الانسحاب الأميركي من معاهدة “الأجواء المفتوحة” بداية تحالفات وإعادة خلط الأوراق – العميد الركن صلاح جانبين
نشرت بواسطة: Imad Jambeih
في أقلام وآراء
الأحد, 24 مايو 2020, 8:07
190 زيارة
محطات نيوز – العميد الركن صلاح جانبين
قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الحادي والعشرين من شهر أيار 2020 الانسحاب من معاهدة “الأجواء المفتوحة” الموقّعة في 24 آذار عام 1992 والتي بدأ تطبيقها عام 2002 مع 33 دولة، وهي المعاهدة الرابعة التي ينسحب الأميركيون منها بعد انسحابهم من اتفاقية باريس لمكافحة تغيّر المناخ عام 2019 والتي تُلزم الأطراف الموقّعة عليها (نحو 200 دولة) بتخفيض معدل انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، كما انسحبت في أيار عام 2018 من الاتفاق النووي الذي أُبرم مع إيران عام 2015 لمنعها من تطوير أسلحتها النووية، أو ما يُعرف بخطة العمل المشتركة لإجبار إيران على إعادة التفاوض بالشروط الأميركية، وتعليق برنامجها للصواريخ الباليستية والحدّ من نفوذها في الشرق الأوسط، وانسحابها أيضاً في آب 2019 من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى الموقّعة مع روسيا في شهر كانون الأول عام 1987.
والجدير ذكره أنَّ اتفاقية “الأجواء المفتوحة” تسمح لجيش أي دولة من الدول الأعضاء ومعظمها ينضوي في حلف الشمال الأطلسي، تنفيذ عدد محدّد من الرحلات الاستطلاعية في أجواء أي دولة أخرى من تلك الدول المنضوية بعد وقت قصير من إبلاغها بالأمر.
خلفيات القرار الأميركي والفرضيات المطروحة؟
من المعلوم أنَّ هدف الاتفاقية يقضي بتبادل وجمع المعلومات والمراقبة التكنولوجية والأمنية للمنشآت والأنشطة العسكرية بين الدول ومن دون قيود من جهة، وللحدّ من تسلّح تلك الدول الأعضاء لتجنّب الصراعات المستقبلية من جهة أخرى، وعلى المشاركين الإيفاء بالتزاماتهم، في حين اعتبرت الخارجية الروسية، إنَّ انسحاب الولايات المتّحدة من الاتفاقية تُعدّ ضربة إلى أسس الأمن الأوروبي وأدواته العسكرية القائمة، كما إلى المصالح الأمنية الأساسية لحلفاء أميركا أنفسهم.
وفي المقابل تتّهم واشنطن موسكو، بأنها لم تفِ بالتزاماتها الواردة في الاتفاقية التي مرّ عليها 18 عاماً وصُمِّمَت من أجل تعزيز الشفافية العسكرية والثقة بين القوى الكبرى، بخاصة في الآونة الأخيرة حيث لم تسمح القيادة الروسية بتسيير رحلات جوية أميركية فوق مناطق تَعتقد واشنطن أنَّ موسكو تنشر فيها أسلحة نووية متوسّطة المدى تهدّد أوروبا، وحدّدت لها مسافة 500 كيلومتر من كاليننغراد المطلّة على بحر البلطيق القريبة من جورجيا والواقعة بين ليتوانيا وبولندا لا يمكن تجاوزها، كما لا يجب تخطّي الحدود الفاصلة بين روسيا وجورجيا بأكثر من 10 كيلومترات، بالإضافة إلى منعها في وقت سابق رحلات كان مقرَّراً لها مراقبة مناورات عسكرية روسية.
وما تلك الإجراءات الروسية المتّخذة إلاَّ تهديداً للولايات المتَّحدة الأميركية وحلفائها الأوروبيين من موقع القوي الذي انتفض وفرض الشروط اللازمة، بالتوازي مع المستجدّات الدولية ورداً ندّياً للولايات المتَّحدة والمعاملة بالمثل لجهة عدم السماح بمراقبة أجوائها من قبل أي دولة وهي بالمقابل أي أميركا، تراقب كل الدول إما مباشرة أو بطريقة التصوير والمراقبة وتبادل المعلومات داخل حلف الناتو، وما سجلَّه الرئيس الأميركي من اعتراض له قبل ثلاث سنوات وعدم رضاه بشأن رحلة روسية فوق منتجعه للغولف في نيو جيرسي خير دليل على الإجراءات الروسية.
فهل هناك شيئاً ما يُحضر في ظلِّ الأزمات الاقتصادية والوبائية التي ضربت العالم والتهديدات والاتهامات المتبادلة؟
وهل الانسحاب الأميركي من المعاهدة، يدلّ على فكّ الارتباط القائم بين الدول العظمى، والطريق لإحياء الحرب الباردة من جديد، تليها الساخنة بعد أن تمَّ الانتهاء من اختبار واستطلاع كافة نقاط القوة والضعف الكامنة لكل الدول الأعضاء؟
أو أنه رفع لسقف المطالبات في أي مفاوضات مستقبلية تتعلّق بأزمة الشرق الأوسط والتهويد المتدرّج والمستمرّ للأراضي الفلسطينية المحتلّة والرفض الروسي والصيني والأوروبي لعمليات الضمّ الإسرائيلي؟ أو أنها بداية تحالفات جديدة قد تنشأ، تؤدّي إلى عزل الولايات المتَّحدة والحدّ من سيطرتها في العالم وإعادة خلط الأوراق من جديد؟
في القادم من الأيام خير مجيب على مجمل التساؤلات والفرضيات المطروحة.
2020-05-24