الديار : لبنان ليس بخير… إنكار شبه كامل للأزمة وعجز فاضح في طرح ‏الحلول

محطات نيوز- كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : حكومة الرئيس حسان دياب المؤتمنة تصريف أعمال اللبنانيين بإنتظار تشكيل حكومة، لا تقوم بما ‏يتوجّب عليها كونها حكومة اختصاصيين وبالتالي هي تتحمّل مسؤولية تاريخية لن يُسامحها التاريخ ‏عليها حتى ولو كانت حكومة تصريف أعمال. هذا القول لا يحمل أي خلفيات سياسية بل هو نابع من ‏المخاطر المتوقّع حصولها إذا لم يتمّ وضع خطة طوارئ، والأسطر المقبلة ستؤكّد أحقّية هذا القول ‏وضرورة قيام الحكومة بوضع خطّة طوارئ للمرحلة المُقبلة. التلهي بسعر صرف الدولار وديمومة ‏الدعم لم يعد مجديًا، فالإقتصاد يعاني من نزيف حاد، وصار المواطن غير قادر على إيجاد غرفة إنعاش ‏تحافظ على الرمق الأخير‎!‎

كل المعلومات المتوافرة وتصاريح المسؤولين والمحللين السياسيين تُشير إلى أن لا حكومة في المدى ‏القريب. منهم من ينتظر تغيّرات في المعطيات الإقليمية والدوّلية، ومنهم من يتوقّع أن يكون هناك تغيير في ‏النظام السياسي، ومنهم من يتوقّع أن يكون هناك إنتخابات نيابية مُبّكرة. على كل الأحوال هذه ‏السيناريوهات تعني أن الإتفاق على حكومة يواجه عراقيل كثيرة نابعة من مصالح داخلية وخارجية، ‏والأهم أن هذه الأخيرة أصبحت تتخطّى قدرة الداخل على التوافق على حكومة.‏

الوضع الإقتصادي والإجتماعي في أسوأ أحواله، ويذهب البعض إلى القول أن الوضع لا يُمكن أن يكون ‏أسوأ منذ ذلك. في الواقع السيناريو التشاؤمي يذهب أبعد مما نحن عليه اليوم ويطال الفلتان الأمني الذي قد ‏يشمل عمليات سرقة وتشليح وسطو مُسلّح وحتى تشكيل عصابات مُسلّحة وصولا إلى الخطف والمواجهة ‏العسكرية مع القوى الأمنية. هذا الأمر سيتزامن مع تراجع الوضع الإجتماعي الذي أصبحى يتخطّى ‏إرتفاع سعر صرف الدولار 500 ليرة أو ألف ليرة، ليطال كل الكيان اللبناني. فالمواطن اللبناني، وبغضّ ‏النظر عن سعر صرف الدولار، خاضع لعملية نزف لمدّخراته (من قبل المافيات) وبالتالي سيصل إلى ‏نقطة لن يكون فيها قادرًا على تأمين قوته وهو ما سيؤدّي إلى فوضى نترك للقارئ والأجهزة الأمنية توقّع ‏ما قد تؤول إليه الأمور. وقد تصلّ الأمور إلى حدّ فرض القوى الأمنية لحظر التجوّل في بعض الأحيان.‏

قد يظنّ القارئ أن هذا السيناريو هو خيالي وجدير بأفلام هوليوودية، إلا أن الواقع على الأرض مع إرتفاع ‏عدد الحوادث الأمنية في الأيام والأسابيع الماضية يرجح هذا التصور. فمثلا، إعترض مسلحون مجهولون ‏أمس شخصًا وأخذوا سيارته عند المدخل الشمالي لمدينة بعلبك، ونهار أول من أمس تطوّر خلاف بين ‏عائلتين في منطقة الليلكي إلى إطلاق نار، وفي منطقة النحلة قام مسلحون مجهلون أول من أمس بخطف ‏شخص على طريق سهل بعلبك. كذلك الأمر في المنية حيث قام شخص بإطلاق النار في الهواء قبل أن ‏يتوارى عن الأنظار، ونهار الخميس ليلا الجمعة صباحًا قام مسلّحون بالسطو على منزل نائب سابق، ‏ونهار الأربعاء قام مُسلّحون بإطلاق النار على إثر خلاف على أراضي في مجدل العاقورة#0236 طبعًا ‏اللائحة طويلة ولا يُمكن ذكر كل الحوادث، إلا أن ما أوردناه هو عينة عمّا حصل خلال ثلاثة أيام فقط!‏

لبنان ليس بخير! سعر صرف الدولار أصبح تفصيلا أمام ما ينتظر لبنان إذا لم يتمّ وضع خطّة طوارئ ‏يكون عمادها الشق الإجتماعي والشق الأمني. على الصعيد الإجتماعي، يبقى السؤال الأساسي، كيف سيتمّ ‏تأمين الحاجات الضرورية للمواطنين خصوصًا الذين لا يمتلكون القدرة على شرائها؟ ماذا عن الطبابة ‏خصوصًا في ظل إحتلال وباء كورونا لمساحة واسعة من الإهتمام العام والنقص الحاد في قدرات ‏المُستشفيات على تلقّي الحالات المرضية غير الكورونا؟ ماذا عن المحروقات، هل سيكون لنا القدرة على ‏إستيرادها؟ هل سيتمّ وضع كوتا للناس؟

على الصعيد الأمني، هل وضعت الحكومة خطّة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لمعرفة كيفية السيطرة على ‏الوضع الأمني في ظل سيناريو تطوّر مأساوي للأمور، أم أن الأمور ستكون ‏event-driven؟ هل ‏سيكون لدى القوى الأمنية القدرة على السيطرة على فلتان أمني يطال كل المناطق؟

لم أسمع حتى الساعة بخطّة حكومــية تُســمّى بالـ ‏Contingency Plan‏ لمواجهة التطوّرات ‏الإجتماعية والأمنية في حال سأت الأمور. وهذه الخطّة كان يجب وضعها في الأمس البعيد من حكومة ‏الاختصاصيين فضلا عن ضرورة أخراجها اليوم قبل الغدّ فلا يجب إنتظار الأمور لكي تسوء أكثر ليتمّ ‏بعدها القيام بردّة فعل حديثة قلما تكون مجدية حينها! من هنا نرى أن هناك مسؤولية واضحة على حكومة ‏تصريف الأعمال التي تتحمّل كل التبعيات القانونية والوطنية فضلًا عن الأخلاقية في حال وصلت الأمور ‏إلى هذا الحدّ من دون أن تكون قد إستبقت تطوّر الأحداث!‏

لبنان ليس بخير، وهو اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تنفيذ خطّط فعّالة لكي نتفادى الأسوأ. ‏الأسوأ نقصد به الفوضى العارمة التي قد تُسقط ما تبقى من مؤسسات الدوّلة الواحدة تلو الأخرى. ‏المعروف عن النخبة السياسية قدرتها الإستشرافية التي تسمح لها بالقيام بإجراءات تُخفّف من وطأة ‏الأحداث (‏Risk Mitigation‏)، فهل تخلّت حكومة الرئيس حسان دياب عن دوّرها وتركت المواطن ‏يواجه المصير الذي تسببت فيه بنفسه؟

خطّة طوارئ
خطّة الطوارئ التي نتحدّث عنها تطال، وكما ذكرناه آنفاً الشق الإجتماعي والشق الأمني.‏
إجتماعيًا، يُمكن النظر إلى البوابة الإلكترونية للجمارك اللبنانية لمعرفة السلع والبضائع الأكثر إستيرادًا ‏ومعرفة قدرة مصرف لبنان على تأمين دولارات الإستيراد على أن يتمّ وضع عدّة سيناريوهات تبعًا ‏لأوّلوية تضعها الحكومة على الشكل التالي: المواد الغذائية الأساسية، الأدوية، المحروقات، والكماليات ‏الأساسية.‏

وأما الخطوة الثانية ففيها يتمّ تحديد قدرة لبنان الإنتاجية الداخلية، على أن تُحدّد المصادر الأخرى ‏للإستيراد ويتمّ التفاوض منذ الآن مع هذه المصادر.‏

الخطوة الثالثة تنصّ على وضع تقديرات لعدد السكان الذين سيعجزون عن شراء السلع والمواد الغذائية ‏والطبّية وحتى المحروقات وتحديد مُساهمة الدوّلة في تأمين هذه السلع والبضائع. وتمثل هذه الخطوة تحدياً ‏كبيراً لنقص التعداد الدقيق للسكان والأخطاء الكبيرة التي شهدناها إبان الانتخابات النيابية المنصرمة.‏

الخطوة الرابعة تنصّ على وضع آلية لتوزيع الحصص على الشعب من خلال الجيش اللبناني أو مراكز ‏في المناطق تكون برعاية الجيش.‏

الخطوة الخامسة تنصّ على تأمين أماكن في المُستشفيات الخاصة (بشكّلٍ أو بآخر) وذلك بهدف إستيعاب ‏الأعداد المتزايدة من المصابين بكورونا، وإذا لزم الأمر طلب مُساعدات من أجل إنشاء مستشفيات ‏ميدانية.‏

الخطوة السادسة، يتمّ وضع أولويات في توزيع المحروقات على أن يتمّ وقف التهريب مع العلم أن الحجم ‏الأكبر من الإستيراد يبقى لشركة كهرباء لبنان والبنزين والمازوت والغاز.‏

أمنيًا، المخاوف من تردّي الوضع يفرض على الحكومة الطلب من الجيش والقوى الأمنية خطّة طوارئ ‏أمنية وذلك بهدف تفادي الأسوأ على صعيد السرقة والسطو المُسلّح والخطف والإغتيالات مع فرض حالة ‏حظر للتجوّل إذا لزم الأمر. بالطبع قيادة الجيش والأجهزة الأمنية قادرة على تقييم الوضع بدّقة وقادرة ‏على إتخاذ الإجراءات المُناسبة شرط أن تكون هذه الإجراءات خاضعة لموافقة مُسبقة من الحكومة.‏

تشكيل الحكومة
لم يعِ لبنان أهمّية عدم حصول فراغ في السلطة كما هي الحال اليوم. فالحكومة التي تُعتبر السلطة ‏الإجرائية الفعلية للسلطة التنفيذية غائبة اليوم بكل ما للكلمة من معنى، وحكومة تصريف الأعمال لا تجتمع ‏بشكل رسمي مع العلم أن المخاطر التي يواجهها لبنان هي الأعظم في تاريخه المُعاصر. إحتمال إنهيار ‏الكيان اللبناني وارد ولا يُمكن لحكومة تصريف الأعمال التذرّع بضيق الصلاحيات لعدم الإجتماع لمنقاشة ‏المخاطر التي يواجهها لبنان وعلى رأسها الواقع الصحي والإقتصادي والأمني.‏
التعقيدات التي تواجه الحكومة وصلت إلى حدٍ يحتاج إلى مُعجزة ولا بُد أن يُؤخذ أمر تشكيل الحكومة على ‏محمل الجد بأسرع وقتٍ مُمكن لكي تتحمّل الحكومة مسؤولياتها تجاه الشعب اللبناني وتسعى جاهدة لإنقاذ ‏لبنان من هذا النفق المُظلم.‏

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إضغط هنا

أحدث المقالات