لا مرور… ولا كِرام!!! – حبيب يونس

محطات نيوز – هي مرَّت مرور الكرام. ولو كان الأمر لي، لأوقفتها على حاجز ومنعتها من المرور، وحطمت رجليها وعمودها الفقري، لئلا تعود قادرة على السير وحتى على الوقوف. أما لماذا هذا العنف وتلك القسوة؟ فلأن لا كِرام فيها، ولا كرامة.

فُتُّكم بالحديث. هي أحداث وحوادث لبنانية وإقليمية ودولية، أقل ما يقال فيها وصفًا وتوصيفًا وتعريفًا وتصنيفًا: “عيب وستون ألف عيب”… لكن المعيب أكثر أن نتابعها كأن شيئًا لم يكن، ومن دون رد فعل يدوي ويزلزل فيهدم ليبني من جديد على صخر، يردع فيتعبر من ارتكب، يؤنب فيعلِّم… و”العصا تعلِّم” فينا لأننا ما زلنا، حتى الآن، ساكتين عنها.

–      هذا المسمى مجتمعًا دوليًّا، بدوله الكبرى أو العظمى والأقل كبرًا وعظمة، بمؤسساته وهيئاته ومجالسه وجمعياته، ليس سوى ديك أو ربما طاووس، ولكن أعمى أخرس أبكم… ونحن نسير خلفه، على عماه، و”إلحق الديك وشوف لوين بيوديك”، ونُسمعه شكاوانا “ولا حياة لمن تنادي”، ونطرب لقراراته وأفعاله، و”أنساك؟… ده كلام”. صيفه هنا شتاء، وشتاؤه هناك صيف، فكيف إذا اجتمعا على سطح واحد؟ معياره هنا رطل، وهناك أوقية، وهنالك غبار… ونعم المعايير. يركِّب أذن الجرة، كما يشاء الفاخوري، ويتفنن في أجساد البشر قتلًا وحروبًا وتقطيع أوصال وتهجيرًا وتجويعًا، كأنها معجونة في يدي طفل من أطفال أباطرته المالكين سعيدًا في هذا العالم.

… ويحاضر أخونا، هذا المجتمع الدولي، في العفة والسلام والقيم وحقوق الإنسان، حتى إذا ما اكتُشف أن دولة عظمى من دوله تتجسس على العالم بأسره، بما فيه من دول حليفة وصديقة، قبل العدوة أو الشريرة، غاب عن البصر والسمع، وذبحت له الأهزوجة طير الحمام… لكي ينام.

ولا زالت الأخلاق في مجتمعنا الدولي عامرة… و”الديك ماشي”، ونحن وراءه “ع الدعسة”.

–      أمضى ياسر عرفات معظم حياته عازبًا، ولم يتزوج إلا في سنواته الأخيرة. وحين كان يُسأل عن سبب عزوبيته، يجيب: تزوجتُ الثورة…

وإذا ببعض من ائتمنهم على تلك الثورة، إذا صحَّت الأنباء، ينتهون في حضن سياسية إسرائيلية، هذه هي صفتها، لكنها في الحقيقة مومس، شرَّع لها كبير حاخامات بلادها – قال – “أن تمارس الجنس مع العدو من أجل الحصول على معلومات”… ولم تلقَ مزحة، فمارست وصورت وابتزت بكل عين وقحة.

ولما نفى أحد من سمتهم، من ضحايا باعها الطويل في مجال الاستخبارات، هذه الواقعة، هددت بنشر الشرائط المصورة واللقطات الحميمة على اليوتيوب.

هذه العفيفة هي ممن يحكمون العالم. ومن أوقعتهم في حبائلها، “دكتهم رخوة”، على ما يبدو، إلَّا إذا كانوا يمارسون معها لعبة استخباراتية مماثلة… وإني لأشك في ذلك، وإن كان بعض الظن إثمًا. وعليه، فهي شاطر، وهم مشطور، وأما الكامخ بينهما فشعب مهدور الحقوق، مشرد مشتت، مضطهد، وقضية… لا حول لها ولا قوة.

ولا زالت الأخلاق الرفيعة والشرف الأرفع أولًا عامرًا، وثورات شرقنا التعس، مقرونة بإشارات النصر، ثانيًا عامرة بدورها، وعامرة معها، دائمًا أبدًا، إجازة الموبقات والمحرمات… و”مين خلَّف ما مات”.

– هو قائد محور… لا في جبال الألب، ولا في واترلو، ولا في العلمين، ولا في النورماندي… بل في طرابلس. واحد من حفنة مسلحين يأسرون مدينة عزيزة عريقة، كانت ذات يوم “أول أمم متحدة” في العالم، مطلوب بمذكرات توقيف، لكنه يشارك في اجتماعات يرئسها رسميون وقادة أمنيون، ويتنقل بمواكبة ويصرح أمام عدسات التلفزيون، ويعقد مؤتمرات، ولا ينقص إلا أن يؤلف كتبًا… ويسرح ويمرح، بلا حسيب أو رقيب.

القائد الملهم هذا، كان حاضرًا ناضرًا في الاجتماع الذي أفضى إلى خطة أمنية لمعالجة الوضع الطرابلسي (وهي على فكرة، ليست الخطة الأولى ولن تكون طبعًا الأخيرة). وأين؟ في مكتب قائد منطقة لبنان الشمالي في وحدة الدرك الإقليمي. قعد على كرسي القائد، والتُقطت له صور وزعها لاحقًا على مواقع التواصل الاجتماعي مزهوًّا بنفسه. عرف، يا رعاه الله، مكانه ومكانته وطول باعه وقوة شكيمته… فتجرَّأ وتدلل.

فعلة لو تمت في دولة تحترم نفسها وقوانينها وشعبها، لأسقطت حكومة ولأقالت قادة ومسؤولين بالجملة… لكنها، في عصر هذا القائد الملهم ومن هم على شاكلته، وجدت في بيان قوى الأمن الداخلي ما يبررها، بعذر أقبح من ذنب… قال البيان إن الصورة “أخذت أثناء وجود جمع من العلماء والمشايخ وفاعليات طرابلس وباب التبانة داخل مكتب” العميد قائد المنطقة “حيث استغل أحد الحاضرين” غيابه عن مكتبه “بسبب وجوده في اجتماع أمني تحضيرًا لتنفيذ الخطة الأمنية، والتقط لنفسه عددًا من الصور وهو يجلس خلف المكتب”.

بالشرف شو؟ عن جد؟ استغل؟ يخرب ذوقو… استغل؟ وأين، بالله عليكم، عينكم المدَّعية السهر والحرص على أمن مدينة… وما استطاعت أن تضبط هذا الفعل الشنيع المنطوي على ازدراء بما تفعلون، وتحدٍّ لكم ولسلطتكم؟

ولا زال العناتر الذي لم يعنترهم أحد فتعنتروا ولم يردُّهم أحد، عامرين في ساحاتنا وعلى محاورنا.

ومحاورُنا، وما أدراكم ما محاورنا، “سالكة وآمنة” ولا ينقصها إلا عزيز مروركم الكريم، يا كرامُ…

رحم الله شريف الأخوي.

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات