بالنفس هو موقف لبناني يؤخذ تجاه قرار يطرح في احد المؤتمرات او احدى الندوات، فاما نوافق على ما يصدر واما نعترض او ننأى بنفسنا وهو ما يكون في سبيل تحييد لبنان عن الازمات وحاليا عن الازمة السورية، الا اننا مهتمون بايجاد الحلول للازمة السورية ونحضر الاجتماعات التي تكون متوازنة وليست متحيزة او من طرف واحد”.
كلام الرئيس سليمان جاء في خلال كلمة القاها في خلال “ندوة الاستقلال من الميثاق الى اعلان بعبدا” اقامها منتدى بعبدا قبل ظهر اليوم في فندق فينيسيا بحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة ووزراء ونواب حاليين وسابقين وسفراء عرب واجانب والمنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي وفاعليات سياسية واقتصادية واجتماعية وحشد من المدعوين.
في بداية الندوة، وبعد عزف النشيد الوطني اللبناني، عرض فيلم وثائقي عن تاريخ لبنان منذ الاستقلال وحتى اليوم أعدّه المستشار في القصر الجمهوري الإعلامي جورج غانم قبل ان يلقي الخبير القانوني الدولي الدكتور شفيق المصري كلمة اجرى فيها قراءة لاعلان بعبدا، واصفا تحييد لبنان بانه استمرار سليم وصحيح للسياسة التي اعتمدها آباء الاستقلال خلال السنوات الاولى لحكمهم.
وقال ان اعلان بعبدا له قيمتان سياسية وقانونية بعد الاجماع الذي حصل عليه عربيا ودوليا ويشكل داعما سياسيا للنهج الذي يلتزمه في مرجعياته القانونية وللحكومات التي تدخله في صلب سياساتها.
والقى عضو هيئة الحوار الوطني البروفسور فايز الحج شاهين مداخلة بعنوان “المبادىء الميثاقية التي يستند اليها اعلان بعبدا”، مركزا على البندين 12 و13 منه والمبادىء الميثاقية لهما بالاضافة الى القيمة المضافة التي ادخلها هذا الاعلان على المبادىء المذكورة.
وقال ان “المبادئ الميثاقية لإعلان بعبدا هي تلك المكرسة في مقدمة الدستور ووثيقة الوفاق الوطني المعروفة بإتفاق الطائف، والتي تتحدث عن تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات وتجنيبه الأزمات الإقليمية وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي”.
واذ لفت الى ان اعلان بعبدا تعرض لانتكاسات كما تعرض اتفاق الطائف فانه اعتبر ان هذا الاخير بقي متمتعا بقوته الميثاقية وان ما يصح عليه يصح على اعلان بعبدا.
ثم القى رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ كلمة شكر فيها للرئيس سليمان رعايته اللقاء، وشدد على ان اعلان بعبدا يصلح اساسا ومنطلقا للخروج من حال الفراغ التي تهدد بناء الدولة وسلطتها ومؤسساتها، اما النقطة التي تحتاج الى حوار فهي تحييد لبنان عن صراع المحاور باستثناء الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، لافتا الى ان “اعلان بعبدا ترك نوافذ لمعالجة النقاط الغامضة”، وجعل من الحوار قاعدة اساسية، مميزا بين مبدأي الحياد والتحييد، ولافتا الى عدم وجود اشارة سلبية حول المقاومة في الاعلان وان الاستراتيجية الدفاعية هدفها حماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية.
والقى الوزير السابق زياد بارود كلمة اكد فيها ان إعلان بعبدا هو ضد التمديد للإنعكاسات السلبية لتوترات المنطقة على لبنان ولحالة من الضبابية لا تزال تلف موقف الدولة اللبنانية كدولة ذات سيادة ولحالة المراوحة غير المجدية في حسم بعض الخيارات، مشيرا إلى أن “الإعلان مع تجديد ثوابت لبنان تجاه القضية الفلسطينية والسلم الأهلي ودعم المؤسسات ومواصلة تنفيذ إتفاق الطائف، وهو تمديد وتجديد لثوابت دستورية “.
وأوضح أن “التحييد جزء من التوافقية التي تحكم توازنات لبنان وترجمة فعلية لمبادىء دستورية”، مضيفا: ان “التحييد الذي يقول به الإعلان لا يحتاج لتعديل دستوري بعكس الحياد المطلق”، مشددا على أن “إعلان بعبدا يبقى وسيلة وليس غاية في ذاته ووسيلة استقرار داخلي وشبكة أمان داخلية ويبقي على دور لبنان الحاضر في الإجماع العربي والمناصر للقضية الفلسطينية المحقة ويبقي على موقف لبناني غير محايد في موضوع القرارات الدولية الحامية لحقوقه ولا يلغي حق مقاومة الإحتلال”، قائلا: اعلان بعبدا “صنع في لبنان وهو جدير بالمتابعة والتطبيق”.
ثم القى الوزير السابق جهاد ازعور كلمة شدد فيها على ان اعلان بعبدا يشكل نقطة انطلاق لاستكمال الاستقلال وحمايته من خلال ترسيخ الميثاق الوطني، وقد اثبتت التجربة المريرة ان الميثاق الوطني يبقى ناقصا من دون ميثاق شرف وتوافق”.
من جهته، اشار الوزير السابق خالد قباني الى مضامين ومدلولات اعلان بعبدا الذي اعتبر انه جاء متجاوزا شعارات اعاقت مسيرة البلد أطلقتها بعض القوى السياسية وباتت أسيرة لها، إعتمدت لحظة تحد أو تنازع سياسي ليحرر هذه القوى من أسرها ويحول المصلحة الوطنية العليا أساسا يبنى عليه ، مشددا على اهمية مفهوم الدولة و ضرورة الحوار الذي يدعو اليه الاعلان والاحتكام الى المؤسسات الدستورية في معالجة القضايا الوطنية.
وتوجه في الختام بالسؤال الى رئيس الجمهورية بالقول اذا لم تستطع القوى السياسية الاتفاق على المبادىء والمضامين التي تضمنها اعلان بعبدا فكيف يمكن ان يعهد الى هذه القوى امر مصير لبنان ومستقبل اللبنانيين.
ثم القى السفير الروسي الكسندر زاسبكين كلمة جدد فيها موقف بلاده المؤيد لاعلان بعبدا .
وقال ان “لبنان وقف موقفاً متميزاً وحكيماً، وأيّدت روسيا إعلان بعبدا منذ اليوم الأول، لأنه يتضمن الحفاط على الإستقرار الداخلي وإيجاد الحلول عن طريق الحوار وتجنب الفتنة الطائفية، إضافة إلى تحييد لبنان عن النزاعات الدولية، لافتاً إلى انه يمكن للاعلان ان يكون مثالاً لدول أخرى في المنطقة، “التي ندعوها إلى ان تأخذ على عاتقها عدم التدخل في شؤون الغير”.
واذ اعتبر ان الوضع اللبناني مرتبط بالتسوية السياسية في سوريا”، فانه رأى انه “من المفيد ان يشارك لبنان في مؤتمر جنيف 2. وأشار إلى “وجوب ان يبقى إعلان بعبدا وثيقة للشراكة الوطنية”.
واعتبر المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي ان الاستقرار والوحدة في لبنان يتأثران بالعوامل الخارجية والتطورات الاقليمية وأقطاب الحوار كان عندهم الجرأة بتبنيهم لاعلان بعبدا ومبدأ حياد لبنان عن الازمة.
وأشاد بجهود رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في مجالات مختلفة لتكريس الإستقرار في لبنان.
وفي الختام، القى الرئيس سليمان كلمة هنا نصها:
” اود ان اتوجه بالشكر الى اعضاء منتدى بعبدا الذين نظموا هذا المؤتمر والذين اطلقوا نقاشا واقعيا وجادا ورفيع المستوى حول سبل تطبيق اعلان بعبدا ودعمه، لانه يشكل، بنظري، بالاضافة الى الاستراتيجية الدفاعية او التصور الاستراتيجي الذي رفعناه وخلاصات المجموعة الدولية مقاربة جيدة تخدم مصالح لبنان العليا.
كما اشكر الحضور الكريم لهذا المؤتمر والحاضرين واخص بالذكر السفير الروسي وممثل الامين العام للامم المتحدة لمداخلاتهما. في الواقع، يصعب بعد المداخلات القيمة التي سمعتها ايجاد نقاط اضافية. لكني اود ان اضيء على عدد من النقاط في اعلان بعبدا. اولا كيف اقر الاعلان: لقد اقر بالتوافق وباجماع الحاضرين وتم التأكيد على هذا البيان في جلستين متتاليتين بعد الجلسة التي اقر فيها الاعلان. فرجاء لا مجال لنقضه بل يجب العودة الى البيت اللبناني الذي يحضن الجميع تطبيقا له”.
اضاف: اما النقطة الثانية، فتتعلق بظروف اعلان بعبدا، ولماذا اقر. لقد اقر الاعلان عندما بدأ يذهب سلاح ومسلحون من الشمال الى سوريا. آنذاك، شعرنا بخطورة امتداد لبنان الى الازمة السورية وضبطنا باخرة لطف الله فقررنا التحرك. وتمثل التحرك الاول بذهابي الى دول الخليج وخصوصا الى المملكة العربية السعودية حيث طلبت من خادم الحرمين الشريفين تحييد لبنان وعدم جعله منطقة لعبور الاسلحة والمسلحين. وجاء بعد اسابيع اعلان بعبدا. من المفيد جدا ان نعرف هذا الظرف. واعلان بعبدا ارسى حالة من الوفاق انسحبت على زيارة الحبر الاعظم البابا بنديكتوس السادس عشر التي نعتبرها زيارة مهمة جدا في تاريخ لبنان التف في خلالها كافة اللبنانيين واعطت صورة مشرقة عن امن وكفاءة الادارة اللبنانية والتفاف الشعب اللبناني حولها.
اما الامر الثالث، تابع رئيس الجمهورية، فيتعلق باهداف اعلان بعبدا الذي يتضمن 17 بندا، 15 منها لها معان حوارية توفيقية، وهناك بندان اجرائيان، وهي تتناول الحوار والاستقرار والمؤسسات والقانون والجيش والقضاء والاقتصاد والاعلام والخطاب السياسي والطائف والعيش المشترك، الا ان الاهتمام الاساسي الذي يدور حوله الاعلان هو البند 12 القائل بتحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات ودرء الانعكاسات السلبية لهذه الازمة. ان اعلان بعبدا اقر سياسة التحييد الايجابي ، ولم يقر سياسة النأي بالنفس التي هي ليست سياسة لبنان تجاه القضايا العربية. ان النأي بالنفس هو موقف لبناني يؤخذ تجاه قرار يطرح في احد المؤتمرات او احدى الندوات، فاما نوافق على ما يصدر واما نعترض او ننأى بنفسنا وهو ما يكون في سبيل تحييد لبنان عن الازمات وحاليا عن الازمة السورية، الا اننا مهتمون بايجاد الحلول لهذه الازمة ونحضر الاجتماعات التي تكون متوازنة وليست متحيزة او من طرف واحد.
وشدد الرئيس سليمان على ان اعلان بعبدا لم يتكلم عن الحياد. انه تكلم عن التحييد. فالحياد هو مطلب لكثير من اللبنانيين وانا احترمه. ولكن يلزمه اجراءات اضافية اخرى. وربما التحييد يكون انطلاقا اما للقبول بالحياد او الاكتفاء بالتحييد . لذلك، قال بالتحييد مع الالتزام بالقضية الفلسطينية وبالاجماع العربي وبالشرعية الدولية. وكذلك، فان اعلان بعبدا ليس تحديا لاحد لا بل هو مطابق تماما لاتفاق الطائف ولا يخرج عنه باي حرف منه بل يثبته وتحديدا في الفقرة الرابعة التي تنص في مجال العلاقات اللبنانية السورية على عدم جعل لبنان مصدر تهديد لامن سوريا وسوريا مصدر تهديد لامن لبنان ، وعدم جعل لبنان ممرا او مستقرا للتخريب على سوريا او بالعكس، فهذا ما ينص عليه اتفاق الطائف. ان اعلان بعبدا لم يقل اكثر من ذلك بل على العكس. وهنا اقول ان على سوريا ولبنان الا يقبلا عناصر او مسلحين او مرور مسلحين يؤدي الى اخلال الامن في الدولة الاخرى. فهذا ما يقول به اتفاق الطائف وليس اعلان بعبدا الذي كان يذكر بهذا الامر. ومن هنا، عندما هددت سوريا بالضرية العسكرية ردا على الهجمات الكيميائية، صدر اول تصريح لرئيس جمهورية لبنان الذي اكد فيه عدم الموافقة على تدخل عسكري في سوريا او ان يكون لبنان ممرا لهذه الضربة لا بالفعل ولا بردات الفعل. لقد كان الموقف الذي عبرت عنه شخصيا واضحا ومن اول المواقف التي صدرت عن دول العالم. ان البند 13 من اعلان بعبدا يقول بعدم استعمال لبنان مقرا او منطلقا لتهريب السلاح والمسلحين.
وتابع رئيس الجمهورية: هذه هي ظروف اعلان بعبدا وقد رحب بها الجميع وارادوها. لذلك يجب عدم الابتعاد عنه، فاذا كانت هذه ظروفه واهدافه فما هو مستقبله؟ ان الاعلان ليس اعلانا ظرفيا. وهنا، اؤكد اننا سنكون بحاجة اليه اكثر في المستقبل. ومن يراه اليوم انه غير مهم ولا قيمة ميثاقية او وفاقية له سيجد فيه قريبا قيمة كبيرة مضافة للبنان. ان اهداف منتداكم هي لاحياء هذا الاعلان الذي اتخذ كوثيقة رسمية في الامم المتحدة ومجلس الامن وتم دعمه من قبل الاتحاد الاوروبي والامانة العامة للجامعة العربية. ويطالب البعض في لبنان باقراره في مجلس الوزراء تمهيدا لعرضه على الامم المتحدة لحياد لبنان. هذا الامر ليس مطروحا حاليا، كما ان الاعلان لم يتكلم عن الاستراتيجية الدفاعية بل قال فقط بانه يقتضي مناقشة هذه الاستراتيجية التي كانت موضوع ورقة تصور رفعته شخصيا بعد ثلاث جلسات من اعلان بعبدا. لذلك، عندما نعترض على الاعلان فليس هو الاستراتيجية الدفاعية بل يجب قراءة الورقة التي هي بين ايدينا. وهناك مجموعة لبنانية اخرى تطالب بادخال جوهر اعلان بعبدا في مقدمة الدستور اللبناني. نعم ان مقدمة الدستور اللبناني لا تختلف كثيرا عن اعلان بعبدا ويجب ان نعمل جميعا على ادخال جوهر هذا الاعلان في مقدمة الستور.
وختم الرئيس سليمان: ان الاشهر المقبلة قد تحمل تطورات كبيرة وقد تكون هناك حلول ديبلوماسية للازمة السورية عبر جنيف 2 وما يتبعه، وقد تكون هناك حلول للملف النووي الايراني، وانفراج للعلاقات العربية الغربية ولكن يمكن ان يكون هناك ايضا تدهور وتراجع لهذا المشهد الدولي، وربما يعود منطق الحل العسكري في سوريا ويزداد ويرتفع الضغط على ايران وايضا يمكن ان يصبح هناك توتر سعودي ايراني. وهذا ما لا نتمناه. ولكن ما نتمناه هو ان نتطلع اين نحن من هذا الوضع . فهل نريد ان نربط مصير لبنان بالتوترات والمزيد من القوى الاقليمية، هل نريد ان نضع لبنان مجددا في مهب الريح وبحالة المراوحة ام نريد تغليب مصلحته ونستقل عن المحاور والصراعات ونستعمل الحكمة الوطنية والذكاء اللبناني لتطبيق مندرجات اعلان بعبدا ونعود الى الحوار باسرع وقت ممكن دون التنكر لما اقرته هيئة الحوار على طاولة الحوار سابقا. والله ولي التوفيق. شكرا لالتزامكم ولجهودكم”.