سنابك المغول – سعدالله فواز حمادة

محطات نيوز – بالعودة الى تاريخ الشرق الاوسط وخصوصا منطقة ما يطلق عليه (الهلال الخصيب) والذي يضم سوريا والاردن وفلسطين واجزاء من العراق وقبرص، فقد كانت محط انظار ووجهة الكثير من الصراعات والاحداث التي غيرت وجه التاريخ.

فمن الفتوحات الاسلامية الى الحملات الصليبية وبعدها الانتدابات التي تلت انهيار الدولة العثمانية، كلها كان لها علامات فارقة في ذاكرة التاريخ.
فبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى كان وعد بلفور المشؤوم قد وضع المبضع في جسم هذا الهلال! وانتقل العصر الذي كان يجمع هذا الكيان المتجانس بوضع هجين غير متجانس مع محيطه وفصل تاريخه منذ الاف السنين!
انشاء الدولة العبرية ليس محض صدفة بل أسس له منذ مؤتمر (بازل) في سويسرا اغسطس 1897 ليكون الهدف منه تجميع الشتات اليهودي بارض الميعاد! ووضع هذا الحاجب بين المكونات التي ذكرتها سابقا، وعزل هذا الهلال الذي طالما أرق الكثيرين.

عند اختيار هرتزل لاقامة الدولة الموعودة كان الخيار اخذ الكثير من التجاذبات، فأغنياء اليهود لم تستغيثهم اولا الفكرة لعدم استعدادهم للمخاطرة بوضع اموالهم في مشروع لم تكن معالمه قد تبلورت بعد، لكن لاحقا اتى الاختيار على فلسطين وهذا ما شجع الكثير منهم على الانخراط في هكذا مشروع، مع التذكير بأهمية الجيوغرافيا والبعد الديني الذي تمثله.

هنا لا بد لنا الرجوع الى اهمية هذه الرقعة والعيون الشاخصة عليها.
فهي منبع الحضارات ومهد الاديان الثلاث التي انتشرت كالنار بالهشيم وتوسعت حتى وصلت الى اقاصي الارض.
ان البعد الديني يحكم الكثير من الاحداث في هذه البقعة فهي تخزن في جانبيها حضارات مرت وتركت أثارها على البشرية جمعاء. وهذا ما نلحظه بكثير من الاهتمام، في التركيز على الاثار وخصوصا وهي الهدف المنشود لاثبات تاريخ لطالما سمعناه في كتب ودساتير وصحف.
عند احتلال العراق كان التركيز على الاثار بشكل لافت، والتعرض لها، ان كان في نينوى ام بابل وحتى سامراء لاحقا كلها، هناك محرك اساس يعبث بتلك الحضارة.
وللتذكير فقد قامت منظمة الاونيسكو بالتحذير من استهداف الثروات هذه ووضعت الكثير من التجار والمهربين تحت الرقابة وقانون لحمايتها!
ومع ذلك رأيناها تدخل الى السوق السوداء ويفقد الكثير منها.
ان استهداف تدمر وقبلها الاثار الاشورية من قبل داعش ليست سوى استمرار لسياسة تقطيع الاذرع وطمس معالم هذا الهلال الخصيب الذي ذكرته في المقدمة، ليتثنى من بعدها تقطيع الذاكرة.
فعندما غزت جحافل هولاكو بغداد وحرقت المكاتب ودمرت المعابد واجهزت على التراث والاثار كان المغول يدركون انهم بعملهم هذا يريدون حجب كل ما يتم للحضارة بصلة، وطمس معالمها.
وهذا ما تفعله الايدي الخفية الان ومن خلال ادوات تتبتى القتل وتدمير الاثار ونبش القبور! لكي توغل مجددا وتواصل ما انتهجه المغول تحت حوافر سنابكهم…..

اضف رد

إضغط هنا

أحدث المقالات