الجمهورية : الحكومة تنتظر “لقاح التوافق”.. وحركة ‏مـبادرات تنطلق اليوم

محطات نيوز- كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : يطغى الوضع الصحي على كل ما عداه من اهتمامات وملفات، في ‏ظلّ انطباع عام، انّه للمرة الأولى منذ ظهور حالات كورونا في لبنان ‏يشعر اللبناني بالخوف نتيجة عدّاد الإصابات المخيف الذي يكسر يوماً ‏بعد آخر الأرقام القياسية على رغم الإقفال العام، ولكن وسط آمال ‏معلّقة على اللقاح، بغية وضع حدّ لهذه الجلجلة التي تحوّلت مجزرة ‏بشرية. إلاّ انّ العدّ العكسي لهذا الوباء بدأ لبنانياً مع توقيع قانون ‏اللقاحات، وهو الإنجاز الوحيد المضيء في عتمة النكسات والخيبات ‏والفشل. ولو لم يتمنَّ البطريرك الماروني بشارة الراعي على رئيس ‏الجمهورية ميشال عون “أخذ المبادرة بدعوة الرئيس المكلّف سعد ‏الحريري إلى عقد لقاء مصالحة شخصية يعيد الثقة بينهما”، لغاب ‏موضوع التشكيل عن اهتمامات اللبنانيين، كعنوان أساس لإخراج البلد ‏من أزمته المالية والمعيشية. ولكن، هل سيلبي عون تمني الراعي ‏ويدعو الحريري إلى جلسة مصارحة، بعد الفيديو الشهير الذي وضع ‏المبادرة عند رئيس الجمهورية لا عند الرئيس المكلّف، من منطلق انّ ‏الأول كال الاتهامات للثاني الذي ينتظر التوضيح تمهيداً لطي الصفة ‏ومعاودة قطار التأليف؟ وماذا لو لم يستجب عون لتمني الراعي، ‏انطلاقاً من موقفه الضمني الرافض التعاون مع الحريري الرافض ‏بدوره الاعتذار، فهل تبقى البلاد في دوامة الفراغ على رغم فداحة ‏الوضع المالي؟ وهل سيبادر الحريري بنفسه، قافزاً فوق الفيديو ‏المسرَّب، أم سيملأ الوقت الضائع في زيارات خارجية في انتظار ان ‏تستوي لحظة تأليف الحكومة محلياً وخارجياً؟ ولماذا الوساطة ‏الفرنسية مجمّدة بهذا الشكل، وكأنّ باريس لمست عقم محاولة ‏التأليف وقرّرت ترك اللبنانيين لقدرهم ومصيرهم؟

بعدما كان الأسبوع الفائت “أسبوع كورونا” بامتياز، من قرار الإقفال ‏إلى صدور قانون اللقاحات، وما بينهما أخبار الإصابات وحال الناس ‏والمستشفيات، هل سيكون هذا الأسبوع نسخة مكرّرة عمّا سبقه، أم ‏انّ التركيز سينتقل إلى البيت الأبيض لمتابعة مشهد التسليم والتسلّم ‏بين الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن؟ وهل الإنفراج الحكومي يرتبط ‏بهذا الحدث الذي سيدخل معه العالم في إدارة جديدة، ولكن من غير ‏المعروف بعد ما إذا كان جديد الإدارة سينتج سياسة جديدة، ام ‏استمراراً للسياسة القديمة بأسلوب أكثر ديبلوماسية؟
‏ ‏
خطوط الرجعة مفتوحة
وأبلغت اوساط سياسية واسعة الاطلاع الى “الجمهورية”، انّ لبنان ‏يدفع حالياً ثمن الخلاف المستحكم بين الرئيس ميشال عون والنائب ‏جبران باسيل من جهة والرئيس سعد الحريري من جهة أخرى، كما دفع ‏في السابق ثمن اتفاقهم بعد التسوية الرئاسية الشهيرة، مستهجنة ‏‏”ان يصبح البلد رهينة المزاج الشخصي والسياسي للبعض”.‏
‏ ‏
واشارت هذه الاوساط، إلى “أنّ فيديو عون ضدّ الحريري، وعلى الرغم ‏من قسوته، لن يكون عائقاً أمام تشكيل الحكومة متى اقتضت ‏المصلحة ذلك وتوافرت شروط الولادة الحكومية داخلياً وخارجياً”، ‏لافتة الى انّ لا الـ”وان واي تيكيت” ولا “الإبراء المستحيل” حالا سابقاً ‏دون أن يحصل لاحقاً التفاهم بين عون والحريري، والذي تُوّج بتسوية ‏أوصلت الأول إلى رئاسة الجمهورية والثاني الى رئاسة الحكومة، ‏وبالتالي لا مستحيلات في السياسة، وخطوط الرجعة تبقى مفتوحة ‏مهما بدا الحائط مسدوداً”.‏
‏ ‏
واعتبرت الاوساط، انّ تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن ‏السلطة رسمياً الأربعاء المقبل سيخفف الذرائع الخارجية للتأخير في ‏تشكيل الحكومة، “ولن يكون هناك بعد ذلك من مبرّر لدى الرئيس ‏المكلّف للخوف من العقوبات الترامبية، اذا ضمّت حكومته تمثيلاً ولو ‏غير مباشر لحزب الله”.‏
‏ ‏
وفي الوقت الضائع، وفيما ينتظر تأليف الحكومة “لقاح التوافق” بين ‏المعنيين بالاستحقاق الحكومي، يبدو انّ بعض هؤلاء تحوّلوا نحو ‏الاهتمام بالشأن الصحي، حيث أنّ الحريري الذي عاد مساء امس من ‏دولة الامارات العربية المتحدة، سعى خلال وجوده هناك الى تأمين ‏دفعة من اللقاح الصيني، فيما يجري باسيل اتصالات منذ ايام في ‏اتجاهات عدة للحصول على ما أمكن من اجهزة تنفس واوكسيجين.‏
‏ ‏
كذلك، دخل الرئيس نبيه بري بقوة على خط تسريع بناء المستشفى ‏الميداني المقدّم من قطر، والذي كان مقرّراً تشييده في صور، قبل أن ‏يتبين انّ هناك صعوبة في ذلك، بسبب تعذّر مدّه بالبنى التحتية ‏والطواقم البشرية الضرورية خلال وقت قصير، ما اضطر بري الى ‏القبول بنقله الى المدينة الرياضية حيث تتوافر متطلبات انشائه ‏واستخدامه.‏
‏ ‏
مبادرة تنتظر الحريري
والى ذلك، وتزامناً مع الإغلاق العام والشامل الذي سيدخل يومه ‏السادس اليوم، بقيت الإتصالات الجارية من اجل تسهيل الولادة ‏الحكومية في العناية الفائقة تنتظر الاوكسيجين الذي يفترض ان ‏يتوافر، بعدما عاد الحريري من ابو ظبي.‏
وكانت المساعي تركّزت في الايام الاخيرة على إستيعاب المضاعفات ‏السلبية للفيديو القصير الذي تسرّب من اللقاء الأخير بين رئيس ‏الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال الاثنين الماضي، وما نُقل ‏فيه صوتاً وصورة من رأي لعون بالحريري، بغية معرفة موقفه وردة ‏فعله، مما يمكن ان يؤدي الى استئناف الاتصالات مع رئيس ‏الجمهورية، بعد اللقاء الرابع عشر الذي جمعهما في 23 كانون الاول ‏الماضي، وانتهى الى التشنج الذي رافق رفض رئيس الجمهورية ‏التشكيلة الحكومية المتكاملة التي قدّمها قبل 12 يوماً، وتحديداً في ‏التاسع من كانون الاول الماضي.‏
‏ ‏
وعلمت “الجمهورية”، انّ الاتصالات قطعت شوطاً بعيداً تحضيراً ‏لمبادرة يقودها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ‏بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وبتشجيع مجموعة من ‏الأصدقاء المشتركين، ومبعثها تراجع “التيار الوطني الحر” في بيان ‏صدر عن مجلسه السياسي، تبع المؤتمر الصحافي لرئيسه جبران ‏باسيل الأحد الماضي، عن “فقدان الثقة”، الى دعوته الحريري لتجديد ‏اتصالاته برئيس الجمهورية من اجل استئناف الاتصالات لتوليد ‏الحكومة العتيدة في وقت قريب، وخصوصاً في ظلّ الجائحة التي ‏انتشرت بنحو شامل في معظم المناطق بتداعياتها الخطيرة.‏
‏ ‏
لا إهانة في السياسة
ويقول اصحاب هذه المبادرة، انّهم يدركون ما يعيشه محيط الحريري، ‏والذي يمكن اختصاره بكثير من الغضب من الإهانة الكبيرة تجاه ما ‏حصل. فهو يشعر أنّها ارتدت على جميع الاطراف ما عداه، وانّ التراجع ‏عنها له ثمنه في المرحلة الراهنة، نظراً الى ارتداداتها السلبية على ‏اوضاع البلاد، التي تحتاج الى حكومة في اسرع وقت ممكن، تعالج ‏الازمات التي يرزح اللبنانيون تحتها. ويؤكّد هؤلاء، انّ من الممكن تجاوز ‏هذه العقبة اياً كانت كلفتها، فليس في السياسة ما يُسمّى مستحيلاً، ‏خصوصاً وانّ الازمات التي تعيشها البلاد غير طبيعية، وانّ وضع حدّ ‏لها يبدأ بتأليف الحكومة العتيدة لمعالجتها، لأنّها بلغت الذروة، وانّ ‏التمادي في اهمالها سيقود الى ما لا تُحمد عقباه.‏
‏ ‏
الراعي
في هذه الأثناء، لاحظ البطريرك الراعي في عظة الاحد امس، انّ ‏‏”لبنان هذه الجوهرة الثمينة، بات في حالة تقويض لم نكن ننتظرها ‏في مناسبة الاحتفال بمئويته الاولى”. وقال: “انّ الباب المؤدي الى ‏طريق الحل (…) هو تشكيل حكومة إنقاذ مؤلفة من نخب لبنانيةِ، ‏شخصيات نَجحَت وتفوقت في لبنان والعالم، وتَتوقُ إلى خدمةِ الوطن ‏بكل تجرّد، وتحملِ مسؤولية الإنقاذ وترشيدِ الحوكمة. فالمطلوب من ‏رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ان يقدّما للشعبِ أفضلَ هذه ‏الشخصيات، لا من يَتمتع فقط بالولاءِ للحزبِ أو بالخضوعِ للزعيم”. ‏وأضاف: “من هذا المنطلق، سعيت شخصياً بحكم المسؤولية، الى ‏تحريك تأليف الحكومة، من أجل مصلحة لبنان وكل اللبنانيين. فلقي ‏كثيرون في هذه المساعي بارقة أمل. وكون الدستور يحدّد بوضوح ‏دور كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، تمنيت عليهما أن ‏يعقدا لقاء مصالحة شخصية تعيد الثقة بينهما، فيباشرا بغربلة الاسماء ‏المطروحة واستكشاف أسماء جديدة وجديرة، واضعين نصب أعينهما ‏فقط المصلحة العامة وخلاص لبنان، ومتجاوزين المصالح الآنية ‏والمستقبلية، الشخصية والفئوية. وفي هذه الحالة نتمنى على فخامة ‏رئيس الجمهورية اخذ المبادرة بدعوة دولة الرئيس المكلّف الى عقد ‏هذا اللقاء. فالوقت لا يرحم، وحالة البلاد والشعب المأسوية لا تبرّر ‏على الاطلاق أي تأخير في تشكيل الحكومة”. ورأى انّه “اذا كانت لنا ‏حكومة ولاء وزرائها للبنان فقط دون سواه، عندها نستطيع القول: انّ ‏فجراً جديداً اطلّ على لبنان، ولا حاجة لدعوة الى تغيير النظام، بل ‏للتقيّد به”..‏
‏ ‏
كورونا
وعلى خط آخر، تردّدت اوساط بيت الوسط عبر “الجمهورية”، في ‏تأكيد او نفي امكان ان يكون الحريري عاد من ابو ظبي حاملاً معه هبة ‏إماراتية، هي كناية عن مليون لقاح صيني ضدّ كورونا، وقالت: “انّ امراً ‏من هذا النوع لا يمكن التعاطي معه بخفة وعبر المصادر، ولا يمكن ‏الجزم به قبل ان يعلن الحريري نفسه عن هذه الهبة او اي جهة رسمية ‏اخرى. وهو لم يفاتح احداً به”. ولفتت هذه الاوساط، الى “انّ خطوة ‏من هذا النوع ليست مستبعدة. فللحريري مبادرات كبيرة وله باع فيها ‏على اكثر من مستوى، ولو بقيت علاقاتنا على المستوى الذي كانت ‏فيه قبل انقطاعها مع دول الخليج العربي لأختلفت الامور ‏والمعطيات، ولكان الامر طبييعاً جداً، وهو امر لم يفهمه رعاة الحملة ‏على دول الخليج العربي”.‏
‏ ‏
وفي غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي أمس، ‏‏”تسجيل 3645 اصابة جديدة بفيروس “كورونا” المستجد خلال الـ24 ‏ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ 21 شباط ‏الماضي إلى 252812 حالة”. وأوضحت، أنّه “تمّ تسجيل 3640 حالة ‏إصابة بين المقيمين و14 حالة بين الوافدين”، مشيرةً إلى أنّه “تمّ ‏تسجيل 40 حالة وفاة جديدة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع ‏العدد الإجمالي للوفيات إلى 1865”. وذكرت أنّ “عدد حالات ‏الاستشفاء ليوم أمس هو 2014، من بينها 744 حالة في العناية ‏المركّزة”.‏
‏ ‏
وعلى وقع إرتفاع عداد الإصابات والوفيات، عاد الحديث عن تمديد ‏للإقفال التام، والذي يشهد هذه المرة إلتزاماً أوسع لدى المواطنين ‏وحزماً أكبر من المعنيين. وفي هذا الإطار، شدّدت قوى الأمن الداخلي ‏في بيان “على ضرورة استمرار المواطنين في التزام منازلهم وعدم ‏الخروج إلّا للضرورة القصوى، كون أنّ نجاح هذا القرار في الحدّ من ‏انتشار فيروس كورونا القاتل، مرتبط بمدى احترام تطبيقه”. وحذّرت ‏‏”من عمليات الالتفاف على قرار الإقفال العام”، مؤكّدة أنّها “لن ‏تتهاون في ملاحقة كل المخالفات، وستعمل على تنظيم محاضر ضبط ‏بحق المخالفين منهم، وختم المؤسسات المخالفة بالشمع الأحمر”.‏
‏ ‏
وبدوره، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمود ‏الأسمر، اعلن عن أنّه “مع ازدياد الإصابات بفيروس كورونا المستجد ‏في لبنان، ربما يكون التوجّه الى تمديد الإقفال العام”، مشيداً بالتزام ‏المواطنين بالإقفال، حيث أنّ نسبة الالتزام “هي لأكثر من 90 في ‏المئة على الأراضي اللبنانية”، لافتاً الى أنّ ارتفاع عدد الإصابات ‏والوفيّات “شكّل صدمة كان تأثيرها إيجابيًّا ودفع الناس الى إلتزام ‏منازلهم”.‏
‏ ‏
ولفت الأسمر في مداخلة تلفزيونية، الى أنّ “هناك أياماً عدة أمامنا ‏لدرس المعطيات، ومن ثم نقرر ما اذا كنّا في حاجة الى تمديد الإقفال ‏التام، والقرار والتنفيذ هو للجنة الوزارية”.‏
‏ ‏
وفي غضون ذلك، بدأت بعض الأصوات الحكومية تنادي بضرورة ‏تمديد الإقفال، إذ كتب وزير الصناعة عماد حب الله في تغريدة له عبر ‏‏”تويتر”: “مرحلة الطوارئ الحالية تتطلب من الجميع: تمديد الاقفال، ‏والتزام الجميع او الزام دون استثناء بالإجراءات المتشددة، والغاء ‏التجمعات المنزلية…”‏
‏ ‏
‏”بيت الوسط” يحذّر
من جهة ثانية، وازاء بداية حملة تحريض تستهدف المسّ بالعلاقات ‏بين الحريري والمملكة العربية السعودية، صدر عن المكتب الإعلامي ‏للحريري البيان الآتي: “تداولت مواقع إعلامية مقالًاً للسيدين مايكل ‏ايزنر وجاك ستيل (‏Michael Eisner‏ & ‏Jack Steele‏) نشره مركز رفيق ‏الحريري ومبادرات الشرق الأوسط في واشنطن، يتعرض فيه للمملكة ‏العربية السعودية وقيادتها.‏
‏ ‏
يؤكّد المكتب الإعلامي أنّ لا علاقة للرئيس سعد الحريري بالمركز، وهو ‏يأسف شديد الأسف تحميل اسم الرئيس الشهيد أي إساءة للمملكة ‏وقيادتها، وقد تسلّمنا منه أمانة الوفاء للمملكة وشعبها، وتاريخنا ‏مشهود في هذا المجال لن تشوّهه الافتراءات”.‏

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات