محطات نيوز – تسعون بالمئة أو ثمانون أو حتّى سبعون كي نبتعد عن التّشاؤم ، لا بل فلنقل شريحة كبيرة من النّساء العربيّات اللّواتي يوقّعن عقد زواجهنّ والفرحة تملؤ قلوبهنّ ألا هنّ يوقّعن عقد عبوديّة لمدى الحياة بإرادتهن ويعدن إحياء الأيام الماضية لعبودية كانت.
فهي حين تتزوّج وتدخل منزلها تكون في قمّة الفرح والسّعادة ظنّاً منها أنّها وصلت إلى نقطة تحسدها عليها الكثيرات. زواج فمنزل خاص. أي: استقلاليّة عن الأهل لا بد منها ورجل تتأبّط ذراعيه وتتفاخر بأنّها الّتي حصلت عليه وليس صديقة لها … تدخل منزلها ومن كثرة فرحها ورغبتها في جعله يحبّها أكثر ويرى كم هي مفيدة ( وشطّورة ) تبدأ بتنظيف منزلها ، والإهتمام ببريق كل ما يجب أن يبرق في البيت ، والمطبخ لا يجب أن ننسى المطبخ : دائماً نظيف ، لا أوانٍ للجلي ، الطّعام جاهز حتّى ساعات قبل وصول الرّجل إلى المنزل ، ترتيب فائق على مدار السّاعة، رائحة ذكية …. ليأتي الزّوج ويسعد بهذه المرأة الكاملة الّتي تزوّج من بين نساء كثيرات . يصل ليراها بانتظاره تلبس أجمل حللها ، تستقبله بإبتسامة وجهوزيّة كاملة لخدمته من تقديم الطّعام له ثم تجهيز القهوة والإستماع إلى أخبار العمل بينما هي لا تملك ما تخبره به غير عملها: التّنظيف؛ فمسار يومها داخل المنزل يتوقّف على التّنظيف والتّنظيف والتّنظيف. آه نسيت ، الطّبخ ثمّ الطّبخ والتّرتيب ثمّ التّرتيب والتّرتيب ومسح الغبار وغسل وكيّ الألبسة … إلى ما هنالك من أعمال منزليّة قد تغفل عنها سيّدة وليس أخرى وهكذا مجموعة كاملة من النّسوة العربيات الفرحات بزواجهنّ وإستقلاليّتهنّ في منزلهنّ الزّوجيّ إلى أن يصل وقت يعيّن معه… أوه، أوه عذراً نسيت ما لا يجب أن ينسى أنّه إذا كان الزّوج غاضباً من العمل وشعر بالإستياء فهي الّتي عليها تلقّي العقاب والمشاحنات إذا كان فرحاً فهو قد يعبّر لها من خلال دعوته لها إلى الفراش على أساس أنه يعبّر لها عن حبّه فتعتقد نفسها في قمّة امتلاكها له … أمّا المضحك المبكي في هذه الصّورة أنّه حين تصحى المرأة العربيّة على نفسها وعلى إختلاف شخصيّتها أنّها كانت تجعل من نفسها ليس إلّا خادمة ، آه، آسفة الخادمة عمل كغيره من الأعمال فهي لم تجعل نفسها خادمة فقط لا بل عبدة سارت للعبوديّة برجليها، ووقّعت بكلّ سعادة على عقد عبوديّتها، وإذ تغري نفسها بأنّها في بيتها وعائلتها وللرّجل الذّي تحبّ؛ تستمع في لحظات غضبه أو نقاش بينهما إلى عبارة ” هذا بيتي ، أفعل ما يحلو لي بماً أشاء وكيفما أشاء …” عادة يكون وقع كلمة هذا بيتي هو الأصعب إذ كانت تعتقد أو تجعل نفسها تعتقد على مرّ الأيّام أنّه كلّما نظّفت البيت كلّما امتلكته، أو كلّما مسحت الغبار عن الطّاولات والكنب أصبحت لها أكثر وأكثر ، أو حتّى حين ترتّب السّرير بعد كلّ جماع, تقنع نفسها أنّها تمتلك السّرير ومن كان معها فيه ، وتأتي عبارة ” هذا بيتي” صاعقة لا مفرّ منها ولا حماية … وعلى إختلاف شخصيّتها ، أو ثقافتها أو حجمها فالمرأة العربيّة الملازمة للبيت والّتي يطلقون عليها لقب “سيّدة البيت ” نعم ، هي سيّدة البيت بلا منازع فهي متألّقة تعتني بمظهرها تبتسم عندما تلتقي النّاس ، يدعوها الآخرون للغذاء أو العشاء تعود هي لتدعو من دعاها … وهكذا دواليك فالحياة الإجتماعيّة ضمن العقد الزّوجي غنيّة جدّاً بالمواقف المختلفة …
وإذا أفاقت يوماً وقد صحت على نفسها ووعت ما قد جرّت نفسها إليه تصاب بإحباط ما بعده إحباط وتدخل مرحلة ما يسمى بالعربيّة وهوتعبير خاص بالمرأة العربية “الدّبرسة ” وما يزيد من تلك ” الدّبرسة ” أنّ الزّوج المحبوب والمعنيّ به يطالبها بحقوقه عليها إن أغفلت عن أمر ما وإن يوماً وصل ولم يكن الطّعام جاهزاً كما اعتاد منها. يوبخّها، بأيّ حقّ لا أدري ، ولكنّه يوبّخها أشدّ توبيخ. وتلي عبارة “هذا بيتي ” عبارة أخرى جدّ سخيفة: “أنا أعمل طيلة اليوم اّقلّه أن أصل وأجد لقمة آكلها ” – وإن تجرّأت واعترضت على كلامه يواجهها بقوله “هذا واحبك كزوجة “. ومن وشمها بهذا الواجب؟ لست أدري . ربّما هي نفسها يوم وقعّت عقد زواجها به أو ربّما هي بذاتها حين عوّدته العناية به ومحبّتها له ورغبتها في ارضائه. وهي تحبط من رؤيته يوبّخها وينزل بها عباراته المشينة والّتي يمنّنها بها بأنّه يعمل ليجلب للبيت حاجاته ويؤمّن لها رغباتها؛ وما تكون رغباتها الّتي يؤمّن عادة غير لائحة بالمواد الغذائيّة الّتي تنقص أو مواد التّنظيف الّتي تسرف في استعمالها …وهو يتّهمها بها أنّها المتصّرفة بأمور المنزل … وكلام وكلام ثمّ كلام … إلى أن يأتي دور الجلسة السّخرية حين يرغب بتبرير غضبه لأنّها عاتبته على كلامه الجارح والقاسي فيتكلّم ويجود بأعذار أقبح من العمل المقترف فهو ليس ليعتذر لأنّه في حالته هذه لا يعتبر نفسه مخطئاً لكنّه يحاول تهدئة الأمور ويبرّر لها بأنّه مضغوط في العمل ومتعب وهي في المنزل لا تعاني من الضّغوطات الّتي يعاني هو منها . طيّب ، فما لديها له على مدار اليوم غير أن تعدّ له الطّعام وترتّب له اغراضه وتنظّف له المنزل فهي لا تعمل مثله ولا ترزح تحت أعباء العمل ومهّمة تأمين المدخول الشّهري ( إلّا أنّها ترزح تحت عبء أنّها وقّعت على عقد عبوديّتها! آه ، عفواً عقد زواجها ). كلام وكلام وكلام لا يخفّف عنها مع تراه في الرّجل الّذي اختارته رفيق حياتها من إستغلال لها وقلّة تقدير لشخصها وعدم إحترام لإمكانيّاتها. هي الّتي اعتقدت لوهلة أنّها شريكة بما لكلمة شريكة من معنى ويأتي هو ليضعها في زاوية واجبها المنزلي بحجّة أنّها لا تعمل خارجاً ومن الّذي أنزل الواجب المنزلي عليها وعليها وحدها ، أهو قانون يقول أنّ المرأة الّتي لا ترتاد العمل ولا مدخول مادي تؤمّنه للعائلة عليها أن تؤمّن الخدمات للرّجل الّذي تزوّجته لأنّه يعيلها … أو أن تدخل فراشه ساعة يريدها لأنّه يعيلها … ولله لم اقرأ هكذا قانون إلّا في تربية الرّجل ولم اقرأ هكذا قانون إلّا في تربية الفتاة العربيّة الّتي ولو تعلّمت ، ولو تثقّفت ولو وصلت إلى المريخ حين تتزوّج وخاصة إذا لم تعمل لتؤمّن مدخولها الخاص ترزح تحت عبئ الرّجل الّذي اختارته والّذي يصنّفها ” روبوته ” الخاص الواجب برمجته على حسب احتياجاته الشّخصيّة … “
ومن جهة أخرى فإنّ المرأة العاملة ، ليست مستثناة فهي أيضاً ترزح تحت عبء تربية الرّجل العربيّ فهو لو كانت تعمل ولديها مدخولها الخاص فهو يعتبر مدخولها مدخوله أما مدخوله فهو مدخوله ويحسب لها ما تجنيه قبل أن يشاركها بما يجنيه ………